الإثنين, 26-سبتمبر-2011
الميثاق نت -   فيصل الصوفي -
الثورة هي تغيير وضع قائم أو اقتلاع نظام قائم وإحلال محله نظام آخر، وهذا التغيير قد يكون إلى الأفضل أو إلى الأسوأ، ولكي يكون التغيير إلى الأفضل فإن الثورات الحقيقية تضع لها أهدافاً تقدمية تجذب الجماهير نحوها وتعطيهم أملاً بأن القادم سيكون الأفضل من السابق والقائم.. وثورة 26 سبتمبر 1962م التي قادها تنظيم الضباط من هذا النوع من الثورات التي اسقطت نظاماً إمامياً متخلفاً كرس التخلف في كل مجال، وأتت بنظام جمهوري، فأول أهدافها هو إقامة نظام بديل مختلف وهو النظام الجمهوري، وباقي الأهداف معروفة تذكر الصحف الرسمية الجمهور بها صباح كل يوم، ربما لأنها لاتزال مشروع عمل أو برنامج إلى اليوم.. والثورة اليمنية حققت انجازات لا تنكر في مجال الرعاية الصحية والتعليم وتحسين الظروف المعيشية لمعظم السكان، وكذلك في المجالات التعليمية والصناعية والتكنولوجية، أما التقدم في المجال السياسي فلم يحدث إلاّ بعد الثورة الثالثة «الوحدة اليمنية» وفي المجالين الثقافي والاجتماعي ينبغي الاعتراف بأن الحال على ما هو عليه منذ كان مع تغير غير جوهري في الغالب.
وفي كل المجالات لم يحدث تغيير جذري أو ثورة داخل كل مجال، فما تحقق في هذه المجالات هو بفعل مجاراة العصر، فقد اصبح معظم السكان متعلمين، تخرجوا من المدارس والجامعات ومع ذلك فهذا التعليم لم يحدث أثره في الواقع ولا سلوك ومواقف الأفراد، الذين يتصرفون اليوم كما كان يفعل أجدادهم، وهذا مجرد مثال واحد وقس على ذلك المجالات الأخرى باستثناء المرتبطة بالجوانب المادية والصناعية والتكنولوجية، فالشيخ مثلاً يقتني أفخر الاثاث واحدث السيارات ويتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات أو المعلومات، ولكن من الناحية الثقافية ونمط التفكير لا يختلف عن اسلافه الأوائل كثيراً..
كان ولايزال يلزمنا مشروع أو ثورة في المجالات التي يتوقف عليها احداث التأثير في المواطن لكي يتغير ويتزود بالقدرة على التغيير، وبالخصوص ثورة ثقافية وثورة اجتماعية، ولكن ذلك لم يتم ولايزال بالامكان اتمام ذلك.
ان ما يسمى اليوم بالثورة التي نشاهد تفاعلاتها هذه الأيام هي بمثابة ثورة مضادة للثورة اليمنية، يمكننا قول ذلك دون شعور بالتجني على ما يسمى «الثورة الشبابية الشعبية»، خاصة بعد ان انخرطت فيها القوى التقليدية العسكرية والقبلية والإسلامية ووظفتها لصالح أهدافها، فما يسمى اليوم بالثورة الشبابية الشعبية هي ثورة للتغيير نحو الأسوأ، ثورة لتمكين العسكر والقبيلة والأسر المشيخية ذات الارتباطات العصبوية والتجارية، إلى جانب تمكين المشروع «االمتطرف» المرتبط بأسوأ تقاليد الماضي واشكال العنف والاستئثار والاستئصال، هذا فضلاً عما أوجدته هذه الثورة من ظروف ملائمة لانتعاش التعصب المناطقي والقبلي وظاهرة الإرهاب وتدمير العقول وإثارة الانقسامات الاجتماعية..
ثورة وظفت بعناية لخدمة أولئك الذين طالما اعتقدوا ان الحكم في اليمن يجب أن لا يخرج عن دائرتهم، بعد أن كانت الثورة اليمنية، وبالخصوص الوحدة اليمنية، قد انهت هذه النزعة الفئوية من خلال نظام ديمقراطي أو دولة مدنية، كما وظفت أيضاً لخدمة مشروع الحكم الإسلامي أو الدولة الإسلامية التي رفضها الثوار الحقيقيون قبل أكثر من أربعة عقود.. ولذلك لانرى حرجاً في وصف المحاولة الجارية اليوم بأنها ثورة مضادة للثورة اليمنية.


تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-23159.htm