محمد انعم -
وُقّعت المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية المزمنة لها لإخراج اليمن من ازمته التي طال امدها من قبل فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح ومن قيادة المؤتمر الشعبي العام وحلفائه واحزاب اللقاء المشترك وشركائه في العاصمة السعودية الرياض برعاية وحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والجهات والدول التي كان لها جهود وأدوار فاعلة اوصلت اطراف الأزمة الى اتفاق مكسبةً الحل والمخرج هذا المنحى السياسي السلمي الدستوري.. ولكن يبرز الآن سؤال اساسي: هل المهم التوقيع على المبادرة والآلية المزمنة لها ام التنفيذ والتطبيق؟ بدون شك ان المهم تحويل هذه المبادرة الى واقع ينهي أسباب وأعمال التأزيم منذ عشرة اشهر وكان لها آثار مدمرة على كافة مناحي ومجالات الحياة بما احدثته من شلل كامل في وظائف الدولة ومؤثرة تاثيراً سلبياً على مختلف الشرائح الاجتماعية..
نأمل ان يكون اتفاق الرياض مساء الاربعاء خاتمة مطاف هذه المحنة وان تبدأ أحزاب المشترك العمل الجدي المخلص والصادق لتجاوز المآسي التي مرت بها اليمن خلال الفترة الماضية.. لكن لا تتحقق الامور بالآمال والأمنيات، فهناك مخاوف جدية من عدم تنفيذ هذه المبادرة والالتفاف عليها ولا نحتاج الى ان نسوق امثلة لمثل هذا السلوك المتآمر لبعض الاطراف ويكفي ان نشير الى اتفاق فبراير الذي ابرمه المؤتمر والمشترك عام 2009م والذي بموجبه تم تأجيل الانتخابات البرلمانية حسب رغبة المعارضة الى عام 2011م وتم انقلابهم على الاتفاق بافتعال الازمات والتصعيد تحت مبررات وذرائع ليس لها علاقة بما تم الاتفاق عليه، خلافاً عن اتفاقات سابقة توصل إليها المؤتمر معهم ولم يلتزموا بأي منها وهذا كافٍ ليثير لدينا قلقاً ومخاوف من الانقلاب على المبادرة الخليجية، ولن تعدم احزاب اللقاء المشترك وشركاؤها- خصوصاً أولئك المتطرفين الذين لا يريدون الحل- إىجاد الاسباب والمبررات الذرائعية لتحقيق غايتهم انطلاقا من الاصرار الواضح على تمسكهم بأجندة مشروعهم الانقلابي الهادف الى الانقضاض على السلطة خارج نطاق الديمقراطية التعددية والشرعية الدستورية .
إن ما نرجوه هو التزام المشترك بمضامين هذه المبادرة وآلية تنفيذها المزمنة، أما المؤتمر فقد قدم تنازلات أكثر مما هو مطلوب منه لتجاوز الأزمة، لذا يحرص على تحويلها الى حقيقة يعيشها اليمن وطناً وشعباً لانه لم يعد قادراً على احتمال المزيد من الازمات بعد ان وصلت اوضاعه الى حدود الكارثة لولا جهود الاشقاء والاصدقاء والمجتمع الدولي التي مثلت طوق النجاة للحيلولة دون الانزلاق الى كارثة الدمار والخراب والفوضى التي كان يمكن ان تفضي إلى حرب اهلية بسبب الاصرار على تغليب المصالح الشخصية والحزبية والجهوية على مصالح الوطن العليا ووحدته وامنه واستقراره ونمائه وازدهاره.
ها هم ابناء اليمن استبشروا خيراً بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها لانها ستضع حداً لمخاوفهم ومعاناتهم وستعيد الامن والاستقرار والسكينة والطمأنينة الى نفوسهم، وقبل كل ذلك تصون دماء الأبرياء، ولبلوغ هذه الغاية يجب على أولئك الذين كانوا دائماً يضعون العربة امام الحصان لوضع العراقيل والعوائق امام ايجاد الحلول والمخارج ان يغادروا "أقبية" التفكير التآمري الذي اثبتت الفترة الماضية ان الرهان عليه خاسر..