محمد انعم -
شهدت الايام الماضية تداعيات جديدة في جهود حل الازمة السياسية وازدادت الاوضاع تعقيداً في ظل استمرار متطرفي المشترك محاولات الحسم عسكرياً وارتفاع سقف الفتوى والتحريض وممارسة الارهاب وتنفيذ معارك تجريبية مثل احتلال مجلس الشورى على أساس أنه دار الرئاسة.. وبالفعل نجحت المليشيات الارهابية في تحقيق أهدافها وخلال ساعات استولت على المجلس ونهبت ودمرت ودخلت (غرف النوم) كبروفة أولية لتحقيق مخططهم الانقلابي المعلن..
والتطور المؤسف الآخر هو التحول في طبيعة المواجهة، حيث بدأ الانقلابيون يقصفون مناطق جديدة ليس بمدافع »الهاون« وصواريخ »لو« وغيرها، بل بعربات تتحرك الى الحارات مثل شيراتون وشعوب وسعوان وغيرها وينفذون من خلالها مهامهم ويعودون أدراجهم سالمين..
كما بدأوا بتكديس أسلحة في بعض المنازل بمنطقة حدة وينشرون عناصرهم فيها استعداداً لساعة الصفر.. وبالمقابل ظلت قوات الشرعية في مواقف لا تحسد عليها فقد توالت عليهم لجان التهدئة وألحقت بهم المزيد من الهزائم النفسية لإجبارهم على مغادرة متاريسهم التي لم يصلوا اليها الا بعد سقوط العديد من زملائهم الابطال شهداء برصاص أولئك المجرمين.. في الوقت الذي تظل مليشيات الفرقة والاصلاح وعصابة أولاد الأحمر تتوسع.. وتتعامل مع دعوة رفع المتاريس بزيادتها، ومع دعوة رفع المسلحين باقتحام المزيد من المنازل والصعود والتمترس في أسطحها استعداداً لمواجهات جديدة..
هذه الأساليب أوجدت إحباطاً لدى الشارع اليمني ارتفع الى مستوى لم يصل إليه منذ بداية الأزمة، كما انعكست تلك الاعمال على حياة اليمنيين بشكل عام، فهناك طابور خامس مازالوا يعملون ولم يقدموا استقالاتهم وهم السبب وراء تفاقم الوضع وتدهور الخدمات الى أدنى مستوى عجزت معه الحكومة عن القيام بدورها، ليضاف ذلك الى خيبة أمل المواطنين الذين يدفعون غالياً ثمن المواجهات في الحصبة وغيرها مع استمرار عدم تحقيق أي تقدم في الجانب السياسي.
مراقبون أعربوا عن مخاوفهم من انعكاسات إحباط الشارع وتفاقم معاناة الناس والتي قد تخلط الاوراق وتلغي أي دور مستقبلي للاعبين السياسيين بتحرك شعبي قد يجر البلاد الى واقع آخر.. خصوصاً بعد أن وُجد من يطلق إشاعات هنا وهناك بأن ما يحدث خلاف شخصي وسوف »يسد« أولاد الأحمر، والضحية الشعب.. وزاد المرجفون بالقول: إن الرئيس لا يريد أن يضحي بأحد من أولئك المتمردين.. وأمام هذه الحملة المرعبة وبث مثل هذه الاشاعات المغرضة، هناك حاجة الى تحرك سريع لتفعيل القانون وفرض هيبة الدولة لأن السكوت عن اعمال التخريب سيجعل المؤتمر الشعبي العام وقيادة الدولة يجدون انفسهم بعد فترة وقد صارت البلاد مجرد خرائب وأطلال تنعق فيها الغربان.. ولعل ما يزيد المخاوف هو عدم جدية المشترك في الوصول الى حل سلمي للأزمة، حيث إن أي توصل لاتفاق لتنفيذ المبادرة الخليجية سيتعارض مع الاجندة التي يسعون الى تحقيقها، ولعل أبرزها ذلك المطلب الذي تقدم به أمين عام الاشتراكي ليتوقف الحوار بعد أن كان قد اتفق المؤتمر والمشترك على أكثر من 85٪ من آلية تنفيذ المبادرة الخليجية.
إن الرهان المؤتمري ربما يسير في اتجاه حسن النوايا التي لم تثمر مع المشترك منذ اتفاق فبراير 2009م الا المزيد من البلاء والبلايا على الشعب والوطن والديمقراطية والتعددية.. واليوم لا مخرج للبلاد الا بالتمسك بالشعب ووقف ما يتعرض له من حرب جائرة وحقن دماء اليمنيين، فلا يعقل أن يترك النظام البلاد تدمر ويهلك المشترك الحرث والنسل وتتوقف الحياة، والمؤتمر ينتظر موافقة المشترك على الحوار وهو يدرك يقيناً أن المشترك يرفض الحوار ويسعى الى انتزاع السلطة بالقوة، فها هو يرفض اليوم رئاسة الحكومة وعينه على رئاسة الجمهورية بعد أن ظل يطالب برئاسة لجنة الانتخابات طوال سنوات خلت..
ولعل التنازلات التي مازال المؤتمر يقدمها هي السبب وراء اصرار المشترك على حل الأزمة عسكرياً.