أحمد الجبلي* - تحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني الذي يصادف اليوم الجمعة 25 شوال 1432ه الموافق 23سبتمبر2011م ففي مثل هذا اليوم من عام 1351ه 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة بطولية حافلة قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله - على مدى اثنين وثلاثين عاماً تمكن خلالها من تجميع شتات المملكة، ليشهد التاريخ لأول مرة توحيد المملكة العربية السعودية بموجب المرسوم الملكي الصادر في 17 جمادى الأولى عام 1351ه في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية" وأن يصبح لقب الملك عبدالعزيز "ملك المملكة العربية السعودية" ثم اختار الملك عبد العزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
ومع إحتفالات المملكة غداًباليوم الوطني81 تتجدد المعاني والقيم العظيمة المرتبطة بذلك اليوم الفاصل في تاريخ الدولة السعودية الحديثة وهي تشهد تطوّرات في مختلف المجالات والمنجزات التنموية العملاقة التي شملت البنية الأساسية ومختلف القطاعات من خلال خطط تنموية ضخمة استهدفت الوطن والمواطن السعودي أولا على أساس من التحديث والتطوير المعاصر بل وامتدت خيراتها إلى مختلف البقاع من الدول العربية والإسلامية .
إلا أن الأهم من ذلك كله ما يبرز من مدى اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين بكل ما يهم الوطن والمواطن السعودي من خلال ما حققته قطاعات التنمية في المملكة من نجاح وما وصلت إليه من مستوى متقدم يمكن ملاحظتها بوضوح من خلال رصد للعطاءات والانجازات للقطاعات الحكومية والإدارات بإحصاءات وبيانات تجسدها الواقع الملموس إزاء ما شهدته من تحولات ضخمة على كافة المستويات الاقتصادية والتعليمية والصناعية والصحية والاجتماعية، إضافة إلى ما بذلته المملكة العربية السعودية من جهود متميزة في خدمة الأمتين العربية والإسلامية وترسيخ مكانة المملكة في المحافل الدولية والعالمية، بفضل الإرادة السياسية الثابتة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.
خدمة الحجاج
في هذا اليوم التاريخي من كل عام يتابع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ما سلكوه من خطوات في مسيرة نهضتها العملاقة في كافة المجالات، فعلى الصعيد العقائدي، تتميز المملكة على كثير من الدول بحمايتها وغيرتها على العقيدة الإسلامية، كما أنها قد أولت جهوداً فائقة من أجل توسعة وإعمار الحرمين الشريفين من خلال تبني مجموعة من المشروعات الضخمة التي يأتي على رأسها مشروع قطار المشاعر لخدمة الحجاج والمعتمرين.
نهضة فريدة
وعلى الصعيد العلمي والأدبي، شهدت المملكة نهضة فريدة في التعليم والاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة، تمثلت في تشجيع البحث العلمي، وبناء المدارس والجامعات، والاهتمام بالبعثات العلمية لأبناء المملكة لكل أنحاء العالم المتقدم. هذا بالإضافة إلى ما حققته المملكة من إنجازات في المجال الطبي والرعاية الصحية لأبناء المملكة، وأخذها الدائم بأسباب التقنيات الحديثة في هذا المجال، والذي تمثل في ربط مستشفيات المملكة بالمراكز الطبية والجامعية المتخصصة عبر الأقمار الصناعية على مدار الساعة، مما يسر الأمر على كثير من الحالات المرضية التي كان يتطلب تشخيصها سفراً شاقاُ وطويلاً للحصول على مثل تلك الخدمات إلى الدول الأوروبية والغربية بشكل عام.
علاقات وروابط
لم تقتصر جهود المملكة في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز على البناء الداخلي بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، فكانت سياسة المملكة الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق انطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة وهو القاعدة التي انطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها.
فقد حرصت القيادة السياسية في المملكة على مد جسور التعاون والتقارب وتعزيز الروابط مع الأشقاء العرب وتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ولم شملهم وحل خلافاتهم بالتشاور فيما بينهم والاتفاق على الأهداف الأساسية.. وعلى صعيد العلاقات اليمنية السعودية، شهدت هذه العلاقات نقلة نوعية بعد توقيع معاهدة الحدود بين البلدين في عام 2000م وقد وصف المراقبون والمتابعون المنصفون لخط سير العلاقات اليمنية- السعودية هذه المعاهدة بأنها حدث تاريخي كبير في تاريخ العلاقات العربية- العربية وفي تاريخ الشعبين والمجتمعين العربيين الشقيقين اليمني والسعودي بوجه خاص بما تحمله من بوادر ومؤشرات ومن آثار ونتائج إيجابية ظهرت معالمها تباعا وخصوصا بعد التوقيع على تلك المعاهدة لخدمة الأمن والاستقرار والتنمية في الجزيرة العربية بشكل عام وهي اليوم متطورة ومستمرة في مجال التعاون والتضامن والتكامل المتميز وتجاوزت مستوى السياسات الدنيا إلى مستوى السياسات العليا ليبرز دور المملكة الرائد عربياً وإقليمياً في هذه المرحلة خصوصاً في الآونة الأخيرة، كشقيقة كبرى تسعى للحفاظ على استقرار الدول العربية المجاورة التي تواجه ظروفاُ سياسية صعبة تهدد امن المنطقة بأكملها في ظل ما بات يعرف مؤخراً باسم "الربيع العربي"، مثلما تابعنا دور المملكة في أزمة البحرين ومحنة اليمن الراهنة.
مكافحة الإرهاب
وفي مجال مكافحة الإرهاب تعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول وفي مقدمتها تصديا للإرهاب على مختلف الصعد محليا وإقليميا ودوليا قولا وعملا.وأكدت هذا التوجه في جميع المناسبات برفضها الشديد وإدانتها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره وشجبها لهذه الأعمال الشريرة التي تتنافى مع مبادئ وسماحة وأحكام الدين الإسلامي التي تحرم قتل المدنيين الأبرياء وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان.
وفي تأكيدها لمبادئها في هذا المجال فقد تصدّت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده للإرهاب بكل قوة عن طريق تعزيز وتطوير الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وتحديث وتطوير أجهزة الأمن السعودية وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب وتكثيف برامج التأهيل والتدريب لرجال الأمن والشرطة وإنشاء قناة اتصال مفتوحة بين وزارة الداخلية ومؤسسة النقد العربي السعودي لتسهيل سبل التعاون والاتصال لأغراض مكافحة عمليات تمويل الإرهاب. وتعاونها مؤخرا مع الجمهورية اليمنية أثناء خوضها حربا شرسة مع عناصر تنظيم القاعدة في بعض مناطق محافظة أبين ودورها في فك الحصار عن اللواء 25 ميكا وهو، ما جعل فخامة رئيس الجمهورية يشيد بالدور السعودي الكبير كترجمة فعلية عن استعدادها التام لدعم الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والإسهام بفعالية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة.
وفي سياق متصل بذلك وقعت المملكة العربية السعودية العديد من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب كما صادقت على جملة من الاتفاقات الدولية ذات العلاقة.
* مدير تحرير صحيفة"26سبتمبر" |