اسگندر الأصبحي -
باع الشيخ علي ثابت الحكمي الشيخ سعيد للفرنسيين بمبلغ أربعين ألف ريال..!! كانت قناة السويس التي تبنت فرنسا شقها قد افتتحت في 1869م وهو العام الذي سعت فيه فرنسا حثيثاً لكي تجد لها في الطرف الجنوبي من البحر الأحمر موقعاً حاكماً يوازي موقع عدن الذي كان الاستعمار البريطاني قد تمكن من السيطرة عليها قبل ذلك التاريخ بثلاثين عاماً.. فما كادت بريطانيا تعلم بما جرى بين الشيخ علي ثابت الحكمي والفرنسيين اللذين ابتاعا منه جبل الشيخ سعيد المطل على باب المندب لصالح حكومتهما حتى فعلت المستحيل لمنع فرنسا من أن يكون لها هذا الموقع.. كانت قناة السويس قد أكسبت البحر الأحمر أهمية إضافية حيوية اختصرت المسافات بين الشرق والغرب وسهلت التجارة وخفضت كلفة النقل البحري.. فيما اشتد التنافس الاستعماري على السيطرة والنفوذ والتحكم في هذا الممر المائي.. تمكنت بريطانيا بالتنسيق مع الباب العالي الدولة العثمانية.. من إسقاط بيعة الشيخ سعيد لفرنسا التي وجدت الأخيرة أيضاً عدم جدوى منطقة الشيخ سعيد كميناء ترسو عليه سفنها للتزود بالفحم والمياه والغذاء.. واستغرب الشيخ علي ثابت الحكمي من ادعاء الدولة العثمانية بأن الشيخ سعيد من أملاكها بعد ان سقطت بيعته..!! > > > لم يكن في تلك الفترة وما تلاها من عقود من وجود للدولة اليمنية القوية.. كان هناك مشائخ وأئمة وسلاطين يتهافتون على عطايا الاستعمار البريطاني أو العثماني.. يدور الزمن دورته فيتساقط الاستعمار وتتهاوى وتندرس الإمامة والمشيخات والسلطنات.. وتنهض الدولة الوطنية الموحدة.. تقلبت الدنيا على أحمد الجمال وقد صحبها طويلاً ومازال يحكي بسخرية مريرة انه ظل مدة غير قصيرة في غربته الأولى لايعرف أنه يمني.. فقد غادر قريته ذات فجر من سنوات الخمسينيات بعد أن أنهكت مظالم الإمامة الأهالي الذين لم يعد لديهم ما يسد رمقهم، فما يزرعونه كان يستولي عليه عمال الإمام.. كانت وجهته جيبوتي يقول: كثيراً ما كان يوجه لي وأنا في جيبوتي سؤال.. أنت من اليمن؟.. وكان ردي دائماً: »لا.. فوق قليل..«.. كنت أجيب بصدق وببراءة.. فأثناء سفري في الغربة الأولى مررنا بمنطقة اسمها »غيل اليمن«.. هي التي ترد إلى ذهني عندما كان يسألني أحد هل أنت من اليمن؟ فأجيب بصدق وعفوية.. لا.. فوق قليل.. ولم يطل بي أمد هذا الجهل طويلاً.. فقد كان لاحتكاكي بالمغتربين الذين سبقوني وبعض الذين لديهم قدر كبير من الثقافة ان وعيت ما أنا عليه.. وما عليه شعبنا كله.. وما علينا جميعاً أن نغيره.. تأخذ النشوة الحاج أحمد الجمال اليوم و هو يصغي بسعادة لأحد أحفاده الصغار وهو يتغنى أمامه بالنشيد الوطني اليمني.. يتذوق جمال معانيه ويستشعر عمق قيمه ومدلولاته.. مفهوم المواطنة تتجلى قيمة »المواطنة« في أرقى دلالاتها في نشيدنا الوطني.. انتماء وولاء لليمن وثوابته الوطنية.. ومنه: عشت إيماني وحبي أمميا ومسيري فوق دربي عربيا وسيبقى نبض قلبي يمنيا.. لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.. تجسدت الدولة الوطنية.. وفي سياقها يتجلى المجتمع الوطني الذي يقوم على إرادة العيش المشترك بين أبنائه.. وتحقق النظام الديمقراطي في اليمن الجديد.. الهوية الوطنية.. المواطنة.. الوحدة الوطنية.. النظام السياسي.. كل هذه المفاهيم انتظمها دستور الجمهورية اليمنية ونظمها.. وهي ما تحكمنا جميعاً.. فاليمن دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.. والمواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات.. والشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة.. ويقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف التداول السلمي للسلطة.. لاجدال في أن هذه المنظومة الدستورية أصبحت تتجلى في واقع حياتنا تطبيقاً وممارسة لها.. ولكن ثقافة »المواطنة« وهي موضوع نقاشنا في هذا المقال- كيف تبدو اليوم في الوجدان العام؟ لابد في البداية من أن نقف على مفهوم المواطنة كما استقر في الفكر الإنساني المعاصر.. فباختصار.. فإن المواطنة تعني ذلك الشعور بالانتماء والولاء للدولة والوطن.. بحيث تسقط عنده الولاءات أو الانتماءات الصغرى.. وهذا هو جوهر الديمقراطية.. حيث الانتماء أو الولاء للدولة وليس لجماعات أولية أو ثانوية كالقبيلة أو الطائفة أو المذهب.. الخ.. وارتبط هذا المفهوم بنشأة الدول الوطنية الحديثة وتطورها.. وقد أصبح تعبير المواطنة جزءاً من ثقافة اجتماعية سياسية مثلما صار جزءاً من نظام سياسي يقوم على الدستور، ودولة وطنية تقوم على السيادة الوطنية، وحقوق وواجبات ينتظم فيها المواطنون.. الفراغ الطبيعة ضد الفراغ.. ودائماً ما يستدعي الفراغ من يملؤه.. وهو كذلك في الفكر والسياسة أيضاً.. مسألة الفراغ السياسي استلفتت الأخ الرئىس علي عبدالله صالح منذ وقت مبكر، فكيف تعامل مع هذه القضية؟ في التوطئة التي قدم بها وثيقة »الميثاق الوطني« الدليل النظري للمؤتمر الشعبي العام (عام 1982م)، يوضح الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام هذه القضية.. يقول: »منذ ان ألقت الأقدار على كاهلي حمل أمانة قيادة الأمة وجدت نفسي مشغولاً بجملة من الهموم التي كان في مقدمتها خطورة ترك الساحة خالية من فكر وطني.. وفي فراغ سياسي، نظراً لأن ذلك الفراغ كان يشكل ثغرة لا نأمن معها من تسرب أفكار الآخرين برمتها على ما في ذلك من مخاطر.. ولكم كان يحز في نفسي رؤية مجاميع من أبناء اليمن تمزقهم الخلافات الطاحنة جراء الانحياز لهذا الفكر الدخيل أو ذاك، بل لكم كان يشق عليّ أكثر ان ينتهي التأثر الفكري ببعضهم إلى حد أفضى إلى التبعية لجهات دولية، والتخلي عن ولائهم الوطني لليمن أرضاً وشعباً.. حيال ذلك عنَّت لي فكرة الدعوة إلى وضع ميثاق وطني يستمد روافده ومضامينه من تاريخ وتراث شعبنا وواقعه ومصالحه وطموحاته، ومن انتمائه الديني والوطني، والقومي وعقيدته الراسخة ليصبح دليلاً نظرياً يجمع بين الأصالة والمعاصرة في توازن دقيق لايخل بضرورة التمسك بهويتنا اليمنية والعربية والإسلامية.. ولايلغي حقنا في الأخذ بالمشروع من أسباب الحضارة والمدنية، بما يكفل لنا تحقيق التقدم والرقي والتطور وصولاً إلى حياة أفضل، ومستقبل زاهر للشعب وكان لابد لمثل هذا الميثاق من التأكيد والتوكيد على مبادئ وأهداف ثورتنا.. والاستهداء بحصيلة تجاربنا الوطنية بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب الآخرين فيأتي متكاملاً، ويكون شاملاً قدر الإمكان.. ومع ذلك لم يقتصر تصوري للميثاق المنشود اذ ذاك على أن يكون دليلاً فكرياً فحسب وإنما ليكون كذلك بمثابة عقد اجتماعي بين مختلف الفئات الاجتماعية وقوى وشرائح شعبنا لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي تعزيزاً للوحدة الوطنية حتى تتضافر الطاقات والجهود من أجل بناء اليمن الجديد يمن الوحدة والمستقبل الزاهر.. واتساقاً مع ما سلف جاء »الميثاق الوطني« ليؤكد من ضمن ما أكد عليه على أن »ظروفنا الواقعية، واحتياجاتنا الوطنية، وما يمليه منطق الثورة الذي يجب ان يهيمن على جهودنا المتواصلة وتجاربنا محددين معالمنا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بصورة أوضح واعمق انطلاقاً من أهداف الثورة، وتحقيقاً لطموحات المجتمع في التطور والتقدم« ولما كان أي فكر يصبح هلامياً وبعيداً عن استيعاب حقائق الواقع الحاضر ولم يستقر رأي متطلبات المستقبل إذا لم يقم بفرز التجارب الوطنية، ويستفد من تجاربنا ويستفد من تجارب الآخرين فقد نص »الميثاق الوطني« على أنه »لابد لنا أن نستفيد من تجاربنا وتجارب الآخرين من خلال دراسة موضوعية لتلك التجارب ومعرفة الآثار السلبية لنزيلها ونتجنبها، والآثار الإيجابية لنقويها ونطورها«.. وتكمن عظمة »الميثاق الوطني« في أنه لم يكن حصيلة جهد فردي او نخبة اجتماعية، وانما كان نتاج جهود جماعية مضنية اشتركت فيها مختلف القوى والفئات الاجتماعية والشخصيات الوطنية عبر ممثلين عنها انفقوا في اعداد مشروعه امداً ليس بالقصير.. ناهيك عن اسهام آخرين من ذوي الكفاءة والمقدرة في مراجعته ريثما تم التوصل الى صيغة نهائية مقبولة من الجميع بعد سلسلة من الحوارات الوطنية الجادة بروح ديمقراطية.. وإثرئذ جرت عملية الاستبيان الشعبي عليه ليصبح بعد اقراره وثيقة اجماع وطني سجلت بذلك سبقاً في تاريخ العمل السياسي منذ فجر الحركة الوطنية في اليمن. وعليه يمكن القول إن »الميثاق الوطني« يشكل ضمانة للحيلولة دون الانحراف نحو هاوية الارتهان الفكري.. وصمام امان ضد محاولات الاستلاب السياسي الخارجي..«. الانسان والوطن لذلك فإن الميثاق الوطني قد خصص الباب الثاني منه لمسألة العلاقة بين »الانسان والوطن« حدد فيه رؤيته الفكرية لــ»الولاء الوطني« والمعايير التي تحكم هذه القيمة ورؤيته لــ»الوحدة الوطنية« و»الوحدة العربية« ولم يغفل »الديمقراطية« حيث العلاقة ترابطية بين المواطنة والديمقراطية. حيث جاء في »الميثاق الوطني« ان: »الولاء الوطني مبدأ شريف لاينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية أياً كان شكلها او نوعها«.. ففي ظل الولاء الوطني يتمكن الشعب من التفاعل والتلاحم الطبيعيين، انطلاقاً من تمسكه بأهداف الثورة اليمنية ومن شعوره بالانتماء الى وحدة اجتماعية متماسكة متميزة بالعقيدة الاسلامية تتحقق فيها الممارسات الديمقراطية البناءة والحياة الحرة الكريمة. يوضح »الميثاق الوطني« رؤيته لــ»الولاء الوطني« باعتباره عقيدة تتجسد سلوكاً والتزاماً بمعايير الولاء الوطني والتي لخصها على النحو التالي : < المعيار الاول : ويتمثل في الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله، باعتبار ذلك قمة المصلحة العليا للوطن، وعقيدته واي تبعية خارجية مادية او فكرية او التزام تنظيمي يعتبر خيانة واضراراً بمصلحة الوطن العليا، واخلالاً بالولاء الوطني. وهذا بالطبع لايعني الانغلاق المتنافي مع الانفتاح العلمي والاستفادة من كل نافع ومفيد من تجارب الآخرين، وافكار وحضارة العصر بما لايخل ولايتناقض مع عقيدتنا الاسلامية، والولاء الوطني ممارسة وعملاً، يحتم على الدولة والشعب الاعتماد على النفس، وان يكون الحكم ديمقراطياً، نابعاً من عقيدة الشعب المعبرة عن ارادته ومحض اختياره لتسود الثقة بين الحاكم والمحكوم فلا تسلط فرد، ولا ديكتاتورية حزب، ولا سطو طائفة، وبغير ذلك تصبح علاقة الدولة بالشعب وعلاقة الشعب بالدولة غير ثابتة وغير وثيقة مما يؤدي الى اثارة تعصبات وولاءات ضيقة تمزق الوحدة الوطنية وتخالف جوهر العقيدة، ومن هذا المنطلق فإن الحكم الديمقراطي الشوروي شرط اساسي لصدق الايمان بالولاء الوطني، وبدون الممارسة الديمقراطية على النحو الذي يحدده الدستور فإن الولاء الوطني قد يصبح مجرد شعار يتخذ ستاراً للمساس بوحدة الشعب وبسيادته الوطنية واستقلاله. < المعيار الثاني : ويتمثل في التمسك بأهداف الثورة اليمنية وتجسيدها فكراً وسلوكاً في المحافظة على النظام الجمهوري وارساء قواعده.. واسسه الديمقراطية والالتزام بها قولاً وعملاً والوفاء لشهداء الوطن الابرار.. الذين ضحوا بحياتهم عبر مراحل النضال الوطني، والذين فجروا الثورة وحموها بأرواحهم ودمائهم حتى انتصرت ارادة الشعب اليمني المتجسدة في النظام الجمهوري الديمقراطي. < المعيار الثالث : ويتمثل في الحفاظ على الوحدة الوطنية والابتعاد عن التعصب الطائفي، او السلالي او القبلي او الحزبي، وغيرها من التعصبات التي تمزق الوحدة الوطنية وتضر بمصلحة المواطن والوطن. »ليس منا من دعا الى عصبية«-(حديث شريف) وحين ينطلق الجميع من هذا المفهوم السليم للولاء الوطني، فإن الممارسات الخاطئة ستزول، وستختفي السلبيات على مستوى القاعدة والقمة في ظل الثقة والتلاحم بين الدولة ومؤسساتها الدستورية والشعب، في الوقت الذي تعجز فيه كل المحاولات الخارجية عن جر الحاكم، او جر المواطن الى أي شكل من أشكال التبعية، كما تعجز كل النزعات الشريرة عن اثارة الولاءات والتعصبات الضيقة التي تضر بمصالح الوطن والمواطن، ففي المناخ الديمقراطي تموت هذه الولاءات والتعصبات الضيقة وتبقى الوحدة الوطنية قوة للشعب والدولة لحماية البلاد وسيادتها واستقلالها. الوحدة الوطنية وجاء في »الميثاق الوطني« حول الوحدة الوطنية مايلي : - ان الوحدة الوطنية هي القوة التي نواجه بها كل المخاطر التي تهدد كياننا واستقرارنا وسيادتنا الوطنية. وبلادنا اليوم تمر بمرحلة مهمة، الأمر الذي يقتضي ضرورة توحيد الجبهة الداخلية في موقف وطني موحد يقوم على اسس محددة المعالم في جميع مجالات الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً تختفي معها التناقضات وتغيب الصراعات ليطغى على الموقف هدف واحد هو توفير الضمانات الضرورية لحماية كيان اليمن، ارضاً وشعباً من اي خطر خارجي او داخلي يهدده وهذا يتطلب التجرد الكامل على مستوى الشعب والسلطة - من كل الطموحات الذاتية المنحرفة التي تهدف الى سلب السلطة او تهدف الى الاستئثار بها، ومن كل رواسب الانتماءات الضيقة والقضاء على مظاهر التفرقة والعصبيات، وعلى كل الارتباطات التي يترتب عليها الولاءات التي لا تخدم اليمن، بل تفرق ابناء الشعب، وتمزق صفوفهم. ان الاتفاق على القضايا الاساسية هو الوسيلة الوحيدة للتغلب على كل الظروف التي تؤدي الى تباين المفاهيم، واختلاف التصور وتعدد المواقف مما يؤدي الى تناقض اساليب التحرك لمواجهة الاخطار التي تهدد الجميع. وقد اشتمل هذا الميثاق الوطني على المبادئ والقضايا الاساسية التي تهم الجميع بهدف الوصول الى تلاحم جميع الفئات والعناصر الوطنية شعباً وحكماً في موقف واحد يتحرك في ظل الاستقرار والامن - باتجاه تأكيد وترسيخ قواعد الحكم الجمهوري، على اسس ديمقراطية حقيقية وتجسيد اهداف الثورة فكراً وسلوكاً ودفع عجلة التنمية من أجل ازدهار وتقدم اليمن. ان ذلك التلاحم يوجب انطلاق الجميع من موقف واحد في اتجاه واحد، في اطار المصلحة العليا للوطن، ومعالجة اية خلافات او تناقضات بالطرق السلمية والديمقراطية.. ونبذ كل وسائل الارهاب والعنف من اية جهة كانت لتبقى الوحدة الوطنية متماسكة. ان الوصول الى هذه الغاية يوفر الظروف الموضوعية لترسيخ وحدة الوطن والحفاظ عليها في ظل نظامنا الجمهوري الديمقراطي الاسلامي الذي يكفل المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، واتاحة الفرص أمام الجميع، ويضمن جميع الحريات للشعب ويصون سيادة الوطن واستقلاله، ويحفظ لليمن قوته وفعاليته ومكانته. ان وحدة الوطن هي قدر شعبنا وضرورة حتمية لتكامل نموه وتطوره وضمانة لقدرته على حماية كيانه وقدرته على اداء دور فعال وايجابي على المستوى القومي والدولي. وفي سبيل تجاوز كل التناقضات فإن العمل بالاسس الدستورية والالتزام بأساليب الحوار الواعي وتوفير المناخ الديمقراطي الحر النزيه الذي يمكن الشعب من اختيار حكامه بملء ارادته الحرة، بعيداً عن اساليب القهر والارهاب او الغش او التزوير هو السبيل الوحيد لترسيخ الوحدة الوطنية بمضمونها الديمقراطي المعبر عن ارادة الشعب، مستجيبين لارادة الجماهير اليمنية صاحبة المصلحة الاساسية في الوحدة، مجنبين تبعيتها لاية جهة خارجية اياً كانت بطريقة مباشرة او غير مباشرة. الديمقراطية بالديمقراطية تتعزز المواطنة.. وبالمواطنة تتعمق الديمقراطية.. تتجلى هذه الرؤية في »الميثاق الوطني« حيث جاء فيه : »ان الديمقراطية المتكاملة- فكراً وسلوكاً - هي الضمانة الاساسية لحماية ولقيام علاقات سوية متطورة بين مؤسسات الحكم، وبين الشعب والدولة، وبين الفئات الشعبية نفسها، وبين المواطن والوطن«. وفي ذات السياق يبيّـن »الميثاق الوطني« ان »الحاكم يتولى الحكم عن المحكومين، والشعب هو المرجع في كل سلطان، ليس لأحد حق العسف والطغيان، ولا لأحد حق الفتنة والعصيان، أي ليس لأحد حق الحكم، او حق المعارضة خارج الضوابط والقواعد والاصول الديمقراطية المحددة في الدستور ولهم في نطاقها حق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كل فيما يعلم وحسبما يستطيع. ( الدين النصيحة) »حديث شريف« ولا سيادة لنسب، ولا لمال، ولا لفرد، ولا لطائفة او شلة من الناس، ولكن المواطنين جميعاً بنية واحدة تستمد حياتها من كل عضو، وتمد كل عضو بحياته، ويقوم بنيانها في ظل دولة المؤسسات الدستورية على التعاون والتكافل والمحبة والاخاء. وعلى هذا الاساس فإن نظامنا الجمهوري نظام ديمقراطي شوروي نيابي يقوم على التعددية الحزبية وتداول السلطة سلمياً ويتجسد في دولة المؤسسات الدستورية، ويقوم على مبدأ الفصل بين السلطات مع توضيح وبيان اختصاصات كل سلطة وأوجه التعاون والتنسيق في العلاقات بين السلطات الدستورية..«. عملية ثقافية مستمرة في منظومة القيم والثوابت الوطنية والدستورية تبرز مسألة المواطنة واضحة جلية.. كذلك الأمر في الممارسة بشكل عام.. ومع ذلك فإن المواطنة في ثقافة المجتمع لايزال يكتنفها بعض الخدوش.. تتبدى صورها عندما يخرج تشكيل عصابي ليمارس الإرهاب والتخريب.. وعندما يرتهن فرد أو مجموعة من الناس عمالة لقوى خارجية.. وعندما تتغلب المصالح الأنانية الضيقة على المصالح الوطنية العامة.. يحدث شيئاً من مثل هذه الخدوش على جدار الولاء الوطني والانتماء الوطني.. لكنه سرعان ما تتحطم وتندثر.. وأياً كان الأمر، فإن تعزيز مفهوم المواطنة يظل مهمة ثقافية مستمرة.. ينبغي أن تتوافر عليها شتى التكوينات التربوية والثقافية والإعلامية الحكومية وغير الحكومية.. الانتماء والولاء للوطن للدولة فكراً وممارسة لم يكن تعزيزه وتأصيله في وعي المواطن ترفاً أو زائداً عن الحاجة، فالتربية على المواطنة ضرورة حضارية تمارسها وتتوافر عليها المجتمعات المعاصرة.. إن مستقبل أي مجتمع يرتبط بالمواطنة الفعالة.. ثقافة المواطنة هي ما يتعين أن نتوافر عليها جميعاً بناءً مستمراً وقاية واتقاء من أي خدوش على جدار المواطنة تعتوره الانتماءات الصغرى المناقضة للانتماء الوطني، فحيثما كانت الانتماءات الصغرى أو وجدت فإنها لاتعبر عن نكوص إلى حالة عدمية في حركة الحضارة. المواطنة الفعالة هي مانريد ونرجو دائماً.. والحاجة إلى عملية ثقافية شاملة تعزز بنائها ثقافياً وإنسانياً مهمتنا جميعاً.. لتكن هذه المهمة في أجندة شتى التكوينات.. فالمواطنة الفعالة هي رهاننا لتقدمنا الحضاري.. وبروح المواطنة انتماء وولاء للدولة والوطن الذي تسقط عنده الانتماءات والولاءات الصغرى يتعزز البناء الوطني الديمقراطي والتنموي والحضاري.. بروح المواطنة تتحطم كل المخاطر ومحاولات الاختراق التي تحاول تهديد أمننا واستقرارنا وسلامنا الاجتماعي.. بروح المواطنة نحافظ على هويتنا الوطنية ووحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي.. علينا ألا نغفل قيد ثانية من تنمية هذه الروح وملء كل فراغ قد يطالها مهما بدا صغيراً أو خدشاً في جدارها.. اشــــتات ثقافة الغدر والعمالة < من تخاريف مرشد العصابات الإرهابية المقبور التي لاتزال بقايا هذه العصابات المحاصرة في بعض مناطق صعدة تؤمن بها وترتكب جرائم الإرهاب والتخريب من خلالها هي رفض الديمقراطية والدستور والمواطنة المتساوية.. لأن الديمقراطية كما جاء في تخاريف مرشدهم الإرهابي المقبور »نظام هش ليس له معايير ولا مقاييس مستمدة من ثقافة الغدير.. ولأن الديمقراطية تقوم على اعتبار المواطنة« ويمضي مرشدهم الإرهابي المقبور في دجله وتخاريفه في الإفصاح عن مقاصده العميلة والظلامية قائلاً: الديمقراطية لاتحمينا.. بل ثقافة حديث الغدير.. وفهم الشيعة لمعنى ولاية الأمر هو ما يحمينا«.. وتأخذ به أوهامه كما جاء في تخاريفه (محاضرته المسجلة وعنوانها حديث الولاية).. صارخاً: »نحن لسنا طلاب حكم.. نحن طلاب حق«!! تأمل التخريف والتضليل فما سماه ثقافة حديث الغدير.. وفهم الشيعة لمعنى ولاية الأمر هو حق يتعين الخروج المسلح من أجل تحقيقه.. وكان الخروج الأول في مران الذي انتهى بمصرع رأس الأفعى العميل حسين الحوثي.. لم تعصمه ضلالاته بأنه المهدي المنتظر ولا ثقافة الغدير أو بالأحرى الغدر ولا عمالته.. فثقافة القبور مآلها القبور.. .. والمرجفون ودوافعهم < بقايا العصابات الإرهابية المحاصرة في بعض مناطق صعدة تدق المسمار الأخير في نعشها.. وقد اختارت بنفسها التهلكة التي تنتظرها التي أوردها إليها دجالوها العملاء وأسيادهم.. فلم يستطع الإرهابي الهارب يحيى الحوثي أن ينفي ارتهانهم وتشكيلهم العصابي الإرهابي لملالي الصفوية، وخانته فلتات لسانه في اجابته على أسئلة برنامج »بانوراما« في قناة »العربية« أمس الأول من مكان تسوله خارج اليمن.. فقد أكدت فلتات لسانه حقيقة تشكيلهم العصابي الإرهابي كما أوضحها مرشدهم المقبور وأشرنا إلى بعضها في الفقرة السابقة.. وإذا كان المرجفون وقد انفضحت مراميهم ودوافعهم يحاولون من خلال التضليل الدعائى الذين يروجونه رسم صورة تجافي حقيقة التشكيل العصابي الإرهابي الذي ارتكب جرائم القتل والتخريب والعمالة، فلن تغطي هذه الدعايات المرجفة على جرائم هذه الفلول المارقة والإرهابية أو تطيل من مواجهتها للقصاص العادل جراء ما اقترفته من جرائم ضد الوطن والمواطنين.. وخروج عن الشرع والشرعية.. عن غباء أو سوء نية أو كليهما معاً يتصور المرجفون بتبني دعاية سوداء ومضللة أنهم سيؤثرون على واجب الدولة في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومواجهة الخارجين على القانون.. ولعلهم عن غباء وسوء نية أيضاً في ممارستهم هذه إنما يقفون ضد القانون وضد الوطن. .. ومنهم من نزل تحت الأرض < أما أولئك الداعمون للعصابات الإرهابية المارقة من خلال تبني الدفاع عن هذه العصابات ومحاولة تبرئتها من العمالة وارتكاب جرائم إرهابية وتخريبية.. والذهاب بعيداً خلطاً للأوراق وتقديم هؤلاء الخارجين على القانون بأنهم شباب وديعون.. الخ.. فقد انفضح أمرهم.. ووجدوا أنفسهم مكشوفين مفضوحين ولم يجدوا غير النزول تحت الأرض، عسى ألاَّ ينالوا جزاء ما اقترفوه من دعم ومناصرة للإرهابيين العملاء هم في كل الأحوال جزء من المؤامرة.. مهما تستروا فقد بانت المؤامرة.. وعسى أن يتوبوا توبة نصوحا..