محمد علي سعد -
الحرية والكرامة والديمقراطية كلها مفاهيم انسانية يجمع خلق الله على أهميتها وأهمية وجودها في حياتهم.. وحتى تكون حراً وذا كرامة فهذا يعني بالضرورة أن تكون ديمقراطياً، ومن أجل أن تكون ديمقراطياً حقيقياً فلابد أن تعرف أن الانتخابات هي حجر الزاوية في القضية الديمقراطية.
عزيزي القارئ كان لابد من هذه المقدمة المختصرة من أجل الولوج الى فحوى موضوعنا الذي نتحدث فيه اليوم عن واحد من أكبر التحديات التي تواجه الحياة الديمقراطية واهمها الموضوع الانتخابي وتحديداً الانتخابات الرئاسية.
كلنا يعرف أن الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد قد بدأت في دورتها الاولى في 22 سبتمبر 1999م وكان طرفاها كلاً من علي عبدالله صالح عن المؤتمر الشعبي العام ونجيب قحطان الشعبي مستقل وانتهت بفوز فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، فيما جرت الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بعد سبع سنوات كما جاء ذلك في القانون وفي الدستور، وقد جرت الانتخابات الرئاسية في 20 سبتمبر بين كل من فخامة الاخ علي عبدالله صالح، وفيصل بن شملان- رحمة الله عليه- وفي هذه الانتخابات جرت منافسة شديدة بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك الستة يومها وقفت جماهير شعبنا اليمني الى جانب فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وأعطته صوتها وقلبها وثقتها ومنحته الفرصة كاملة ليفوز على بن شملان، وعلى أولاد الاحمر ممثلاً «بالغير حميد» الطامع والجائع بكل سلطة وأية سلطة.. كما استطاع فخامة الأخ علي عبدالله صالح ان يفوز على أحزاب المشترك وعلى كل الجهات التي تدعمها من خلف الستار وكان الاتفاق على ان نذهب كشعب الى صناديق الاقتراع في سبتمبر 2013 - 2020م الا ان الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن كما قال الشاعر.. فما الذي حصل بعد ذلك؟
ما الذي حصل؟
الذي حصل بعد ذلك أن الاخ محمد البوعزيزي من تونس كان قد اشعل النار في روحه وقرر أن يكون شهيداً - رحمة الله عليه- وبتلك الشرارة اشعل البوعزيزي النار في ثياب العديد من الأنظمة العربية وتحديداً في مصر وليبيا.. الخ، أما الوضع في اليمن فقد كان يعيش أزمة من نوع خاص، ونقصد ان الازمة اليمنية مردها ان الحزب الحاكم والمنتخب ديمقراطياً من قبل الشعب هو من يتقدم بالمبادرات ويقترح الاصلاحات ويسعى للتغيير خدمة للمصالح العليا للشعب وأولهم الشباب، لكن الازمة كانت داخل صفوف المشترك وأولاد الاحمر وجماعة الشباب الذين رفضوا المبادرات الثمان المقدمة الواحدة تلو الاخرى من فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ومن المؤتمر الشعبي العام، من أجل إخراج البلاد من أزمتها التي كانت ولاتزال محصورة برفض وتعنت وتصلب مواقف المعارضة التي رفضت وترفض الاصلاحات .. في حين نجد أن بلداناً عربية «حفت» المعارضة حتى تشققت قدماها من كثرة سعيها وراء حكوماتها لتنال أقل حقوق من الممكن ان تنالها من تلك الحكومات.. أما التجربة في اليمن فهي غير ذلك لأن المؤتمر كان ولايزال هو قائد التغيير والتحديث.. التجربة في اليمن غير لأن الشعب الذي خرج تأييداً للرئيس ولسياساته كان أكبر وأكثر من الذين خرجوا يطالبونه بالتنحي أو الرحيل..
التجربة في اليمن غير لأن الشعب الذي أعطى لفخامة الرئيس صوته في الانتخابات أعطاه ثقته بعد الانتخابات وأعطاه روحه طائعاً حين تعرض الرئيس والمؤتمر لتحدي إخراج أولادنا للشوارع في محاولات متواصلة لجر البلاد الى حرب أهلية أو حتى الى دائرة الاقتتال الدامي بين أبناء ثورتي سبتمبر واكتوبر وأحفاد هاتين الثورتين، لكن وبفضل حنكة الرئيس وحكمة الشعب وصبر المؤتمر سقطت محاولات احزاب المشترك للنيل من وحدة بلادنا وشعبنا وأمننا واستقرارنا .. الخ.
التجربة في اليمن غير، لأننا شعب واحد لا طوائف ولا ديانات ولا قوميات ولا أقليات.. الخ.. لذا فإننا في اليمن وفي ظل قيادة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام ممنوع التشرذم .. ممنوع الانفصال.. ممنوع التشظي.. ممنوع المغامرات.. لهذا كله سقطت كل مؤامرات زج اليمن في أتون حرب أهلية دامية..
قلنا إن التجربة الديمقراطية في اليمن غير، لأن القائد والرئيس هو رجل ديمقراطي ورئيس لنظام وطني ديمقراطي وكرامة الانسان وحرياته وحقوقه مصانة بالدستور والقوانين وقبلهما مصانة في شرف الدولة وشرف رجالها.. لهذا التجربة غير فلا اليمن تونس ولا مصر ولن تكون مثل ليبيا ولا يمكن أن تتشابه مع سوريا.. اليمن غير.
هذا زعيمنا فهاتوا كل رجالكم
قلنا وكتبنا أكثر من مرة في موضوع أحقية من يكون رئيساً لليمن؟ قلنا وكتبنا أن البلاد ديمقراطية والتجربة الديمقراطية تقوم على الانتخابات العامة والمباشرة الحرة والنزيهة ومثلما في البلاد انتخابات لاختيار المجالس المحلية ولنواب الشعب في الانتخابات البرلمانية، فإننا كشعب كنا ننتظر سبتمبر 2013م لانتخاب رئيس للدولة.. ولكن وبسبب الازمة التي أدخلتنا فيها أحزاب المشترك ومن لف لفهم منذ أكثر من تسعة أشهر وحرصاً من فخامة الرئيس على استقرار حال العباد والبلاد فإنه قرر ان يتنازل عن حقه في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس منتخب ديمقراطي حر ومباشر من قبل الشعب.. قرر أن يتنازل عن حقه من طرف واحد وقبل بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة قبل العام 2013م لاختيار رئيس للبلاد للدورة الجديدة وهذا التنازل هو إعلان جديد من قبل الرئيس بأنه زاهد عن الرئاسة لا طامع فيها.
والحقيقة ان المبادرة الرئاسية الاخيرة والتي قضت بتفويض فخامة الرئيس لنائبه الاخ المناضل عبدربه منصور هادي التوقيع على هذه المبادرة والتي لو تلقفتها أحزاب المشترك ايجابياً وتعاملت معها بشكل صحيح لخرجنا من هذه الازمة ولأنقذنا البلاد والعباد.
فالمطلوب من الاخوة في احزاب المشترك ما يلي:
أولاً: أن يحددوا موقفاً صريحاً وواضحاً من مبادرة الرئيس.
ثانياً: أن تسحب أحزاب المشترك كل أعضائها وأنصارها من الساحات في عموم محافظات الجمهورية لأنه من غير المقبول أن تقبل أحزاب المشترك الخوض في مبادرة الرئيس نظرياً وتعمل ضدها ميدانياً.
ثالثاً: أن توقف احزاب المشترك علماءهم وخاصة جماعة حزب الاصلاح والحق عن إصدار فتاوى النضال والاستشهاد في قتالهم مع قوات الشرعية وكأننا كفار قريش.
رابعاً: ان تبدأ أحزاب المشترك باطلاق أكثر من إشارة إيجابية لإنهاء الأزمة التي تعيشها البلاد منذ تسعة أشهر وهذه الاشارات الايجابية لو حصلت سترفع من نفسية الشعب وحقه في الاستقرار.
خامساً: على أحزاب المشترك أن تعد العدة لاختيار مرشحها في الانتخابات الرئاسية القادمة من الآن بدلاً من أن تدفع بأي (متقاعد) أمام مرشح المؤتمر فيسقط في الانتخابات ويعودون الى اختلاق الازمات من جديد.
والخلاصة ان فخامة علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية هو قائدنا وان شاء الله هو مرشحنا لو قبل، فهاتوا رجالكم لان رئيسنا وقائدنا وأبانا معروف للقاصي والداني، فهاتوا رجالكم جميعاً ولنجرب بعضنا بعضاً..قلتم ان هناك (17) محافظة تتبع شباب الثورة وأحزاب المشترك.. (17) محافظة تتبعكم، بمعنى ان أصوات اناسها ستكون لكم ولمصلحتكم فهذه فرصتكم للفوز!!
قلتم ان هناك اكثر من ثلث القوات المسلحة قد انضموا اليكم، فهيا ادخلوا معنا في انتخابات نجدد فيها حياتنا السياسية ونختار فيها الرئيس القادم للبلاد ولا شيء غير ذلك.
ما بقي الآن؟!
ما بقي الآن هو أن نستمع جيداً لصوت العقل والحكمة.. ان نستمع جميعاً الى صوت الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي قال: جئت حاملاً غصن الزيتون بمعنى جئت عائداً لبلدي حاملاً لكم السلام والأمان والحرية والديمقراطية والنوايا الطيبة .. جئتكم من أجل أن أخرجكم من عتمة الخلاف وظلمة الخلافات الى سماء من الضوء والنور والتبصر.. ما بقي علينا الآن هو أن نلتف حول بعض وان نسرع بخطوات انهاء الأزمة وحقن دماء أبنائنا من الشباب وغيرهم .. علينا ان نسرع في الجلوس الى طاولة حوار نحل كل مشاكلنا وان تتضافر جهودنا خدمة للمصالح العليا لليمن وأولها في نظرنا هو تحسين مستوى حياة الفرد.. نحتاج اليوم لإسكات أصوات المدافع والدبابات ورصاصات القنص ومغامرات القفز الى كرسي السلطة من بوابة دماء الشباب والرجال والشيوخ والنساء وحتى الاطفال.. علينا اليوم أن نفهم ان الديمقراطية والحرية كلها من أجل آدمية الآدمي وان الانتخابات هي حجر الزاوية في الحياة السياسية للبلاد..
لا حل لنا سوى الانتخابات، والالتزام الصارم بنتائجها هذا هو الحل والمخرج من الأزمة الحالية والبقية تأتي.