الإثنين, 31-أكتوبر-2011
بليغ الحطابي -
الشيء الوحيد الحسن في الأزمة الراهنة التي تستفحل يوماً بعد يوم هي الخشية أو الخوف الذي يستبد الجميع سلطة ومعارضة، من أن ينزلق اليمن إلى حافة الهاوية.. لكن حقيقة الأفعال مغايرة تقود تجديفياً إلى ذلك المصير المهلك.. الذي تحذر منه المنظمات الدولية.. ولعل أقرب مثال ينتظره اليمن - حسب التوقعات الدولية.. هو النموذج الصومالي الذي عصفت به إرادات الاقتتال والتناحر للاطراف المتنازعة على الحكم.

بالنظر إلى الاحداث والتطورات اليومية للأزمة السياسية (الدموية) في اليمن لا اعتقد أن شيئاً ما ينقصنا لتتحول الى صومال جديد، أو لانتقال النموذج الصومالي الدموي لليمن سوى تلك الحالة من الخشية والخوف على المستقبل المجردة، كما هو واضح من الافعال التي تنتفي معها كل المظاهر العبثية والانتقامية العدوانية الظاهرة اليوم أمامنا على أكثر من شكل وأمام المجتمع الدولي.. وتهدد الأمن والاستقرار.. والتي كان بالامكان إنهائها بتحول بسيط دون اللجوء الى مجلس الامن أو الى التدويل الذي زاد الطين بلة.
> وحسبي أن حساسية الغرب والموقف الدولي من الاوضاع في اليمن وخشيته من حالة التطور والجريان السريع لدوامة العنف فيها ووقوفهم الى جانب الحوار وتأييدهم للتفاهم والاتفاق وتحاشي انهيار اليمن وإنهاك مقوماته التاريخية والحضارية.. هي ما أغاظت أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك ورفعت من وتيرة عدائهم وعدوانيتهم للشعب كله وإعلان حالة التصعيد «المشترك» في تصريحات الناعق باسم الاخوان المسلمين محمد قحطان بالهجوم على المعسكرات والمباني الحكومية وتوجيه سهام حقدها الدفين لإفنائهم من الحياة وإفساح المجال أمامها للسيطرة والسطو على السلطة والبطش بكل مقدرات البلد ومكوناته.. كما أن ذلك الموقف الدولي تجاه اليمن تاريخياً وحضارياً يتجلى مما يحتله هذا البلد الديمقراطي على خارطة العالم كبوابة للجزيرة العربية وعلى خط الملاحة العالمية، والاستراتيجية والامكانات والثروات الكامنة في باطن وظاهر أرضها، وأبرز تلك الثروة هي الثروة البشرية التي بإمكان أو من السهل استمالتها ومسخ أفكارها وعقولها كما يجري في بعض الحالات من قبل تنظيم القاعدة الذي يحاول مستميتاً فرض سيطرته ومحاولاته لإقامة إمارة له في أسوأ امتداد له في اليمن من خلال توغله في بعض المحافظات والمناطق جنوب البلاد.
< اليوم يتجدد ذلك الاهتمام التاريخي الغربي باليمن في ظل صراع المصالح عبر القرار رقم (2014) الصادر من مجلس الامن لحلحلة الازمة اليمنية والوصول الى طريق واتفاق تسوية يجنب اليمن الصراع القادم الذي يعد له الحلفاء والشركاء قبل الخصوم والاعداء..
وبالرغم من عدم اتفاق الغابية العظمى على التدويل غير أن هذا القرار كان متزناً ومتوازناً في تعامله مع الأزمة التي تعصف باليمن واليمنيين، كما قال - فحث الحكومة والمعارضة على سرعة التوصل لاتفاق سياسي على اساس المبادرة الخليجية.. فلم يتجاوز أحد ولم يقفز على المعادلة السياسية الموجودة فأعطى كل ذي حق حقه من الاطراف المتنازعة .. وحذر في أكثر من عبارة ونص من المستقبل الكارثي المنتظر إذا لم تتفق الاطراف في المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه .. وتطرق وحث على قضايا كنا نتمنى أن تكون المعارضة في المشترك أكثر حرصاً في تعميقها في نفسها اكثر من الاجنبي والدول التي صوتت على القرار الأممي الحريص على أمن ووحدة واستقرار اليمن.. وهو ذلك المبدأ «الحرص والمسؤولية الوطنية» التي تفتقد اليه هذه المعارضة البلهاء التي أرادت تغيير الإرادة والقناعة الدولية في استصدار قرار مغاير لما تم ولما هو موجود في الواقع والذي لا يكاد يترسخ في عدد من المواقف والتعاملات والقضايا الوطنية التي أبرزت تجاهها قدراً أكبر من اللاوطنية واللامسؤولية والعدمية، وبشكل أوضح عمالة وارتزاق.. فهي تعدٍ.. لا مبالاة للأوضاع التي تمر بها البلاد والمطالب اللاموضوعية واللامنطقية التي بإمكانها أن تجر البلاد الى ما لا يحمد عقباه، وعدم اكتراثها ايضاً بالمآل والمصير الذي سبق وحذرت منه منظمات دولية وهو صوملة جديدة..
> يمكن لنا إثبات ذلك من خلال قراءة سريعة لأحداث اليوم وحالة العدائية البارزة للرموز الانقلابية وأهدافهم العدائية ونزعاتهم الشيطانية ونفوسهم الشريرة المتعطشة للدماء والقتل والدمار عبر التزامهم بخيار التصعيد الثوري.. كما تسميه كخيار أوحد يرفض تماماً وىئد دعوات الطرف الآخر «السلطة» والحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام» للحوار والتحاور والاتفاق على آلية وبنود تحقق أهداف الطرف المعارض المتزمت والرافض وايضاً عدم استجابتهم للخيارات السلمية الديمقراطية والادوات التي تؤمن انتقالاً سلمياً للسلطة وفق المبادرة الخليجية التي سبق التوقيع عليها والموافقة على نصوصها من قبل الطرفين «المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه».
لكن الواضح والجلي وانطلاقاً من المواقف السابقة لقوى المعارضة في المشترك ان اختراق الهدنة بعودة القصف على الاحياء السكانية والمواطنين الابرياء والآمنين في منازلهم ومحلاتهم التجارية التي أعلنتها لجنة التهدئة هو اختراق للقرار الأممي الذي طالب بضبط النفس والتخلي عن العنف وأساليب القتل والدمار..
فنجد فلول هذه المعارضة بعد أن سعوا لتدويل الأزمة يقولون اليوم إن مجلس الأمن والمجتمع الدولي ليس معولاً عليهم لأنهم لم يقفوا في صفهم فهم يؤيدون النظام ويتواطأون مع الرئيس علي عبدالله صالح..
> إذاً قرار مجلس الأمن بتلك الصيغة التي لم تعجب فرقاء المشترك، أعلن نهاية مشروع المشترك وموت خياراته التصعيدية لكنه في الوقت ذاته منحهم شرعية وجودية تفرض على الدولة ايجاد حل سلمي بعيداً عن العنف والدماء التي تسفك..
> المجتمع الدولي قال كلمته والدولة والحكومة قالت كلمتها بالترحيب الصريح والواضح للقرار ودعوة المشترك من جديد للحوار.. لذا على المشترك والقوى السياسية والوطنية فيه أن تقول كلمتها وألا يتركوا الوطن لعبة «سخيفة» في أيدي ثلة من المارقين والمتمردين الحاقدين..!!

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-23745.htm