الميثاق نت - محمد لجعاشي- الميثاق نت

الخميس, 08-ديسمبر-2011
محمد علي الجعاشي* -
شكلت العكفة منذ عقود وربما قرون وجعا وألما وسوء طالع با لنسبة لتعز، و تحملت( تعز ) خلال العهود المنصرمة وبالذات العهدين الإمامي والتركي الأمرين من الاضطهاد والعسف، ويعتبر العهدان كل منهما يكمل الآخر من حيث الطغيان والجور فالأول كان يفرض( الأتاوة ) على الناس وتحصيلها وبقسوة ، والآخر لايختلف عن سابقه فكان يتفنن في فرض انظمة وقوانين كي تدر له ايرادات لخزينته طوال العام،من ذلك ماسمي( بالفطرة.. والعدة.. والشتوي.. والصيفي.. والدفعة ..الخ ..) من المصطلحات التي يلهب بها ظهور الناس طوال العام بارسال العكف الى المدن والقرى بما يسمى التنافيذ على المواطنين من اجل جباية الأموال وحتى وان صادف انه في سنة – ما - قد جلت أي ليس فيها محصول فيقيس على سابقه كآخر محصول، وعلى الشخص ان يدفع حتى وان لم يجن شيئا .
لقد اتاح العمل بمثل هذا النظام للعكفه أن تتسلط وان تجور خاصة في البوادي والأرياف والقرى بحثاً عن رزقهم ورزق الدولة فندر ان لا يشاهد الناس عسكري اوعكفي يتجول في بادية اوقرية يعبر الجبال والوهاد والوديان والشعاب بحثاً عن متخلف لم يسدد ما عليه للدولة، لذلك فقد ترسخت في الأذهان منظر عكفي الإمام وهو يتمنطق سلاحه (بندق الميزر أوالجرمل أوالكندا الخ...) وفو ق صدره الحزام المملوء بالرصاص وفوق رأسه صماطه ملونه اوسوداء. واحيانا يعلق على ساعده (زامورا) سمى بورزان ينفخ فيه عند اللزوم اما لجذب الانتباه بقدومه وإما احيانا بقصد اشاعة الرعب واعطاء نفسه مزيد من الهيبه .
هذه الصورة القاتمة لعكفي الإمام الذي أصبح رمزاً للتخلف في الماضي عاد اليوم كنذير شؤم وقرين سوء بالنسبة لتعز، لأنها ماصدقت ان تخلصت منه وثارت عليه في عام 1955،ثم في ثورة 26سبتمبر62م، وبدأت تعز تلبس حلة قشيبة من الجمال الطبيعي ومن اللحاق بركب العصر، حيث التحق ابناؤها في مجال العلم ينهلون منه وفي شتى فروعه ومسح كل اثار التخلف عنهم، واعطاء اليمن عامة صورة نمطية جميلة امام العالم وظنا منهم ان اليمن قد قطع بذلك شوطاً بعيداً في التقدم والرقي واذا (بالجني الأزرق)!عكفي الامام يظهر من جديد متسلحاً بكل انواع اسلحة الشر والعدوان اسوأ مما كان عليه الحال في زمن الأمام وكأن هذ العكفي( الجني الآزرق) قد عمل هو أيضاً على تطوير نفسه في مجال التخلف حيث سلح نفسه بمختلف انواع اسلحة الشروالعدوان فلم يعد يتمنطق بذلك البند ق ابو12 طلقة او6 طلقات ،بل طور سلاحه الى صواريخ وبوازيك وهاونات وهلم جرى..من انواع الأسلحة التي لم نكن نسمع عنها الا في هذه الأيام (كما قال الأستاذ عبده الجندي)واصبح هذ العكفي (الأزرق) !يضرب مدينة تعز بأحدث صواريخ (اللو) المدمرة ويهدم جدرانها وبنيتها ويقتل رجالها ونسائها بدون هوادة وبدون رحمة، في صورة بشعة لم تشهد لها الأنسانية مثيلاً في تاريخها،وحتى ان الإنسان عندما يذبح حيوانا فقد نهي ان يذبح الحيوان امام اخيه الحيوان ،فكيف بهؤلاء القوم وقد ذبحو الرجل أمام زوجته وأطفاله والمرأة امام زوجها واطفالها والطفلة امام أمها، وكذلك الإعتداء على الحرائر من النساء بالضرب والأهانة وانتهاك حرمات البيوت بالنهب والاحراق،كما حصل لبيت الشيخ / عبد الرزاق الخليدي وقتل اثنين من ابنائه والاجهاز عليهم وهم في داخل سيارة الاسعاف في طريقهم الى المستشفى لاسعافهم، وكذلك نهب واحراق بيت الوجيه الشيخ / سلطان البركاني، وقتل زوجة كل من وهيب العريقي والشميري وأمام أزواجهن وكذلك العقيد عبد الحكيم العكلي امام زوجته واطفاله وغيرهم وغيرها من الجرائم،انها جرائم يندى لها جبين الإنسانية، الأمر الذي يجعلنا اليوم نترحم على عكفي الإمام اذا ما قورن بهؤلاء القتلة السفاحين فأنه يعد اكثر نبلاً وشهامة منهم.
ثانيا:رغم ما تبذله قيادة المحافظة من جهود جبارة وعلى راسهم المحافظ الأخ حمود الصوفي الا انهم قد وقعوا في خطأ تكتيكي الا وهو رفع النقاط العسكرية من المدينة عشية العيد، الأمر الذي اتاح لعصابة اللصوص ان تنتهزها فرصة وتتمدد بداخل المدينة وتدخل معها مختلف الأسلحة وتتمركز في المدارس والمراكز واتاح لها الفرصة بأن تنهب البنوك والمحلات الخ ..مستبيحة المدينة كتلك التي حصلت لصنعاء في عام 48 لأن هؤلاء لديهم خبرة وتجربة اذ أن غالبية هؤلاء الحرامية وقطاع الطرق هم من هناك من الجبال والكهوف حيث ديجور الظلام ما زال يتخذها حصنا منيعا يربي اتباعه لمثل هكذا حالات، لذلك فهو ليلة البارحة 6 ديسمبر قد قام بسرقة ونهب واحراق مؤسسة الكتب المدرسية ومطابعها ونهب ملايين الكتب المدرسية من داخلها لأنه عدو العلم وصديق الظلام، ذلك لأنه لم يعد يكتفي بعدم السماح بدخول العلم الى حصونه وقلاعه فهو يريد اليوم ان يشيع الجهل في كل انحاء اليمن ويعيده جهلاً وتخلفاً اشد مما كانت عليه في ايام الإمامة .
لذلك ينبغي على قيادة المحافظة وجميع اجهزة السلطة فيها بأن تتدارك الموقف وتعتبر ان المحافظة قد اصبحت موبوءة بهذ الداء الخبيث كما لوكان اشبه بطاعون (عمواس) وتقوم بعزل المدينة وتطويقها من الخارج بقوات مسلحة واجهزة امنية متخصصة لذلك ودعم من مواطني المدينة من اجل الدفاع عن مدينتهم وحمايتها بالقيام بعمل انساق دفاعية متتالية،تبدأ من خارج المدينة بمسافات بعيدة من مثلث المخاء الحديدة مثلا وبشكل دائري يلتف حول المدينة واشراك عقال ومشايخ واعيان القرى في الحراسة والحماية والدفاع ،ويكون ذلك كنسق اول يبدأ منه العمل على تفتيش كل السيارات الداخلة والخارجة من والى المدينة وحتى الطير في السماء ولا يسمح لكائن من كان بدخول المدينة إلاًّ بعد تفتيشه تفتيشا دقيقا بخلوه من الأسلحة ثم يبدأ النسق التالي له ويقوم بنفس المهمة من التفتيش, والنسق الدفاعي الأخير وهو الذي يطوق ابواب ومداخل المدينة وجميع حدود المدينة القريبة منها وبحيث لا يكون بين النقطة والأخرى إلاًّ بضعة امتار،وذلك لحماية المدينة من أي تسلل اليها وعدم دخول الأسلحة إليها مجدداً فوق التي قد دخلت.
ثم تقوم الأجهزة والقوات والمتطوعين من ابناء المدينة بالبحث عن المسلحين والأسلحة التي سبق وان ادخلوها معهم ويبدأ بتطهير المدينة حارة حارة وبيتا بيتاً، إلى أن يتم تطهيرها منهم،وهذ هو المفروض أن يتخذ اذا أرادت قيادة المحافظة تدارك الموقف بسرعة لأن الذي نسمعه من مخططات هي خطيرة جداً ويجب ان يتدارك الأمر والموقف بشكل سريع.
ثالثا:لقد كانت تعز منارة علم وهدى منذ أن حل بضاحيتها ( الجند ) رسول رسول الله معاذ بن جبل وترسخت فيها منذ ذلك اليوم العلوم الشرعية على المنهج المحمدي الصحيح،واستمر هذا المنهج يتوارث جيلا بعد جيل في مخلاف تعز مما كان له الأثر البالغ والدور الريادي التنويري لأهل تلك المنطقة، الأمر الذي اكسبهم على مرالسنين وعيا وفهما، بظروف الزمان والمكان فكانت تعز على مر السنين عصية على المستبدين والطغاة والظلمة، فمنها كانت الشرارة الأولى لثورة سبتمبر62 ومنها انطلق اسود ثورة14 اكتوبر البواسل لتحرير جنوب اليمن المحتل ، خصوصا بعد ان زارها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تقديرا واكبارا لأبناء تعز ونضالهم وتضحياتهم في سبيل النهوض بوطنهم وأمتهم .
واليوم تنهال على تعز مختلف العروض الداعية الى تجزئة الوطن سواءً من القوى الظلامية المتخلفة،اوتلك القوى التي تسعى الى الأنفصال باطروحات (الثعلب المكار) والتي تهدف في النهاية إلى التشطير مجدداً،ولكن تعز الأبية هي تعز حصن الثورة وقلعة الثوار وليس ثواراً على شاكلة تلكم الموجودين في الساحات الذين كان لهم السبق ليس في تعزيزوحدته وانمافي تفكيك عرى الوحدة ومن ذلك ما يحصل في صنعاء وتعزوغيرها من تدمير وتخريب ونهب لمؤسسات الوطن والخروج عن الشرعية والديمقراطية والقوانين والدساتير التي اختارها الشعب له كدليل وطريق لبرامج حياته المستقبلية، بحيث وجد الأنتهازيون والظلاميون وبقايا الأنفصاليون فيها فرصة كل يريد ان يحقق ما عجز عنه في الماضي فكان لهم ما ارادوا بأن أوصلوا الوطن الى هذا الحال الذي هو عليه اليوم، لذلك فإن على أبناء تعز اليوم مهمة شاقة بأن يحافظوا على ارثهم التاريخي ونضالهم المشرف بالحفاظ على مدينتهم والدفاع عنها من تلكم العصابات والطغات البغات ثم بالوقوف صفاًواحد مع الوطن ووحدته وشرعيته الدستورية .
القسم هو القسم ايتها الأيقونة الجميلة مهما خط الفحام في جبينك الباهي من تشوهات، ومهما شوه منظر جدرانك بالقذائف والحروق، فستعودين جميلة بهية تتلألأ مثل كوكب الزهرة المضيئة عند طلوع الفجرقبل الصباح،وزهرة كل المدائن،وماسة مشعة تتوسط عقد عواصم المحافظات اليمنية.

* كاتب يمني مقيم في السعودية
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-24239.htm