الإثنين, 26-فبراير-2007
محمد‮ ‬الجرادي -
منذ سنوات ليست بالقليلة.. ومطالب إشاعة ثقافة التسامح والولاء الوطني والوحدة الوطنية تكرر نفسها كمطالبات فحسب والجميع يطالب.. بمافي ذلك مثقفون أو مؤسسات أو هيئات رسمية وخاصة.. لكن أن يأخذ أحدهم زمام المبادرة في الفعل فهذا لم يحدث..
تظل‮ ‬المطالبات‮ ‬هي‮ ‬المطالبات‮.. ‬ويحدث‮ ‬أن‮ ‬تطالب‮ ‬المؤسسات‮ ‬نفسها‮.. ‬والمثقفون‮ ‬أيضاً‮!!‬
> وإذا كانت المؤسسات الحزبية السياسية فشلت في تحريك شيء يستحق الذكر بهذا الخصوص.. عدا ماهو على النقيض من ثقافة التسامح والولاء الوطني والوحدة الوطنية في معظم الأحيان.. فإن المؤسسات الرسمية وخصوصاً المؤسسات الثقافية والإعلامية ذات الاضطلاع بمهام التوعية والتثقيف ونشر المعرفة.. هي الأخرى تراوح في العجز عن تقديم مشروعات ذات أبعاد ثقافية وفكرية مساهمة في تشكيل الوعي الوطني وإشاعة ثقافة التسامح ونبذ العنف والكراهية والتحريض على شق الصف الوطني وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية.. وهي كلها تشكل خطراً حقيقياً على القيم‮ ‬الثقافية‮ ‬والإنسانية‮ ‬والهوية‮ ‬عموماً‮..‬
> الغريب في الأمر ان المؤسسات الثقافية رسمية كانت أو خاصة تدرك خطورة مايحدث من محاولات إثارة الفتن عبر أفكار منحرفة تناهض القيم الثقافية والوطنية وتقف في مواجهة التحديث والتقدم المنشود.. كما تدرك مسؤوليتها في مواجهة هذه الأفكار عبر مشروعات قادرة على كشف حقائق زيف دعاوى الفتن وتأصيل قيم الولاء الوطني والوحدة الوطنية.. والدينية أيضاً.. لكنها للأسف الشديد تبقى أسيرة مناشط وفعاليات ليست من صميم ما يحتاجه المشهد.. وليست من أولويات الواقع المعيش، علاوة إلى أن هذه المناشط أو الفعاليات لاترتقي إلى مستوى العمل المؤسسي‮.. ‬وهذا‮ ‬ما‮ ‬كشفه‮ ‬تقرير‮ ‬التنمية‮ ‬البشرية‮ ‬للعام‮ ‬2004م،‮ ‬وعزا‮ ‬تدني‮ ‬وتدهور‮ ‬العمل‮ ‬الثقافي‮ ‬في‮ ‬البلاد‮ ‬إلى‮ ‬غياب‮ ‬المؤسسية‮ ‬الثقافية‮ ‬أو‮ ‬مأسسة‮ ‬الفعل‮ ‬الثقافي‮.‬
إجابة‮ ‬معروفة‮!‬
> واتساقاً مع ما تفرضه الأحداث التي تمر بها البلاد وتجدد محاولات فرض ثقافة العنف والكراهية والفوضى.. والاصرار على إشاعة ثقافة اللاوطنية واللاوحدة واللاهوية أيضاً.. لابد أن نتساءل مجدداً أين هو دور المؤسسات الثقافية الرسمية أولاً.. والأهلية ثانياً؟!
ولعل الإجابة تكاد تكون واضحة فلا أثر يمكن اعتباره شاهداً على فعل حقيقي في هذا الاتجاه، بالرغم من أن السنوات الماضية.. الأخيرة على الأقل- كانت كافية للتعامل مع بدايات هذه الأحداث وأفكارها وتأثيراتها الثقافية بصورة تجعلنا نقف على مقدمات ممكنة من مشروعات تتطلب‮ ‬مواصلتها‮ ‬وتطويرها‮.‬
> احداث الفتنة والتمرد وعناصرها الإرهابية ومعهم دعاة ومؤججو الفتن والتمزق الوطني يكشفون عن خطر حقيقي لابد لسلاح الفكر والثقافة والأدب أن يضطلع بمهمة المواجهة الفاعلة، وإلاَّ فهو في نهاية المطاف لايقل خطورته عن خطورة تلك الأفكار الهدامة والمنحرفة التي تستهدف‮ ‬هويتنا‮ ‬الوطنية‮ ‬والدينية‮ ‬وقيمنا‮ ‬الحضارية‮ ‬والإنسانية‮.‬
‮> ‬ولاتكفي‮ ‬بيانات‮ ‬التنديد‮ ‬والاستنكار‮ ‬تجاه‮ ‬هذه‮ ‬القضايا‮ ‬المصيرية‮.. ‬فالبيانات‮ ‬لن‮ ‬تكون‮ ‬فاعلة‮ ‬ما‮ ‬لم‮ ‬يدعمها‮ ‬ويساندها‮ ‬فعل‮ ‬ملموس‮ ‬وواقعي‮.‬
> والملاحظ أن أمانة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين سبقت المؤسسة الثقافية الرسمية في إعلان موقفها.. عبر بيان أصدرته بشأن أحداث الفتنة الطائفية والمذهبية والأعمال الإرهابية التي تنفذها في بعض مديريات صعدة..في حين وزارة الثقافة ينبغي أن تكون قد توافرت على شروعات عمل موجهة حتى الآن.. لمواجهة ثقافة الفتنة.. العنف والإرهاب بدلاً من أن تجد نفسها أمام مطالبات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ونادي القصة (المقة) في بياناتهما- بتوظيف إمكانات الوزارة في أنشطة حقيقية ترتبط بحاجة الوطن إلى تعميم ثقافة التسامح والوحدة الوطنية‮ ‬والولاء‮ ‬الوطني‮ ‬بدلاً‮ ‬من‮ ‬الأنشطة‮ ‬التي‮ ‬وصفها‮ ‬الاتحاد‮ ‬بأنها‮ ‬هامشية‮..‬
‮»‬الأدباء‮« ‬و‮»‬المقة‮«‬
البيان‮ »‬المشترك‮« ‬أكد‮ ‬دعم‮ ‬اتحاد‮ ‬الأدباء‮ ‬ونادي‮ ‬القصة‮ ‬لبسط‮ ‬سلطة‮ ‬الدولة‮ ‬وفرض‮ ‬هيبتها‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬أجزاء‮ ‬اليمن،‮ ‬ورفضها‮ ‬لأي‮ ‬تمرد‮ ‬مسلح‮ ‬مهما‮ ‬كانت‮ ‬دوافعه‮..‬
وأشار البيان إلى أن المعارضة المشروعة التي تستحق الاحترام هي المعارضة التي تسلك الطرق السلمية في التعبير عن رأيها في سياق العملية الديمقراطية المستندة على أن السلطة حق للشعب وان الوصول إليها يتم عبر آليات العملية الديمقراطية وصندوق الانتخابات وليس عن طريق اشهار‮ ‬السلاح‮ ‬في‮ ‬وجه‮ ‬مكتسبات‮ ‬الشعب‮ ‬الوطنية‮ ‬ومؤسساته‮ ‬وقواته‮ ‬المسلحة‮.‬
وطالب‮ ‬البيان‮ ‬بإحالة‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬تسبب‮ ‬في‮ ‬إراقة‮ ‬دماء‮ ‬اليمنيين‮ ‬إلى‮ ‬محاكمة‮ ‬عادلة‮.. ‬داعياً‮ ‬كل‮ ‬المغرر‮ ‬بهم‮ ‬من‮ ‬عصابة‮ ‬الحوثي‮ ‬إلى‮ ‬تسليم‮ ‬أسلحتهم‮ ‬للدولة‮ ‬منعاً‮ ‬لتكرار‮ ‬الفتنة‮ ‬وحقناً‮ ‬للدماء‮.‬
ونقلت مواقع الكترونية مطالبات عدة من المثقفين اليمنيين في بيان لهم وزارة الثقافة بالتفرغ لصناعة ثقافة السلام والمحبة ونبذ العنف وتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ المذهبية كبديل للأنشطة الهامشية للوزارة التي لاتمت إلى الثقافة بصلة حد وصف البيان.
> وبقدر تفاعل اتحاد الأدباء ونادي القصة في بيانهما المشترك تجاه هذه القضية.. بقدر ما أخفقا في ايضاح ما الذي يمكن فعله على الصعيد الثقافي والفكري لمواجهة الفتنة، إلى جانب ايضاحهما لحدود إمكاناتهما في الاضطلاع بمهام المواجهة باعتبارهما كيانين ثقافيين ضمن كيانات‮ ‬ثقافية‮ ‬تزخر‮ ‬بها‮ ‬البلاد‮.‬
> وهذا يعني أن ينتظر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كأعرق مؤسسة ثقافية مدنية بيانات مماثلة تطالبه بتوظيف جانب من إمكاناته لمواجهة ثقافة الفتنة، وتوظيفها في أنشطة ثقافية حقيقية ترتبط بحاجة الوطن إلى تعميم ثقافة التسامح والوحدة الوطنية والولاء الوطني!
> نأمل أن لايكون الأمر كذلك.. قد أملنا في أن تكون المبادرة هي سيدة الموقف، فإذا كانت وزارة الثقافة عجزت- وهي عجزت فعلاً- في الخروج بمشروع واحد على الأقل يعطي دلالات اتجاهها في هذه المهمة.. فلا يعني أن تتنصل المؤسسات الثقافية الأهلية من أدوار رسمتها لنفسها،‮ ‬أو‮ ‬تعمد‮ ‬إلى‮ ‬تغييب‮ ‬أدوار‮ ‬تفرضها‮ ‬حاجة‮ ‬الوطن‮ ‬والإنسان‮.‬
تذكير
‮> ‬ومن‮ ‬باب‮ ‬التذكير‮.. ‬فإن‮ ‬وزارة‮ ‬الثقافة‮ ‬معنية‮ ‬بالالتفات‮ ‬قليلاً‮ ‬إلى‮ ‬مشروع‮ ‬كانت‮ ‬تستعد‮ ‬اطلاقه‮ ‬في‮ ‬العام‮ ‬2005م‮ ‬وكانت‮ »‬الميثاق‮« ‬حصلت‮ ‬على‮ ‬بعض‮ ‬تفاصيله‮ ‬ونشرت‮ ‬وقتها‮ ‬الموضوع‮ ‬بصيغة‮ ‬تمهيدية‮..‬
وعموماً فإن المشروع يتضمن إصدارات ثقافية وكتيبات موجهة، فضلاً عن تكريس فعاليات وأنشطة.. لعرض وبحث ومناقشة القضايا التي تفرض نفسها في اتجاه معاكس كثقافة السلام والتسامح والكراهية والعنف والتطرف والإرهاب.. وغيرها من القضايا ذات المدلول العميق بالولاء الوطني والثقافة‮ ‬الوطنية‮..‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:30 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-2327.htm