أمين الوائلي -
.. والقصة لم أخترعها من عندي، ولكنها حقيقية.. وأنا أعرف أكثر من ذلك: رجال تلعنهم الرجولة، يستكثرون من الزيجات وإنجاب الأبناء لهدف واحد، خسيس ومتجرد من قيم الآدمية: وهو »طلبة الله«، أي مكاثرة وسائل الدخل!! إنهم يدفعون أطفالهم ونساءهم -لا بل يجبرونهم على التسول وإراقة ماء الوجه والحياة والآدمية في الطرقات والأسواق ليوفروا ثمن قات وسجائر ومشروبات وشهوات لأدعياء الرجولة والآدمية القابعين كالعقارب والحيات في جحورهم التي تبغضهم وتكره زفيرهم الملوث بأبخرة السموم والقرف.
> قال لي -في إحدى المرات- طفل لم يتخطَ عتبة العاشرة من عمره: »أبي يضربني أنا واخوتي بالسلك حق الكهرباء لوما أديناش له زلط خيرات«.
وكانت الآدمية تتراقص مذبوحة في عيني الصغير -الأكبر من كثير من الرجال وأشباه الرجال.
> أمه انتزعت الكلمات الحارقة والمحروقة انتزاعاً وهي تغالب البكاء المكتوم من أيام سيدنا »نوح عليه السلام« وتقول: »الظالم يشقّي بي أنا وجهالي وهو يخزن و....!«!!
> على ذمتي وحدي.. أشهد أن عشرات الحالات التسولية - وخصوصاً من النساء والاطفال -هي اجبارية وتتعرض لأقذر وأنذل وأحط أساليب القهر والارهاب والترهيب الأبوي المجرم.
> وأشهد أننا جميعاً مشاركون في الجرم، لأن ما يحدث.. يحدث بين ظهرانينا وعلى مرأى ومسمع من المؤسسات والجمعيات والوزارات والوزراء والمسئولين والمثقفين والصحافيين والأحزاب وكل أولئك الرجال والنساء المتشدقين بالدفاع عن وحماية حقوق وحريات المرأة والطفل.. والمرأة والطفل يقولون بملء غربتهم وحرقتهم في الشوارع والجولات والأسواق وأبواب المساجد -وأنا معهم أقول: »المكحِّل أعمى«!
> الجميع، بلا استثناء.. يتسولون شعاراتهم ونضالاتهم الفاسدة الكذابة باسم هؤلاء المتسولين الأبرياء والمواطن الغلبان، وفي الأخير لا يحصل هؤلاء على شيء.. فيما أولئك يحصلون على السيارات الفارهة والأرصدة الفاسدة والذمم المتعفنة والمشاريع والمتاجر والبنوك والشركات والجامعات والمشافي.. و.. و.. ووسائل الاعلام والصحف التي تظهرهم ملائكة يتحدثون عن الجوعى والمرضى والمواطن »الثمين«!! أي ثمين يا الله.. كم هم كذابون.. وكم المواطن أثمن من ملء العالم من أمثالهم..
شكراً للأبرياء الشرفاء المتسولين، برغم ذلك يبتسمون..