الإثنين, 19-سبتمبر-2011
الميثاق نت -     توفيق الشرعبي -
ما يسمى بالربيع العربي ألقى بظلاله على كثير من البلدان العربية ومنها بلادنا التي دفعت ولاتزال أبهظ الأثمان لربيع أقرس من الشتاء وأحر من الصيف.
أكثر من ثمانية أشهر والبلاد تغرق في حالة فوضوية مدمرة والتوترات تكاد تفجر القلوب قبل المواقف..
لا ندري ما الذي حصل للعقول اليمنية وأين رقدت الحكمة اليمانية.. فالقوى التي أصدعتنا بتحذيراتها وأقضّت مضاجعنا بهذيانها خلال السنوات الاخيرة من أن اليمن على شفا جرفٍ هار وأنها لا تتحمل حماقات أو تهورات النظام الذي يقودها نحو نفق مظلم.. تلك القوى ما أن سمعت بالربيع العربي إلا وفعّلت أحزابها وحرضت عناصرها ودفعت بصعاليكها في صفوف الشباب المطالب بحقوق مشروعة وغيرت الاهداف وكشفت عن مخططها الحقيقي الذي طالما ألبسته ثوب الديمقراطية، ونست أو تناست أن اليمن لا يتحمل مزيداً من الأزمات كما كانت تردد على مسامعنا وهي تطالب بتهيئة المناخ كشرط أساسي لأي حوار.
فأحزاب المشترك تنظر للربيع العربي على أنه فرصة تاريخية للانتقام من النظام الذي أطاح بها في عدة انتخابات وكان يمثل كابوساً أمام طموحاتها، وبالتالي سعت لاستغلال الوضع واللعب بكل الأوراق المشروعة وغير المشروعة، فبثت ثقافة المناطقية والمذهبية واستثمرت الارهاب ودعمت القاعدة وسلحت عناصرها وألبت القبائل وحرضت المغفلين وتحالفت مع المنشقين واحتوت الفاسدين ودفعت بالمرجفين في المدن وبدأت بتنفيذ مشروعها التدميري الانتقامي، فارتكبت الجرائم البشعة وقتلت بسلوكها المئات من المواطنين وشردت الآلاف من الأسر في مختلف المحافظات التي فتحت فيها جبهات قتالية أو عصابات مسلحة للاستيلاء على المنشآت الحكومية أو الممتلكات الخاصة بحجة الربيع العربي.
وبالتأكيد أن المؤتمر الشعبي العام لم يكن يتصور أنه سيدخل يوماً من الايام في مأزق كهذا »الربيع المشؤوم« وهو التنظيم الذي يتحدى بالصندوق في كل منعطف يشوبه توتر سياسي بل هو التنظيم الذي كان يلوح قبل الربيع العربي بأيام بأنه سيخوض الانتخابات البرلمانية -المؤجلة بالتوافق- حتى لو قاطعت أحزاب المشترك فبإمكانه أن يوجد أحزاباً وتنظيمات سياسية وقوى تنافسه في الانتخابات.. لم يكن الربيع العربي يوماً ما في حسبان المؤتمر كما لم يكن كذلك في حسابات المشترك وبالتالي أصبح المؤتمر يتعامل وفقاً للقاعدة الفقهية» ما لا يدرك كلُّه لا يترك جلّّّه«، والمشترك وفقاً لنظرية »إننا ما لم نكره الآخرين فلن نستطيع أن نحب أنفسنا«.
إن أزمة الربيع العربي تتجه الى نسف كل المكاسب العصرية في بلادنا وفي مقدمتها الديمقراطية وحريات المواطنين، حيث يبدو أن الخوف شمل الجميع وهذا ما يثير الفزع في أوساط المجتمع من المستقبل المجهول خصوصاً وأن الحاضر قد فرض نقاط التفتيش والاعتداء على الحريات الشخصية في كل مكان بل وصل الحد الى الاختطافات والاعتقالات ومصادرة الحقوق الخاصة والاعتداء على الممتلكات العامة، وقد تجاوز الأمر الى التجني على العلاقات اليمنية مع دول الجوار ومع المجتمع الدولي ككل.. وعلى سبيل المثال ما تشنه أحزاب المشترك من خطاب سلبي بحق العلاقات اليمنية السعودية وهذا ما ينبئ بأن الربيع العربي سيتحول الى جحيم عربي - عربي وفقاً لمخطط الشرق الأوسط الجديد.
لقد وجدت القوى المختلفة في بلادنا فرصة ليحصل كل ذي هدفٍ على هدفه.. فالقاعدة تخوض حروباً مع الجيش في أكثر من منطقة لإقامة مناطق التوحش التي وعدت بها.. والاخوان المسلمون يفتحون جبهات قتالية لإعلان إمارات اسلامية.. والحوثيون يرتبون أوراقهم من جديد لإعلان دولتهم في شمال الشمال، وكذلك الحراكيون يسعون للحصول على دعم لتحديد مصير مطلبهم وقبل كل هؤلاء يقود المشترك فوضى مدمرة للتخلص من عدوه »النظام« ومنافسه الديمقراطي المؤتمر الشعبي العام.
أزمة الربيع العربي جاءت متوافقة مع المخطط الذي كان ينوي المشترك تنفيذه، فما حدث في جامع دار الرئاسة من عمل ارهابي استهدف فخامة الأخ الرئيس وكبار رجالات الدولة كان ضمن المخطط قبل الازمة بتأكيد رئيس الدائرة السياسية للمؤتمر الذي أشار الى أن الجريمة لم تهدف الى اسقاط النظام بسرعة وإنما بقصد ضرب الوطن بأكمله وإدخاله في حالة من الفوضى لتحقيق أهدافهم في ظل الانفلات الذي سيعقب الجريمة.. وما لم يكن في حسبان المشترك ومن شاركهم في الجريمة أن عناية الله قد تحول دون تحقيق مآربهم وهو ما حصل فانكشف أمرهم وعرف الشعب حجم المؤامرة على أمنه واستقراره ووحدته.
وبالطبع هذه الجريمة خدمت المؤتمر الشعبي العام وجعلت الكثير من أبناء الشعب يلتفون حوله لحسم خيار الأمن والاستقرار والوحدة واسقاط المشروع الانقلابي.
وأسوأ ما نشهده في هذه الأزمة ليس انعدام الثقة بين المؤتمر والمشترك فقط وإنما العقاب الجماعي الذي يمارس بحق المواطنين من قبل احزاب المشترك كنوع من الضغوط بغية استفزازهم و تركيعهم ليصبوا جامَّ غضبهم على النظام وهذه مشكلة حقيقية دائماً ما تقع فيها تلك الاحزاب في مثل هذه الظروف.
وللخروج من هذه الأزمة يجب ألا يكون المؤتمر الشعبي العام أكثر تشدداً ولا يكون المشترك أشد عنفاً.. فاليمن خسر الكثير جراء هذه المواقف التي قد تقوده الى الانهيار.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-22980.htm