الإثنين, 26-سبتمبر-2011
الميثاق نت -    توفيق الشرعبي -
الوضع يكاد أن ينفجر في بلادنا ليكتسح كل المناطق والأحياء، بل قد انفجر في أماكن مختلفة ولكن بشكل متقطع يوحي بالويلات للمجتمع..
أهذه هي الثورة التي استبشرنا بها تغييراً سلمياً يقودنا نحو المدنية والمواطنة المتساوية..؟! ثورة أملنا فيها أقصى ما نتمناه من عيشة آمنة واستقرار تام في مختلف المناحي و»النواحي«.. ثورة لجأ إليها المظلوم والجائع والطموح والعاطل ولكنها قبلت بجانبهم الظالم والجشع والفاسد..
ثورة ادعت إلغاء السجون الخاصة والقمع والاختطاف وفتحت سجوناً وقمعت أصواتاً واختطفت خصوماً..
ثورة هتفت بالسلمية وحاولت اغتيال النظام وبجانبه المئات وهم راكعون بين يدي خالقهم..
إنها فوضى ثائرة مستنسخة جاءت بالكوارث والآلام وخالجتها المعاصي والآثام.. نصبت العوائق وزيفت الحقائق.. فوضى تدعي السلمية ويظهر موقدوها على القنوات ليؤكدوا بأنهم سيضحون بآلاف الضحايا من أجل الظفر، وهل هناك أسمى وأغلى لدى الإنسان من حياته؟
كيف تكون الثورة سلمية إذا تقدمتها المصفحات والأطقم والمدرعات.. ومن أجاز لحماة الثورة أن يقتلوا الآخرين حتى وإن كانوا »بلاطجة«؟!
من أي منطلقٍ انطلقت الفوضى الثائرة التي يقودها »الإصلاح« وليس الشباب كما يزعمون.. هل من منطلق الثورة الإسلامية الكبرى التي قادها المصطفى صلى الله عليه وسلم بالرسائل والجنوح إلى السلم.. تلك الثورة التي قادها بالحوار مع قومه في الحديبية؟ أية ثورة استند عليها هؤلاء الأدعياء ليقتلوا قومهم واخوانهم وأقرباءهم؟
ما الهدف الذي يقدسونه- إلى درجة قتل ذوي القربى- من هذه الثورة؟ أمن أجل أن ينزعوا الحكم من شخص ليسلموه لأخيه أو ابن عمه.. أمن أجل أن ينزعوا الحكم من حاشدي ليسلموه لحاشدي.. أو ينزعوه من رجل منتخب من الشعب ليسلموه لعسكري من نفس العيار والتاريخ؟!!
أية شرعية ثورية أجازت لهم كل هذا التهور والمجازفة وأي هدف يريدون الوصول إليه فوق الدماء والأشلاء؟!!
إن مسألة الحسم التي يزعمونها وينفذونها بطريقة لا تنم عن أدنى مسئولية لن تزيد الوضع إلاّ سوءاً وستكبد الوطن الكثير من الخسائر المادية والبشرية وستستمر الملهاة التي يسمونها »ثورة« تشغل الشباب والدولة عن المستقبل الأفضل الذي كنا نعمل من أجله وفقاً للبرامج الانتخابية التي اختارها الشعب وصوّت لها في انتخابات السلطات المختلفة..
»الملهاة« الراهنة تؤكد أن مآلها إلى الفشل الذريع وفقاً لنواميس الأحداث التي تخللتها وللرؤوس التي تديرها بشيطانية حتى غدت زوبعة من الزوابع التي كدّرت على المواطنين أمنهم واستقرارهم.
الفوضى الثائرة في بلادنا لا تختلف عن الثورات التي قال عنها الكاتب المفكر عبدالله القصيمي: »كان غرضها في أنفس موقديها ينحصر في مصلحة شخصية خاصة لا تتجاوز نفس صاحبها وابن بجدتها زعيم ينقم من زعيم آخر أو يحسده على سلطة نالتها يده، فينهض مشعلاً جحيم الثورة على نده وخصمه حسداً وبغياً، أو صعاليك تهبط على أنفسهم معاني التمرد والعصيان والتوحش فيفزعون إلى الثورة فيكسون الأرض دماءً وأشلاء، لا لمعنى يزيد عن أن واحداً أو أكثر غضب لمنفعة خاصة في الغالب مادية اقتصادية«.

أليست الفوضى الثائرة اليوم لا تخرج عن هذا القول الدقيق.. أليست انتقاماً من رأس النظام بالتحديد.. أليس وراءها »حميد« الحاسد لأحمد.. أليس حاميها المنشق حقوداً على الحرس الجمهوري. أليس مثيرها »الإصلاح« الحليف الذي استغنى عنه المؤتمر الشعبي العام.. أليس وراءها الناصريون الذين فشلوا في اغتيال رأس النظام.. أليس خلفها الاشتراكي الذي أطاحت به الشرعية الدستورية في صيف 1994م.. ألم يتبنَها الفاسدون الذين همشهم النظام وحد من فسادهم..؟!
إذاً أي نجاح تنتظرون لهذه الفوضى وروح الانتقام والحسد هي من أوقدتها؟!
أي نصر تؤملون وأنتم تقودون الشباب إلى المهالك لتحققوا بدمائهم وأشلائهم مكاسب سياسية؟! وهل أخطاء علي عبدالله صالح حجة ومسوغ لما تعملونه بالمواطنين وما تفعلونه بالوطن؟
لقد فعلت فوضاكم الثائرة بالعباد والبلاد خلال أشهر ما لم يفعله الرجل طيلة حكمه- إن كان فعل كما تزعمون..
وعلى أية حال لايزال هناك بصيص من الأمل لتدارك الوضع وحقن الدماء وتجنب الدمار.. ولايزال الحوار ميداناً أفيح لمن أراد أن يكون فارساً سلاحه العقل والحكمة.. ولايزال الصندوق أقرب الطرق وأنجع الحلول للوصول إلى السلطة بأقل التكاليف..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-23134.htm