بقلم/ أ.د. صالح علي باصره -
شهد التعليم العالي في اليمن تطوراً ملحوظاً.. نشأت جامعة صنعاء في العام 1970م مقاربة لنشأة جامعة عدن.. ولم يتجاوز عدد الطلاب حينها ثلاثمائة طالب وطالبة في الجامعتين.. (7-10) أساتذة جامعيين كان عدد أعضاء هيئة التدريس من اليمنيين حينها ولم يتجاوز هذا الرقم في أكثر الأحوال.. فيما كان بقية الأساتذة عرباً.. > اليوم.. (7) جامعات حكومية وأكثر من (10) جامعات وكليات مجتمع أهلية وخاصة كلها خرجت من تحت عباءة جامعتي صنعاء وعدن. > اليوم.. (240) ألف طالب وطالبة في الجامعات الحكومية.. إلى جانب (35) ألف طالب وطالبة ملتحقين في الجامعات الأهلية والخاصة. (1400) عضو هيئة تدريس في جامعة صنعاء لوحدها، ونفس العدد تقريباً في جامعة عدن إلى جانب مايزيد عن (600) طالب مبتعث عن جامعة صنعاء للدراسة في الخارج لنيل الماجستير أو الدكتوراة حالياً. > وزارة التعليم العالي لم تكن موجودة.. لا في عدن.. ولا في صنعاء..، بعد الوحدة نشأت، لكنها ألغيت.. ثم عادت مرة أخرى للعمل كحقيبة وزارية في العام 2001م.. أكثر من (7) آلاف طالب يدرسون الآن في (46) دولة ابتعثوا عن طريق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتحضير برامج البكالريوس والماجستير والدكتوراه.. ما يربو عن (5) آلاف موظف وموظفة يعملون الآن في الجامعات اليمنية.. جامعة أخرى في طريقها للإنشاء وهي جامعة عمران لتنضم إلى مجموعة الجامعات الحكومية.. > الناحية الكمية تمت.. والحاجة ملحة بل وماسة لإيجاد التطور النوعي.. ينبغي التأكيد أن الفرص لم تعد متاحة كما كانت.. (180) ألفاً مخرجات الثانوية العامة في الوقت الذي لاتقبل فيه الجامعات سوى (60-70٪) فقط.. ما يعني أن مالايقل عن 60٪ من متخرجي الثانوية العامة لايقبلون للدراسة في الجامعات. > ينبغي الاهتمام بالنوع ولن يكون تطويره إلاَّ بـ: - إعادة النظر في التخصصات الجامعية بحسب الحاجة، ومعرفة ما إذا كنا في حاجة لكل هذا الكم من التخصصات الموجودة أم لا. - أن لاتكرر الجامعات بعضها البعض.. بمعنى أن تهتم جامعة تعز مثلاً بالهندسة وحضرموت بعلوم البحار والنفط وتهتم جامعة صنعاء بالطب والعلوم الصحية والعلوم الإدارية، وأن تهتم جامعة عدن بالأحياء والعلوم الإدارية والعلوم البحرية.. أما جامعة ذمار فتهتم مثلاً بموضوع الزراعة وهندسة السدود والطب البيطري..، فيما تهتم جامعة الحديدة بالتربية الفنية والبدنية وعلوم البحار. > لدينا (87٪) من التخصصات في العلوم الإنسانية والاجتماعية وفي حدود (13٪) في العلوم الطبيعية والتطبيقية، وبالتالي لابد من إعادة النظر في التخصصات حتى نخلق نوعاً من التوازن بين العلوم الإنسانية والعلوم التطبيقية وهذا الأمر يحتاج إلى إمكانات ومبانٍ ومختبرات. > في مسألة الهرم التعليمي فإن المستوى وبكل تأكيد ليس كما نطمح إليه- مع الإشارة إلى جهود جيدة المستوى- ذلك أن ثمة مشكلة في التعليم العام تنتقل إلى الجامعة.. ومن انتقل إلى الجامعة ضعيفاً يبقى ضعيفاً.. ويتخرج كذلك.. والكارثة أن يتخرج ليكون مدرساً ليكرر الضعف في دائرة من الضعف!. > الآن أي حل لموضوع النوع لن يكون فقط عن طريق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منفردة.. يجب أن تتعاون الثلاث الجهات المسئولة عن التعليم في مختلف مستوياته.. التعليم العام في مراحله الثلاث بحاجة إلى إعادة نظر أولاً في برنامج الدراسة.. هل يواكب التطور العلمي والمعرفي في العالم؟.. لم تعد الآن أمية أبجدية.. ولكنها أمية كمبيوتر.. نحن في عصر الثورة العلمية والمعرفية.. فإذا لم تجدد أنت معلوماتك خلال 24 ساعة تصبح أمياً!.. وبالتالي لتدريس الطلبة عبر الـ(CD) أو نظام الـ(Data show) أنت بحاجة لتأهيل المدرس لإكسابه المقدرة على التعامل مع الكمبيوتر.. أنت بحاجة أيضاً لتعيد النظر في مسألة المباني المدرسية: (70-80) طالباً في الصف الدراسي لايتاح لهم فرصة للتعلم أو تلقي المهارات لا نقل اكتسابها.. لابد من إعادة النظر في مسألة الفترتين الدراسيتين: الصباحية والمسائية فالتلاميذ يجسدون في ظاهرة الفترتين علب الـ(ساردين) تتحرك..، و(Recorder) يسمعون ويغادرون حين الـ(12) ظهراً لتأتي الدفعة الأخرى بعدهم!.. > ينبغي تنمية مواهب الطلاب.. فالتلميذ ليس كائناً يحفظ ليرمي كل ما حفظه على الورق.. المطلوب إذاً معالجة نظام الثانوية العامة.. هل الثانوية العامة مناسبة الآن لتقييم الطلاب؟!.. وهل نظل على نظامنا القديم الأدبي- العلمي؟! - من المفترض أن نهيئ الطالب للجامعة.. ليس من خلال النظام (الأدبي- العلمي) ولكن من خلال سنتين أخيرتين يتحدد فيهما اتجاهه.. > نظام التعليم: الهرم نفسه.. هرم غير صحيح!.. الآن الكل يذهب بعد الإعدادية إلى الثانوية وبعد الثانوية الكل يحزم أمتعته للالتحاق بالجامعة!.. ذلك ما يحتم إعادة النظر في الهرم نفسه.. لماذا؟ - (240) ألف ملتحق للدراسة حالياً في التعليم العالي غير أن عدد الطلاب الدارسين في معاهد التعليم الفني والمهني لايتجاوز (15) ألف طالب.. وهنا تبرز انعكاسية الهرم.. فـ(180) ألف طالب وطالبة المتخرجون من الثانوية العامة كان ينبغي بل ويحتم للضرورة استيعاب عدد كبير منهم في معاهد التعليم الفني وكليات المجتمع بدلاً من الانهمار أفواجاً صوب الجامعات وبعشرات الآلاف سنوياً!! إنها مشكلة أربكت محدودية إمكاناتنا الجامعية في كل المستويات.. وهذا الخلل الحاصل دائماً ماتعاني منه الدول النامية.. فالعدد الكبير من مخرجات الثانوية العامة إزاء ذلك يخرجون بالشهادة.. صحيح.. لكنهم يجدون أنفسهم أمام سوق عمل هم فيه غير مهيأين للعمل، فهم تخرجوا من الثانوية العامة مهيأون للدراسة الجامعية.. لكنهم لايملكون مهارات بل مواداً نظرية تهيئهم للجامعة ربما ولكن ليس لسوق العمل.. ومن ثم فإن هذا العدد الكبير من الطلبة المتخرجين من الثانوية العامة يشكون البطالة.. وبالتالي تزايدها مع مرور الوقت تتزايد معها نسبة الفقر وما يترتب جراء ذلك من أعباء ومشاكل اجتماعية واقتصادية.. > في الجامعة.. تكرر المشكلة ذاتها!.. وبالمثل فإن العملية بحاجة إلى إعادة النظر: هل تدرس الجامعات النظري فقط أو النظري والمهارات؟! - المهارات ضعيفة: مثلاً القاضي يتخرج من كلية الشريعة.. لكنه غير قادر على أن يؤدي حكماً شرعياً.. أيضاً هو غير قادر على أن يؤدي مهام المحاماة!.. مهندس متخرج من الهندسة الميكانيكية ومع ذلك هو لايستطيع إصلاح سيارته مثلاً..! لماذا كل هذا؟ - الافتقاد للمهارات وعدم وجود الجانب التطبيقي العملي!.. > التعليم منظومة متكاملة.. استراتيجية التعليم العالي.. استراتيجية التعليم الثانوي.. واستراتيجية التعليم الفني والمهني.. ينبغي تنفيذها في تنسيق مشترك لا في عزلة مشتركة.. > لابد أن يكون ثمة علاقة بين الثلاث الوزارات.. لا أن يكون ثمة فواصل.. فالأسماء عدة لوزارات التعليم غير أن المهام والهدف واحد في كل الأحوال.. > وأخيراً وليس آخر.. في تنفيذ برنامج فخامة الرئىس علي عبدالله صالح الانتخابي ما يكفي لضمان مستقبل تعليمي أفضل. ❊ وزير التعليم العالي والبحث العلمي