حسن احمد اللوزي -
كم هو رائعٌ ومبهجٌ في وقتٍ انعدمت فيه المواقف الرائعة وانطفأت فيه أضواء المباهج على الساحة العربية.. ان يتفق الأخوة في فلسطين في أحضان الأرض المقدسة وبالقرب من بيت الله العتيق للخروج من محنة بدت نذرها عاصفة وكادت تطل برأسها على هاوية صراعٍ دموي رهيب كان ولاشك سيضرب الأمة العربية في صميم روحها وضميرها وجسدها المتمزق المنهك.. فأشرقت الحكمة الفلسطينية وعقلانية الوطنية الفلسطينية الصادقة والراسخة والتي أنضجها النضال الطويل وذلك بإنجاز اتفاقية مكة المكرمة برعاية كريمة وحميمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية ولقد أوصدت هذه الاتفاقية التاريخية التي لم يشبها أي التباس.. أوصدت كل المنافذ والمهاوي المشئومة وأغلقتها إلى غير رجعة حتى لايتوجه الرصاص من البندقية الفلسطينية إلى الصدر الفلسطيني.. ولكن هل يتتوج ذلك بقيام حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية خلال هذه الأيام..؟؟
لا مناص من ذلك ولابديل مطلقاً اليوم عنه، وكل الأسباب والدواعي والمبررات وطنياً وعربياً وإنسانياً توجب ذلك كفريضة تؤكد الحصانة.. والنضوج.. والإخلاص للمصير الوطني الفلسطيني الواحد..
إننا نتطلع لأن يؤكد شعبنا الفلسطيني بأنه مبرأ من كل الأدواء التي فتكت بالعديد من الأقطار العربية.. وبأنه لايمكن أن يقع في الوهدة الكريهة والمقيتة التي نجى منها والتي تريدها له إسرائىل والصهيونية العالمية وقد عاد ممثلاً بقيادته معززاً ومكرماً ومنتصراً على الأهواء الضيقة إلى ضفة الأمان وخندق النضال الفلسطيني الواحد ليقدم صورة عربية ناصعة لنضج وحضارية التعدد.. وليجعل من اتفاقية مكة المكرمة دستور المرحلة الراهنة الذي لايجوز مطلقاً الخروج عنه وان تكون المصلحة العليا للشعب الفلسطيني فوق كل المصالح الخاصة!!.. أياً كانت.. وأن يكون الهم الأول والهدف الأعظم هو تحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والديمقراطية الكاملة للإنسان الفلسطيني وتحرير الأرض الفلسطينية.. وإقامة الدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية وجعل هذا الإيمان والالتزام هو مصدر كل الأحكام والقرارات الفلسطينية ومنبع كل الخطوات الجديدة في ظل حكومة الوحدة الوطنية.
> ولاشك بأن مساعدة الدول العربية للأخوة في فلسطين هو الموقف الجوهري الملتزم الذي نتطلع إليه من قبل كافة القيادات العربية والذي أكد عليه مجدداً فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية وقد سعى من أجله.. كإلتزام مبدئي وواجبٌ حتمي من وقتٍ مبكر وقبل أن يتوجه الرصاص من البندقية الفلسطينية للصدر الفلسطيني وإن استجابة الأخوة في فلسطين لكل التوجهات والدعوات العربية القيادية والشعبية الداعية لسرعة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية سوف يفرض على الجميع ضرورة التعاون من أجل الوصول إلى الغاية المشتركة التي يتطلع إليها الجميع وهو دعم هذه الحكومة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني والتوجه لتوظيف كل الجهود والقدرات من أجل الانتصار للحقوق المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني والتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس أمل وحلم كل الأحرار والديمقراطيين في الوطن العربي والعالم..
ويبقى الوصول إلى النجاح المنشود احتمالاً أكيداً مع قيام حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وهي اليوم بيد الإخوة الفلسطينيين قبل غيرهم.. فهم المطالبون أولاً وأخيراً لإنجاز هذه الوثبة العملاقة وذلك من المنظور الوطني الجوهري لصدق تحمل المسئولية الوطنية والوفاء بالالتزامات المعلنة والحرص على مصلحة القضية الفلسطينية حمايةً لوجودهم وحفاظاً على كل المنجزات والمكاسب التي تحققت للشعب الفلسطيني وصيانة لمصلحته العليا.. وخاصةً وأنهم جميعاً وبدون استثناء يدركون ويعلمون علم اليقين بأن انحرافهم عن هذا الصراط المستقيم الذي تم خطه في مكة المكرمة ودخولهم إلى الغابة الدموية المتوحشة سوف يأتي عليهم جميعاً وعلى القضية الفلسطينية برمتها بالشر المستطير وبما لايحمد عقباه!! لا قدر الله..