احمد مهدي سالم -
تسع وأربعون شمعة نطفئ وهَجَها فرحاً بقدومك، وابتهاجاً باطلالتك البهية، يا سبتمبر التاريخ وفجر الثورة الأغر، الثورة الأم.. الثورة الحقيقية التي دكتْ معاقل الظلم والطغيان وأخرجت اليمن من توابيت العصور الوسطى، والتي هيأت الظروف لانطلاقة قوية، بعد عام.. من قمم جبال ردفان للثورة الوليدة 14اكتوبر 1963 لتتفجر حمماً بركانية على حكم أقوى وأعتى وأكبر امبراطورية في العالم لم تكن الشمس تغيب عن مستعمراتها.
وتواصل الكفاح السبتمبري الخالد ليقتلع جذور الإمامة، ويحرر العقول من متاهة الجهالة وينحت كوى (فتحات) في أصلب صخور الجبال لتدخل منها أشعة الحضارة وأنوار المدنية على بشاعة الموروث الاجتماعي الامامي المتخلف القابع في الوجدان.
كان العالم يرمق بإعجاب لتوثب عطاءات الشباب في مطلع الستينات وهم يحققون حلماً أخضر اللون.. باهي المحيا..بحجم واتساع مساحة الوطن وأفقه البعيد الممتد الى ما لا نهاية، وذلك بعد أن ترسخ في النفوس لأمد طويل، أن الامام ظل الله على الارض، لا يقهر ولا يستطيع أحد أن يثور عليه الا وكان مصيره ساحة الاعدام.. التي شهدت جز رؤوس أشرس وأنبل وأشجع الأبطال الذين عبّدوا الطريق بدمائهم الطاهرة بدءاً بالاربعينات وحتى مطلع فجر سبتمبر الصبي الجميل الذي قال عنه الرَّائي البردوني:
أفقّنَا على فجر يومٍ صبي
فيا ضحوات المنى اطربي
أتدرين يا شمسُ ماذا جرى
سلبنا الدُّجى فجرنا المختبي
وكان النعاس على مقلتيك
يوشوش كالطائر الأزغبِ
شيدت المدارس وشقت الطرقات وفتحت المستشفيات والمراكز الصحية والمرافق الخدمية، ودارت عجلة الاقتصاد والتنمية ووصل خير الثورة الى القرى والبوادي، وعلى جسامة التضحيات، ووعورة المسالك وقُبح الصعاب والمؤامرات، فقد جاءت الوحدة اليمنية كحدث عربي وعالمي فريد في زمن التفتت والتمزق والتشرذم بقيادة المقدام المشير علي عبدالله صالح لتتحقق الآمال الحبيسة في الصدور، ويفرح اليمنيون في الداخل والخارج وكل محبي اليمن، حيث تهاوت الحدود المصطنعة والحواجز الوهمية وأعيد للحمة اليمنية تماسكها وقوتها، ودائماً في الاتحاد قوة وفي تراص الجهود.. انتصار على دعوات التشرذم والفرقة وانطلاق واثق الى آفاق المستقبل الجميل.
إيه يا سبتمبر الخالد والشامخ شموخ عيبان وشمسان.. كم هتف لك الشعراء وشدا بك المغنون وتفحص تاريخك الدارسون، فكنت الابتسامة الجميلة على شفاه الزمان اليماني الذي تناسل انتصارات عظيمة وأمجاداً خالدة.. آخرها سفر الوحدة الرائع.
غنى لك أيوب طارش من كلمات الفضول بأداء جميل أخّاذ:
أنت يا سبتمبر التاريخ
يا فجر النضالِ
ثورة تمضي بإيمان
على درب المحالِ
ثورة تقضي على الظلم
تأتي بالمحالِ
سبتمبر التاريخ ألفت القلوبا
وتوحدنا شمالاً وجنوبا
وأياً كانت التحديات، فالفرح يزغرد في القلوب وسفينة الوحدة تعودت مصارعة الامواج العاتية لتشق طريقها وتصل الى مرافئ السعادة رافعة بيارق النصر لأنها ما وجدت الا لتبقى.. ومرحى لك يا سبتمبر في ذكراك العطرة التاسعة والأربعين.
آخر الكلام :
لو أنِّي حَلَلْتُ ربوع نجمٍ همْمت به الى اليمنِ الوثوبا
محمد محمود الزبيري