الميثاق نت - الجندي- الميثاق نت

الجمعة, 25-نوفمبر-2011
عبده محمد الجندي -
إذا كان الاتفاق هو الوفاق، فان أعظم الرجال من الزعماء والقادة هم الذين يقدمون اكبر التنازلات الذاتية من أجل ماهو موضوعي من الاتفاق والوفاق بين ابناء الشعب الواحد لانهم يحرصون فيما يقدمونه من التضحيات على تجنيب الوطن مغبة العواقب الوخيمة للاختلاف ومايترتب عليه من الثارات والنزعات الانتقامية التي لاتخلف سوى الدماء والدمار والدموع. أعود فأقول اذا كان الزعماء العظام هم الذين يقدمون اصعب التنازلات فان السفهاء والانذال هم الذين يقفون حائلاً دون نجاح تلك المساعي المكلفة والمشرفة لانهم ضعفاء ولكن يتظاهرون بالقوة بحثاً عن أدوار في بطولة زائفة وزائلة بقدر ماينتج عنها من اعمال ذميمة وقبيحة.
وفي هذا الاطار نستطيع القول حتى هذه اللحظة ان الحوار بين الاحزاب والتنظيمات السياسية الذي رعاه المبعوث الأممي جمال بن عمر قد أوشك على تحقيق مايعول عليه من الثمار والسلام.. يستدل منه على مراجعة الجميع لما صدر ويصدر عنهم من مواقف السفاهة والنذالة التي يتضرر منها الجميع ولايستفيد منها احد على الاطلاق.. كيف لا.. وقد أكدت هذه الازمة السياسية المركبة ان لابديل لشعب الحكمة والايمان عن الاتفاق والوفاق الوطني سوى الحرب وماقد يترتب عليها من اعادة عقارب الزمن إلى الخلف الذي يتحمل فيه الابناء والاحفاد مسؤولية تدمير ما بناه الاباء والاجداد من مكاسب في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية في مغامرة ومقامرة.. والمعركة سيكون المنتصر فيها مهزوماً ومكروهاً ومنبوذاً من الاغلبية الساحقة مهما حاولت الاقلية ان تحرق له بخور النفاق والمجاملة غير المقبولة..
اقول ذلك واقصد به ان الوقوف عند هذه المحطة الشديدة الصعوبة والتعقيد والحرج ضرورة وطنية وتاريخية هامة يجب ان تفسح فيه جميع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.. الرسمية والحزبية والمستقلة ابوابها لهذا النوع من الخطابات والكنايات المروجة للسلام والامان والعمل ليس فقط لاعادة تعمير ماخربته الصراعات والمنافسات الحزبية المجنونة بل وتجاوز ذلك الى العمل المنتج لماتستوجبه الاحتياجات من كفايات كفيلة بالتخفيف من المعاناة.. لأن ثقافة العلم والعمل ويجب ان تتصدر غيرها من الثقافات السياسية والايديولوجية المتطرفة والهادفة الى تمزيق الوطن والدولة والشعب اليمني الواحد الى دويلات متضادة ومتحاربة تجعل الأخ يقاتل اخاه ويقتله ويأكل لحمه حياً وميتاً بوعي وبدون وعي.. وبقصد وبدون قصد..
ان الاتفاق والوفاق الوطني ضرورة من الضرورات الملحة التي استوعبها فخامة الأخ رئيس الجمهورية وراح يقدم من اجلها تلك التنازلات المكلفة والمؤلمة والمخيفة على قاعدة.. من اجل الوطن والشعب تهون كل التنازلات والتضحيات الذاتية، وتجوز كل المغامرات مهما بدت مخاوفها عالية ومكلفة.. لأن الاقدام على الفعل يقدم حسن النية على سوء النية ويحتمل من دواعي النجاح اكثر ممايحتمله من تداعيات الفشل، وهذا ماجعل المتفائلين من اصحاب النوايا الحسنة يمثلون الاغلبية الساحقة قياساً مع الاقلية المتشائمة التي ترزح تحت وطأة الإحباط واليأس فلا تجد امامها سوى الاستكانة وسوء النية.
لقد تعلمنا من التجربة الطويلة لحكم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح انه لايأس مع وجود الأمل لان غياب الأمل هو أقرب الطرق الى الإحباط واليأس وماينتج عنهما من عدم الاتفاق والوفاق الوطني.. واذا كان المبعوث الأممي الحصيف جمال بن عمر قد ابلغ ابناء اليمن في مؤتمره الصحفي بقوله الصريح انه قد تم الاتفاق على التسوية السياسية- الآلية التنفيذية للاتفاق والوفاق فان المؤكد ان اخراج ما اتفق عليه إلى الشعب وإلى العالم قد بات وشيكاً، فان دواعي الأمل تتقدم بخطوات سريعة إلى الامام على نحو يغلبها على تداعيات اليأس التي تتراجع الى الخلف.
مؤكدة ان اليمنيين اصحاب ايمان وحكمة مصدقاً لقول الرسول الاعظم محمد الصادق الامين (الايمان يمان والحكمة يمانية).
مؤكدين بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بان الرسالات العظيمة تبدأ بكلمة وان المسيرات الطويلة تبدأ بخطوة، بعد ان أكدت الأزمة السياسية خلال عشرة أشهر من بداية الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات أنها قد تحولت الى سلسلة مركبة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية اثقلت كاهل الشعب ونغصت حياة الملايين على نحو جعل الاتفاق والوفاق حتمياً وبديلاً وحيداً لغيره من البدائل والخيارات الديماغوجية الراهنة والتي تتأرجح بين جناحي التطرف - الافراط والتفريط.
حيث يقول جمال بن عمر بالنص :« إن المفاوضات بين الاطراف اليمنية قد انتهت بالتوصل الى اتفاق حول الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وشكر جميع الاطراف على تعاونها.. هذا وكان هذا بجهود جماعية مابين جميع الاطراف، بتعاون تام وجدي.. ونحن الآن بصدد نقاش الترتيبات العملية فيما يخص مسألة التوقيع.
أعود فأقول: إن الأهم من التوقيع على الآلية التنفيذية والمبادرة الخليجية هو الانتقال من مرحلة الاقوال والنوايا إلى مرحلة التطبيق والعمل باعتباره المحصلة الموضوعية لذلك الجدل السياسي والاعلامي الطويل الذي جعل الاقوال تنفصل عن الافعال وتقضي عليها بصورة جعلت الاغلبية الساحقة من اليمنيين الذين تسحقهم هذه الازمة المركبة وتضاعف من معاناتهم اللامعقولة واللامقبولة. إلى درجة جعلتهم يقولون بصوت واحد (لآخر الخطابات والبيانات والمبادرات والاتفاقات).لقد سبق ان سمعنا ماهو أفضل من ذلك ولكن دون جدوى، أملهم الوحيد خبرتهم الطويلة وثقتهم المطلقة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية انه الاقدر على قيادة الوطن والشعب إلى بر الأمان مهما كانت التحديات- وجاء الاتفاق على الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية مؤيداً لصحة ماصدرت عنه من المواقف مكذباً كلما قيل بحقه من التخرصات والاتهامات وماكان يتبعها من الضغوطات والتهديدات الاقليمية والدولية، المخيفة.. بدا خلالها صاحب موقف مبدئي وصاحب قضية وطنية صادقاً مع من حوله واثقاً من نفسه معتمداً على خالقه الاعظم من خلال ايمان مطلق بأن الحياة والموت.. والنصر والهزيمة بيد الله وحده وجاءت الاحداث في محصلاتها النهائية مؤكدة لسلامة مواقفه التي غلبّت الموضوعي على الذاتي..
ولايسعنا إلا المباركة لكل الاطراف الذين توصولوا الى هذا الاتفاق التاريخي الذي ينتصر للوطن والمواطن.. وللثورة والدولة اليمنية الحديثة.. دولة النظام وسيادة القانون.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:05 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-24046.htm