جمال عبدالحميد -
ثمة ملاحظات في غاية الأهمية نستلخصها من تقرير لجنة التجارة والصناعة في مجلس النواب أثناء تقصيها للحقائق حول أسباب شحة المعروض من السلع الغذائىة الأساسية في الأسواق اليمنية وأسباب ارتفاع أسعارها.. وربما أن أهم هذه الملاحظات.. تلك الفقرة المذكورة في التقرير بشأن شكوى وزارة الصناعة والتجارة عن عدم التزام المستوردين وأصحاب المطاحن من تقديم المعلومات الاحصائية للكميات المستوردة من مادتي القمح والدقيق هذه الشكوى اعتقد شخصياً أنها من الأهمية بمكان وهي تعني بالفصيح غياب قاعدة المعلومات الاحصائية الدقيقة التي لايرغب المستورد من الافصاح عنها لأنها ببساطة تكشف عن حقيقة مهمة تتلخص في الكمية المستوردة والمعروض منها في الأسواق اليمنية وكذا تلك الكمية المخزونة في مخابئ الخبرة وذلك في انتظار الفرصة لرفع أسعارها وجني الأرباح المهولة.. وليس بجديد عندما نقول ان هذا التستر عن الكميات المستوردة من مادتي القمح والدقيق يمنح التجار سلطة السيطرة والاحتكار ومن ثم توصيل ما لديهم من هاتين المادتين إلى الأسواق اليمنية وفقاً لمصالحهم الضيقة الهادفة إلى جني أكبر قدر ممكن من الأرباح وفي فترة زمنية قصيرة.. وهي أرباح تنحصر في عدد محدود من التجار الذين يسيطرون على الكميات المستوردة والواصلة إلى الموانئ اليمنية والتي بلغت خلال الفترة من 2006/1/1م وحتى 2006/11/15م حسب تقرير اللجنة إلى (2.074.150) طن..
هذا الرقم يفرض علينا ابتداءً قراءة تحليلية لواقع العرض والطلب عليه.. وباستعراض سريع للاحتياجات السنوية من مادتي القمح فقد تبين ان البلد بحاجة إلى (2.200.000) طن سنوياً من مادة القمح وحوالي (500.000) طن سنوياً من مادة الدقيق..هذه الأرقام تكشف بجلاء ما سبق وان أكدناه آنفاً وهو ان التجار المستوردين ينهجون سلوكاً احتكارياً غاية في البشاعة والجشع.. وهي الحقيقة الناصعة التي لاشبهة فيها.. فلغة الأرقام تؤكد هذه الحقيقة والتي تدعمها الأرقام التالية التي تبين إجمالي الكميات المستوردة من القمح والدقيق خلال العام 2005م والتي بلغت كالتالي:
- قمح (2.640.233) طن.
- دقيق (110.617) طن سنوياً طبعاً مستبعدين من هذا الرقم القدرة الإنتاجية للمطاحن المتوافرة في البلد والتي يبلغ قدرتها الإنتاجية مجتمعة حوالي (3760) طن يومياً أي ما يساوي (1.353.600) طن في العام..وبعملية حسابية لقانون العرض والطلب.. يتضح لنا ببساطة متناهية انه يفترض ان يكون لدى البلد فائض من مادة القمح في نهاية عام 2005م ومرحل إلى عام 2006م ما يساوي (440.233) طن وحوالي (964.217) طن من مادة الدقيق..
وأمام هذه الحقائق التي تتحدث عنها لغة الأرقام.. يكون السؤال الذي ينتظر الجواب لاقناع المواطن الغلبان عن مبررات ارتفاع أسعار هاتين السلعتين ونحن نمتلك هذا الفائض المرحل مضافاً إليه تلك الكميات السمتوردة خلال الفترة من 2006/1/1م وحتى 2006/11/15م والتي قدرت بحوالي (2.074.150) طن.
إننا أمام إشكالية سعرية يتحكم بها عدد محدود من »الخُبرة« ويفرضون أسعار تصاعدية متتالية لا تتناسب مع ما طرأ من ارتفاع في أسعارها العالمية، كما أنها لاتتفق مع العرض الإجمالي للمستورد منها والطلب الإجمالي من المستهلك عليها..
وباختصار.. نحن بحاجة إلى وجود ضمانات تحمي المستهلك من هذا التلاعب في الأسعار، والبداية تأتي من الحكومة التي يرى البعض أنها تتحمل كامل المسؤولية بعد ان تسرعت في تحديد مادتي القمح والدقيق، الأمر الذي انعكس سلباً على الوظيفة الأساسية والصلاحيات القانونية التي كانت تتمتع بها وزارة الصناعة والتجارة في مراقبة وضبط الأسعار في السوق اليمنية..والعهدة على الراوي وتقرير اللجنة..
مع خالص التحية..