الإثنين, 26-سبتمبر-2011
الميثاق نت -      حاوره: عارف الشرجبي -
< كيف تقرأ المشهد السياسي على ضوء تفويض فخامة الرئيس لنائبه عبدربه منصور هادي للحوار مع المشترك والتوقيع على مبادرة الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي؟
- لاشك أن عملية التفويض لم تأتِ من فراغ، بل جاءت رداً عملياً على التساؤلات والطروحات التي تكاد تكون محيرة لمن يتابع الاحداث السياسية والطروحات المتباينة والمزايدات التي كادت تطغى على المنطق الموضوعي وتتجاوز حدود التعامل الديمقراطي والحوار السلمي المعبر عن مفهوم الديمقراطية وجوهرها ليس فقط في ساحتنا اليمنية وإنما في كل الساحات التي تستظل بالديمقراطية وتنتهج الحوار لمعالجة كافة القضايا الجوهرية التي تهم الوطن والمواطن بما فيها القضايا الفرعية الصغيرة داخل أية مؤسسة من المؤسسات.. ضمن هذا السياق ينبغي أن نقرأ عملية تفويض فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لنائبه ليتولى عملية الحوار مع المشترك وشركائه ويوقع على ما يتم التوصل اليه فيما يتعلق بمبادرة مجلس التعاون الخليجي والآليات المنبثقة عنها للوصول الى رؤية واضحة للخروج من الأزمة والانتقال الجاد نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية برقابة ومشاركة الاشقاء والاصدقاء الذين أبدوا استعدادهم للمساهمة في رعاية الحوار السلمي الديمقراطي وإجراء الانتخابات الرئاسية حرصاً على إنجاح المبادرة وحماية للأمن والاستقرار والوحدة اليمنية واحتراماً للدستور والشرعية الدستورية ومبدأ التداول السلمي للسلطة الذي عبرت عنه إرادة الشعب اليمني تعبيراً عملياً عبر صندوق الانتخابات في 2006م ..
هكذا أفهم بعد عملية التفويض للأخ المناضل عبدربه منصور هادي، وهكذا أفهم نوايا صاحب التفويض فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية .. مؤكداً حرصه على التواصل مع مبادراته التي سبقت مبادرة الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وحرصه الشديد على حقن الدماء وتجاوز المناكفات والخروج من خنادق التحدي الى ساحات الحوار المفتوح الحريص على اليمن أرضاً وإنساناً في حاضره ومستقبله، ويكذب كل من يعتقد أن عملية التفويض تأتي كمحاولة للخروج عن صفحة الحوار أو التنصل عن جوهر المبادرة الخليجية بل يمكن القول: إن الذين فشلوا في كل المحاولات التي استهدفت زعزعة الامن والاستقرار واغتصاب السلطة عبر الحيل والانقلاب المبرمج والمفبرك بصفحاته المختلفة، هؤلاء شعروا بخطورة الديمقراطية أمام محاولاتهم الانقلابية، فوظفوا كل ما استطاعوا توظيفه لكيل التهم والتشكيك في عملية التفويض وبالغوا في رفضهم للحوار والجلوس على طاولة مستديرة للتعامل مع المبادرة الخليجية التي فوض الاخ النائب للتعامل معها عبر الحوار المسؤول والتوقيع على ما يتم الاتفاق عليه.
مشروع انقلابي
< كيف تنظر لعملية التصعيد العسكري والسياسي من المشترك ومن معهم رغم قرار التفويض؟
- التصعيد العسكري والضجيج السياسي مرتبطان بمشروع الانقلاب المصر على رفض الحوار والقفز فوق الواقع لاغتصاب السلطة السياسية مهما كلفهم ذلك من التضحيات والعبث وتخريب الاقتصاد وتدمير كافة البنى التحتية التي يعتبرونها جزءاً من النظام السابق- كما يدعون- وبأن همهم اجتثاث النظام ومؤسساته ومنجزاته الوطنية ولهذا هناك ترابط بين رفض التعامل مع التفويض والتصعيد العسكري في أرحب من قبل الاخوان المسلمين وقبل ذلك المعارك التي حدثت في أبين التي تعاون الحراك والقاعدة والاخوان المسلمون وعناصر المشترك في مجرياتها اليومية والانقلاب على السلطة الشرعية في أبين وتشريد آلاف المواطنين الى خارج المحافظة.

إضافة الى تصعيد عمليات التمرد في الجوف ومارب وتعز من قبل عناصر المشترك والفرقة الاولى مدرع التي تناغمت تناغماً عملياً مع عملية التقطع والتخريب والاستفزازات في الحصبة وشارع الجامعة وشارع الستين برعاية الفرقة المتمركزة في »تورا بورا« جامعة الايمان، ومع هذا كله نستطيع ان نقول ان كل هذه الاعمال لا تعبر من قريب أو بعيد عن أي حرص في إيجاد مخرج أو مخارج لأزمة بلادنا ومعالجة لظروف المواطنين الذين أصبحوا تحت رحمة قناصة الفرقة الاولى مدرع والمشترك وبشكل اكثر دقة قناصة الاخوان المسلمين المزروعين في معظم احياء العاصمة اليوم سواء تغطوا بالمشترك أو بغطاء مليشيات أولاد الأحمر، فكلها توصلنا الى نتيجة واحدة وهي مواصلة التآمر على اليمن شعباً وأرضاً وتاريخاً وتجربة.



تراجيديا الشباب

< أين موقع الشباب المعتصم في ساحات »التغرير« مما يدور من تصعيد؟

- الجميع يدرك أن الشباب الذين زج بهم الى الساحات أصبحوا ضحية هذه المؤامرة سواء أولئك الذين اندفعوا الى الساحات تحت مظلة شعار التغيير رغبة وحباً في معالجة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية أو أولئك الذين أمروا بأوامر حزبية في الذهاب الى الساحات في إطار مفهوم مزدوج للحضور في الساحات الاول تلمس المشاعر التي تتفاعل داخل الساحات ونقل ذلك الى قيادات احزابهم في سياق البحث عن برامج تقود الساحة قبل البرامج البديلة لإصلاح الاوضاع السياسية بمختلف حقولها.. المفهوم الثاني الذهاب الى الساحة لاحتوائها وقيادتها وفق منظور سياسي طاغٍ يتزعمه الاخوان المسلمون، وهنا بدأ الخلاف داخل الساحات حول ما العمل وآفاق المستقبل وكيفية الخروج من تراكمات الأزمة التي فاجأت الجميع بعد لجوء الاخوان المسلمين »الاصلاح« الى العنف وتحريض عناصرهم في مختلف المحافظات للتمرد على الشرعية الدستورية ورفض الحوار ورفع شعار استلام المؤسسات الرسمية وطرد المسؤولين باعتبار ان الثورة المزعومة لا تحاور وإنما تحاكم.. هكذا تعاملوا مع الحالة، وهنا برزت الاجتهادات الفكرية والسياسية داخل صفوف اللقاء المشترك الذي يشكل حزب الاصلاح فيه قطب الرحا مستخدماً المال والسلاح والفتاوى الدينية التي أصبحت تكيل بمكاييل لا يفهمها الا الراسخون في برامج الاخوان المسلمين والاصلاح الواجهة السياسية لها.

الا أن هذه التباينات رحلت عبر التنوع في الاطروحات من المجلس الانتقالي الذي خلق ميتاً الى المجلس الوطني المسخ الى اللجنة التنفيذية التي طرحت وكأنها صورة للحكومة المستقيلة التي رسموها لهم ثم الى تشكيلات متنوعة أخذت مسلمات عدة داخل وخارج الوطن والتي تسمع ضجيجها الحاقد المنتقم عبر الفضائيات التي جندت نفسها لاطروحاتهم التي تستهدف وحدة الوطن وأمنه واستقراره والترويج والتهيئة لحروب دموية داخل كل قبيلة وربما داخل كل قرية داخل اليمن الحبيب كل ذلك كنوع من الضغوطات الداخلية على المواطن أو الخارجية للوصول الى ما وصلت اليه الحال في بعض البلدان العربية التي ما برحوا يلمحون ويدعونها للتدخل الخارجي في شؤون اليمن الداخلية.



التفاف على الشباب

< هل نفهم أن الشباب هم يافطة فقط؟

- ينبغي على الشباب ان يدرك وبالذات المستقلين والحريصين على الاصلاح الوطني العام ان برنامج »الإصلاح« تجاوز طموحاتهم والتف على مواقفهم وإرادتهم وبالتالي فقد استخدمهم وقوداً لتنفيذ مشروعه ومخططه الرامي الى اغتصاب السلطة خارج الاطر الدستورية نهراً من اطروحات الشباب وطموحاتهم التي ترى في التغيير نقلة نوعية تجدد حياة اليمن وتنمي اقتصاده وتطور برامجه التنموية وتوسع ساحة العدالة والمساواة تحت ظل الدستور والقانون في دولة مدنية يتفاعل فيها مواطنوها تفاعلاً ايجابياً من أجل البناء والتقدم يتسابقون لترسيخ دولة النظام والقانون والمؤسسات التي ترى المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات .. ولا نظلم الشباب إذ لابد من القول ان الكثير منهم قد اكتشف اللعبة وترك الساحات ولم يبق فيها الا الشباب الذين امروا بالالتحاق بها أو طلبوا عبر المال والبرامج الدينية المبرمجة والسياسية الموجهة من تعليمات امراء الخيام والجماعات الذين كانوا خير معبر عن ثورة »الإصلاح« في الساحة اليمنية وليس كما يزعمون أنها ثورة شباب وأي حديث عن ثورة الشباب أو ثورة الاجماع الوطني يصبح ضرباً من الخيال إن لم نقل اكذوبة للذين عاصروا تجربة الخوارج في عهد الإمام علي كرم الله وجهه.. أو تجربة الامويين والعباسيين فيما بعدهم.



ثورة عبثية

< وهل اختفى شعار الثورة السلمية كما يزعمون؟

- الواقع الميداني أنه لم تكن هناك ثورة سلمية منذ بداية الاعتصامات، لان الإصلاحيين دخلوا الخيام بكل اسلحتهم وان كان - كما قلنا - ان الشباب المستقل كان وجوده داخل الساحات بقناعاته الوطنية العامة بداية الأمر، فتمكنت حركة الاخوان المسلمين والمشترك ان تزج بالجميع في مواجهات غير محسوبة لدى الشباب قادت الى اعتداءات واضحة على مؤسسات الدولة كمحاولة احتلال الإذاعة وشعارهم المرفوع اليوم الإذاعة وغداً القصر الجمهوري وبعدها دار الرئاسة ، وهذه الشعارات كانت مفبركة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب لم يدركها الكثير من الشباب الا بعد المواجهات التي حدثت وتأكد لهم ان الرصاص كانت تطلق من خلف المتظاهرين على قوات الأمن المسلحة بالهراوات وهي مكلفة بحماية المؤسسات..

الثورة لم تكن سلمية بل عبثية واستمرت عبثية حتى اليوم ولما أحس قادة المشترك أن عملهم وبرامجهم باتت تستقبل بحكمة من قبل الدولة ومؤسساتها على هذا الجيل المغرر به أو المدفوع والمبرمج لجأ الى أرحب والجوف بالبنادق والتخريب للكهرباء والتقطع والسطو على ناقلات المشتقات النفطية وبالتالي أصبح من المضحك المبكي سماع شعار السلمية والأدهى والامّر أن ينتقل هذا الشعار من الصمود داخل الساحات الى الانتقال الى الحارات، فماذا يعني ذلك.. ألا يعني ذلك انتقال السلاح لخوض معارك الشوارع واستخدام النار بدلاً من حوارات العقول؟.. نحن نعتقد أن هذا الشعار خطير جداً لأنه يستهدف حرق الاخضر واليابس وتحويل صنعاء لينينجراد جديدة مع فارق الظروف والمعاني والابعاد السياسية في أفقها الدولي.. هذه هي النقطة التي يجب أن نركز على شعار الثورة السلمية التي لم نشهدها منذ بداية الازمة قبل نحو ثمانية أشهر من فوضى وليس مطالبة بحقوق والتزم بواجبات، ونحن نعرف جيداً أن قادة الحركة في اليمن أو في العالم تجزم بأن شروط الحوار ليس في قاموسها وان الثورة ليست في متناول برامجها ضمن مفهوم سياسي اقتصادي اجتماعي تربوي ثقافي بقدر ما يفهمون الثورة بأنها اغتصاب السلطة وتنفيذ برامج الحركة وصولاً الى دولة الخلافة مسقطين من حسابهم الزمن وظروفه والمتغيرات العربية والاسلامية والدولية، وهنا يقفز الى السطح تكتيك حركة الاخوان المسلمين العالمية في تعاملها مع القوى العظمى ضمن مساومة تاريخية تقود الى القبول بالتجربة التركية والباكستانية مع عدم اسقاط مشروعهم الرامي الى وجود دولة مدنية بمرجعية اسلامية متجاوزين التجربة الايرانية محاولة للالتفاف على التجربة الباكستانية والتركية من جهة والتجربة الايرانية من جهة أخرى ضمن مقولة اليوم لنا وغداً لغيرنا بمعنى المهم الوصول للسلطة.



تفهّموا الوضع

< كيف تقرأ الموقف الدولي والاقليمي من الأزمة؟

- الموقف الاقليمي ارتبط في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وجدية التعامل معها، متفهماً أهمية وجود آلية تنفيذية لكل بند من بنودها محكوماً بعملية الوفاق والاتفاق الذي سيسفر عن الحوار بين طرفي المبادرة وليس هناك شك ان المحاولة الاخيرة للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني ورفاقه أعضاء لجنة المتابعة للحوار وتنفيذ المبادرة بعد لقائهم الاخ نائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي أصبحوا أكثر تفهماً لوجهة نظر المؤتمر الشعبي العام وحلفائه فيما يتعلق بالمبادرة وآلياتها التنفيذية غير أنه من المؤسف جداً أن يقابلوا من قبل اللقاء المشترك وشركائهم بالرفض مع سبق الاصرار لعملية الحوار وقضية التفويض واكثر من التصريحات الاستفزازية عبر مختلف الوسائط الاعلامية من قبل المشترك والتي تجاوزت حدود الخلاف مع الشرعية الدستورية في المؤتمر الشعبي العام الى التشكيك في دور الاشقاء في الخليج والغمز واللمز الى موقف الشقيقة المملكة العربية السعودية.. الموقف المتميز الايجابي مع الجميع والحريص على اليمن شعباً وأرضاً ورعايته الاخوية التي حظي بها فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكل رفاقه الذين طالتهم يد الغدر والتآمر في جمعة رجب في حادث مسجد دار الرئاسة، تلك الرعاية التي ان دلت على شيء فإنما تدل على الحرص الاخوي والاهتمام باليمن الذي يشكل عمقاً استراتيجياً للجزيرة العربية والخليج والامة العربية كلها..

لقد كان الموقف الاقليمي اليوم يحاول تلمس كافة الايجابيات وتجاوز أي عوارض سلبية لإدراكهم ان الخلاف داخل الساحة اليمنية لم يعد خلافاً شخصياً بقدر ما هو خلاف بين أنصار الشرعية الدستورية بمختلف شرائحهم الحزبية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني اضافة الى إعلان مجلس قبائل اليمن موقفاً داعماً ومؤيداً للمبادرة الخليجية تحت سقف الشرعية الدستورية وداخل إطار البعد الديمقراطي الانساني الذي يمثله الصندوق الحكم ومرجع اساسي يتجاوز كل التباينات في القناعات والمواقف من هذه الزاوية، يمكن القول ان الموقف الاقليمي اليوم بات اكثر تفاعلاً مع إرادة الشعب وأكثر حرصاً على أن يوصل الجميع الى بر الأمان والحوار السلمي وقاعدة الوفاق اوالاتفاق معتمداً على قواعد باتت واضحة داخل الساحة اليمنية سواءً فيما يتعلق بالجانب السياسي بأطرافه الحزبية المختلفة أو الاجتماعية بتفرعاته النخبوية أو القبلية.

أما فيما يتعلق بالموقف الدولي فمن خلال متابعتنا نجد أن هناك تفهماً حذراً لتباين وجهات النظر بين المؤتمر والمشترك خاصة بعد أن تكشفت الشعارات والمكايدات التي كانت تكيل بمكاييل المزايدة حول وجود القاعدة وعلاقة القاعدة بالنظام كما كان يدعي المشترك كطروحات غوغائية كانت تكرس بشكل فج من قياداته وان النظام يستخدم القاعدة فزاعة، وقد أتت عملية التكامل بين الحراك والاصلاحيين وعناصر المشترك والفرقة والقاعدة في زنجبار في خندق واحد لمواجهة الشرعية الدستورية والقوات المسلحة والامن وتمردها مع بعض أطراف اللعبة في المحيط الاقليمي وخارجه لتزيل الحالة الضبابية التي كانت تحجب عن بعض الاطراف حقيقة ما يدور داخل الساحة اليمنية وعلاقة ذلك بالحوارات السياسية التي بدأت في 23 فبراير 2009م بين المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه، وهنا نستطيع القول ان التناغم والتفاهم الايجابي بين موقف المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية بدأ يأخذ منحى أكثر تفهماً لوجهتي نظر الطرفين وخاصة فيما يتعلق بالخروج من الازمة والتفاعل مع قرار التفويض في سياق التغيير والتفاهم والتفهم حول الآليات التنفيذية للمبادرة والتفاعل مع مقترحات الامين العام للأمم المتحدة الذي شارك مستشاره الاستاذ جمال بن عمر بلورة موقف الأمم المتحدة حول الآليات ولتزمين بنود المبادرة، وهذا يشكل نقلة نوعية في إطار تفهم الموقف الدولي لما يدور ويجري في الساحة اليمنية واصراره على عملية الحوار السلمي ورفض العنف بكل اشكاله ودعوة الجميع الى ضرورة التحلي بالصبر والتسامح..



ترسيخ الديمقراطية

لاشك أن هذا الموقف يشكل اليوم حجر »الدمينيو« داخل الساحة اليمنية، داعياً الجميع الى الالتزام بقاعدة الحوار وانتقال السلطة عبر تسلسل سلس لا يتقاطع مع الدستور والقوانين النافذة ومفهوم الشرعية الدستورية بكل ابعادها، وإذا كان هناك ما يجب ان نقوله أمام هذا الموقف هو ان العالم اليوم يسعى الى ترسيخ انظمة ديمقراطية واليمن واحدة من البلدان التي تبنت النظام الديمقراطي بتفرعاته واعتمدت قاعدة التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية وعملت على إقرار حرية التعبير والاعتقاد بنصوص دستورية ومواد قانونية أكثر وضوحاً، ومن هذه الزاوية نجد أن الموقف الدولي سواء موقف الكبار الخمسة في الأمم المتحدة أو الاتحاد الاوروبي بأطرافه يؤكدون على أهمية ترسيخ الديمقراطية وقاعدة التداول السلمي للسلطة واحترام إرادة الشعب والناخبين من خلال الاحتكام للصندوق هنا إذا لم يستوعب المشترك وشركاؤه هذا الموقف الدولي فإنهم لاشك خاسرون وان إرادة الشعب المدعومة الآن من قبل كل القوى الديمقراطية في العالم سوف تكون هي الأساس وهي القرار الاخير لحسم الموقف وحماية اليمن في حاضره ومستقبله أمام أية محاولات عبثية تستهدف الارض والانسان.



مفاجأة جميلة

< يحاول المشترك تشويه عودة فخامة الرئيس في هذا الوقت بالذات.. كيف ترد على ذلك؟

- شعب اليمن اعتبر عودة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عودة أمل كبير وعودة قائد غاب أكثر من ثلاثة أشهر بفعل الجريمة المرتكبة ضده وكبار قيادات الدولة في جامع دار الرئاسة، وتعتبر هذه العودة في هذا الوقت بالذات كأنها بشارة خير ومحبة من السماء .. ندعو المتخندقين لأن يخرجوا من خنادقهم الى الساحة المفتوحة يحملون الورود بدلاً من البنادق ويهيئون النفوس والضمائر للتفاعل الايجابي بين المواطنين، منطلقين من قناعة مطلقة ان هذه العودة هي بمثابة نداء للعقول كي تبدع وتقدم بدائل لما اختلف عليه الناس. وتضع خططاً تنقل الجميع الى صفحة الإخاء والتسامح والتصالح وتهيئة النفوس لنقلة نوعية يشترك فيها جميع اليمنيين ويتفاعلون معها للخروج من الكآبة التي حاول البعض فرضها على الوطن والمواطن .. هكذا نحن في التحالف الوطني الديمقراطي وكمواطنين يمنيين وكل الذين في الساحة يفهمون هذه العودة التي تعتبر عند البعض مفاجأة جميلة وإن كان البعض الآخر قد يعتبرها مفاجأة ارتبطت بقناعات هذا البعض الذي لايزال محكوماً بلغة الانتقام والتمترس ومسلكية ردود الفعل السلبي في التعامل مع قضايا الوطن وعلاقته بالشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس علي عبدالله صالح وفي كل الاحوال نعتقد أن هذه العودة هي مبادرة من مبادرات الاخ الرئيس التي حرصت وتحرص على إظهار حسن النوايا والتخلي عن لحظات الغضب وردود الفعل السلبية وعناصر الانتقام والتربص من أجل التوافق والتكامل والتآخي وانكار الذات والسمو فوق الجروح.. مبادرة العودة ينبغي أن لا تفهم بأنها مفاجأة في إطار جدلية التنافر والتباغض وإنما علينا ان نفهمها جميعاً ويفهمها ذوو العقول الراسخة في العلم.. هكذا ينبغي أن تُفهم هذه العودة ويجب على العقلاء والعلماء ان يستوعبوها ويجندوا انفسهم لجعلها عودة خير وسلام ووئام ومحبة وتسامح وتصافي القلوب والعقول حتى تصبح بلسماً لمداواة الجروح واطفاء الحرائق وتحرير عقل الانسان اليمني من الشعارات الكثيرة التي تردد بوعي أو بدون وعي .. شعارات أوصلتنا الى التخندق وسط الحارات واستهداف الابرياء وقتل النفس التي حرمها الله بشكل عشوائي بعيداً كل البعد عن كل القيم الاخلاقية.

أما الذين يطرحون في الاعلام المسرف في التهريج والمبطن للمكر والخداع .. الاعلام الذي يصف العودة بأنها للتصعيد أو مدخلاً للمحاكمة هذا هو الكلام غير المسؤول.. لا اعتقد أن له صلة بتراثنا الاسلامي أو العربي لذا على الجميع ان يعي هذه الحقيقة وهم يعرفون ان علي عبدالله صالح هو رئيس الجمهورية اليمنية بإرادة الشعب اليمني وبحكم وقاعدة الصندوق ولم يأتِ بقوة الدبابة أو الاساطيل الاجنبية، ومن هذه الزاوية فهو رئيس لليمن وللمؤتمر الشعبي العام وقائد في المجتمع، فعودته مطلوبة كي يلعب دوره التاريخي التزاماً منه بقسمه لشعبه وانسجاماً مع قناعته وإيمانه بالله الذي خلقنا جميعاً وبرسوله الذي علمنا التسامح والتغاضي ومكارم الاخلاق ويكفي ان نعلم أن الله هو القائل »فمن عفى وأصلح فأجره على الله« وأن محمداً عليه الصلاة والسلام حين قال لأهل مكة »اذهبوا فأنتم الطلقاء«، والرئيس علي عبدالله صالح هو ابن هذه الأمة وهذا الشعب وكم كان كبيراً عندما قال عدت حاملاً حمامة السلام وغصن الزيتون.. هكذا هم الكبار في شعوبهم وأممهم وأوطانهم، وعلى الجميع أن يقدر هذا الموقف وان يتفاعلوا معه بكل جدية ومسؤولية.

ولا اعتقد أن الآخرين سوف يعجزون بعد كل هذا التباسط والتسامح والتغاضي والرغبة عن تحقيق النقلة النوعية عبر تصافح القلوب والعفو والتسامح مع النفوس وتشابك الأيدي لخدمة اليمن، ونعتبر هذه العودة هي فاتحة خير لليمن واليمنيين.



بالحوار

< كيف ترى الخروج من الأزمة الراهنة؟

- ليس هناك مخرج عملي أخلاقي إنساني موضوعي للخروج من الازمة التي فرضت على الوطن والمواطن ..نعم ليس هناك مخرج الا بالحوار المبني على التجرد المرتكز على الموضوعية الصادقة مع النفس والضمير المؤمن بالآخر، المتحرر من أساليب التخندق والمناورات والتكتيكات الانانية المقيدة بحسابات فردية أو حزبية أو قبلية أو عشائرية أو أسرية، الحوار قاعدة فرضها الله علينا وأقرتها الشريعة السمحاء وجسدتها الدساتير والقوانين ورسختها المعاملات اليومية الخاصة والعامة في المجتمعات الحديثة، وحتى في المجتمعات القديمة كان الحوار هو الأساس بين المجتمع الصغير والكبير، ونحن في اليمن الحديث نجد أننا أحوج ما نكون للحوار السلمي الديمقراطي المعبر عن الحق والعرف والخير للوطن.



عوداً حميداً

< كلمة أخيرة؟

- إذا كان لي من كلمة فهي مباركتي للأخ الرئيس علي عبدالله صالح بمناسبة عودته سالماً غانماً ليشاركنا جميعاً الاحتفال بثورة السادس والعشرين من سبتمبر ونبارك لشعبنا وجماهيرنا المحتفية بالعيدين عيد العودة والعيد الـ49 لثورة سبتمبر المجيدة التي نقلت اليمن نقلة نوعية وأخرجتنا من ظلمات الجهل والتخلف وقيود الماضي البغيضة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-23139.htm