الميثاق نت/ علي الشعباني -
حذر الباحث السياسي السعودي سعد بن عبدالقادر القويعي من تدهور الأوضاع في اليمن واستمرار بعض الاطراف السياسية الداخلية في تجييش الشارع وإعاقة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..
وطالب القويعي في حوار مع «الـالميثاق» دول الخليج بمساندة اليمن ومساعدته في تجاوز آثار وتداعيات الأزمة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، باعتبار أمن واستقرار اليمن أمناً واستقراراً للمنطقة ومصالح العالم فيها..
مشيراً إلى أن هناك اطرافاً دولية لا تريد استقرار الأوضاع في اليمن لأنها ستفقد مصالحها السياسية والمذهبية في المنطقة..
منوهاً إلى أن اليمن يتعرض لمؤامرة خطيرة تستهدف أمنه ووحدته ونسيجه الاجتماعي والسياسي والثقافي وأن بعض القوى المتآمرة على اليمن داخلياً وخارجياً تريد تحويله إلى صومال أو أفغانستان جديد في المنطقة.
في مايلي نص الحوار:
< ما مدى خطورة المخطط الخارجي الذي تتعرض له اليمن وتأثيراته على المنطقة ؟
- بداية سأشير إلى أن استقرار اليمن في خطر ،والتحديات منه تزداد مع مرور الأيام.. فهو من أشد الدول العربية فقراً، ونصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر . حيث يعاني المواطن من الدخل القليل جدا ،مقارنة بالاستهلاك الفردي ،فمعدل دخله، هو "930" دولاراً في السنة.. هذه الحالة من الفقر ،أوصلت اليمن إلى المرتبة "11" ضمن الدول التي يعاني مواطنوها من سوء التغذية.. كما يعاني اليمن من انفجار سكاني رهيب.. إضافة إلى أن عائداته النفطية تتناقص باضطراد، وثروته المائية تستنزف بشكل سريع، هذا في الشأن الداخلي.. أما ما يتعلق في الشأن الخارجي، ومن ذلك: خطورة المخطط الذي تتعرض له اليمن من الخارج، وتأثيراته على المنطقة، فسيأتي بيانه في ثنايا الأجوبة القادمة، ومن حقنا وحق القارئ الكريم، أن نجد لها أجوبة كافية وشافية.
موقف واضح
< ما الذي يتوجب على الاخوة في دول مجلس التعاون الخليجي القيام به ازاء اليمن خاصة بعد توقيع المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني؟
- منذ أن اندلعت الأزمة الحالية في اليمن ، كان موقف دول الخليج واضحاً في دعم استقراره، والحيلولة دون انزلاقه في صراعات أهلية، باعتبار أن تعزيز الأمن في اليمن، يُعتبر تعزيزا للأمن في المنطقة بكاملها، ولا يكون ذلك إلا من خلال تضامن قوي بين الدول الخليجية، واليمن في المقام الأول، لتطابق المصالح الاستراتيجية، والسياسية، والأمنية، وبالتالي فإن المخاطر التي تواجه اليمن، هي نفسها المخاطر التي ستواجهها دول المنطقة، بل ودول العالم كون المنطقة ملتقى لتلك المصالح.
لطالما أكدت النخب السياسية والثقافية بأن أمن اليمن واستقراره هو أمن لدول الخليج واستقرارها ، ولتحقيق ذلك كان لا بد من العمل على إيجاد الحلول والبحث عن أسباب الفراغ الداخلية ، التي أثارت النعرات الانفصالية كالمطالبة بالحرية، والإصلاح والتطوير ،والتغيير الديمقراطي، وتحقيق العدالة الاجتماعية.. وفي المقابل إزالة كل أسباب التوتر السياسي والأمني، ومن ذلك على سبيل المثال: تحركات الشارع الجنوبي المطالب بالانفصال والصراع مع الحوثيين ،وتعاظم نشاط القاعدة، إضافة إلى ضرورة المساندة السياسية والدعم الاقتصادي ،وهو ما يُشكل مرحلة جديدة ؛ للتغلب على الأزمة الراهنة ،والخروج منها بما يكفل الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه، واستقراره ورخاء شعبه .وسط الاضطرابات السياسية التي تعيشها اليمن ،وانتشار اضطرابات عنيفة في أجزاء عدة من البلاد ، والتي تدق ناقوس الخطر وتعزز حجم الأزمة ، فإن ذلك يستدعي الحرص على خلق أجواء الحوار الجاد ،ونبذ العنف من أجل البحث عن نقاط في غاية الأهمية، ومن ذلك: بدء مرحلة جديدة في مسيرة الديمقراطية، والتأكيد على وحدة الصف ،والتوافق الوطني بين مختلف القوى السياسية ،والتخلي عن محاولات زعزعة البلاد .
وإذا كانت المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية ،محل ترحيب الجميع ،وإن وجدت بعض التحفظات من هنا وهناك ، كـ "دستورية مدة الاستحقاق الدستوري للرئاسة ، ودستورية التظاهر السلمي في البلاد" فإن الإمساك بفرص التسوية دون أي تأخير ، تضع البلاد أمام سيناريوهات معلقة - مطلب مهم - ؛ ومن أجل أن تكون الدولة اليمنية القادمة للاستقرار ، فلا بد من العمل على تنفيذ الاتفاق السياسي بحسب تسلسله ، باعتباره السبيل الأفضل للخروج من الأزمة ، وتقديمه كبديل للمخاطر المحتملة، التي تهدد مصالح دول الجوار،
والتأهيل، لإنجاز مهام المرحلة الانتقالية بأسرع وقت ، وأقل تكلفة.
الملفات شائكة
< ما التحديات التي ستواجهها المنطقة في حال استمرار تدهور الاوضاع في اليمن؟
- تشير التقارير إلى أن من أهم العوامل الرئيسة التي أدت إلى اختلال موازين القوى في المنطقة ،وجعلها عرضة للتوتر والتهديد : كالغزو الأمريكي للعراق ، والاختلاف الواضح في مصالح الأطراف الإقليمية على ملفات المنطقة الشائكة، وعدم القدرة على التوصل لصيغة مشتركة بينها، فإن هذه العوامل شكلت - بلا ريب - أهم المتغيرات العامة بواقع ، ومستقبل الأمن والاستقرار في اليمن.
كما لم يعد خافياً على أحد ، خطورة الدور الإيراني في الأزمة اليمنية، فقد تأكد لدى المتابع العام ، أن من أهداف النظام القائم في إيران إقامة "امبراطورية ذات نزعة مذهبية"، تمتد من إيران عبر العراق ، وسوريا، ولبنان، وبالتالي فإن إيران قد دانت نفسها في اليمن بشكل واضح من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين المباشرة ، أو بتعدد أشكال هذا التدخل للحصول على موطئ قدم في البحر الأحمر، في منطقة يعتبرها المراقبون، الساحة الخلفية لكل من مصر والسعودية، وذلك عن طريق إذكاء القتال بين الجيش اليمني، والمتمردين الحوثيين في صعدة، وامداده بالأسلحة، والمقاتلين عبر البحر الأحمر من ميناء " عصب" الأرتيري ، وصولاً إلى ميناء "ميدي" اليمني، ومثله الدعم الإيراني اللامحدود لتنظيم القاعدة ، عن طريق الاستخبارات الإيرانية ، التي تدير الشباب ، وتعرض عليهم المال والسلاح، وهو ما اعترف به أميرا تنظيم القاعدة في اليمن ،والمدعوم إيرانياً: "محمد العوفي ، وناصر الوحيشي" ،وقائد الحراك الانفصالي الجنوبي " طارق الفضلي " .
إن الرسالة التي أريد إيصالها في هذا الحوار: أن التعاون الأمني بين اليمن ، ودول الخليج العربي، لا يصح أن يكون من طرف واحد . فالعمل سوية للتصدي للمؤامرات الخارجية ،وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد حقان مشروعان، ولذا فإن تنسيق الجهود مع الأطراف الفاعلة الدولية الأخرى ؛ من أجل احتواء التطورات على الساحة . وتعزيز التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية- خاصة - السعودية ، أمر مطلوب .
إن اليمن لا يعيش بمعزل عن العالم ، واستقراره استقرار لأمن دول منطقة الخليج العربي، ومن ثم كان تعزيز مستوى العلاقات بين تلك الدول واليمن ، مطلباً مهماً، وهذا - بلا شك - سيصب في تعزيز قدرات الحكومة اليمنية ، وتوفير الاستقرار للبلاد، فالمسؤولية جماعية ، وليس عملاً فردياً، يخص أمن كل دولة على حدة.
إيقاف الشارع
< ما المطلوب من دول الخليج ان تقوم بة في حال قيام اي طرف سياسي في اليمن نقض المبادرة الخليجية وتفجير الموقف ؟
- بعد مرور ثلاثين يوماً منذ التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، يبدو أن هناك عدم التزام من قبل البعض في تنفيذ ما عليهم من التزامات في المبادرة والآلية، ولذا فإن على الجميع إدراك خطورة الموقف، والعمل على إيقاف الأعمال التي تمارس عسكرياً، وإعلامياً، وميدانياً، إضافة إلى وقف أعمال التجييش في الشارع ؛ لما سيترتب على ذلك من مخاطر..
أيضاً تواجه الدولة اليمنية تحديات كبيرة، وثالوثاً مخيفاً، بما يزيد حالة الإحباط والاحتقان الداخلي الذي يعم البلاد بدءاً من الحوثيين في الشمال، ومروراً بعناصر القاعدة، وانتهاء بالحراك الانفصالي في الجنوب.. هدف تلك الحركات واحد، وإن اختلفت الأساليب.. فهم يسعون إلى تقسيم اليمن وانهياره على غرار ما يجري في الصومال المجاور، أو أن تكون اليمن أفغانستان القادمة ، بما يهدد استقرار اليمن ككل ويجعله أمام مفترق طرق صعب .
أعتقد أن جهات داخلية وخارجية لها مصلحة في تفجير الصراع في اليمن ، بين حين وآخر ، حتى لا يصل الوفاق إلى النهاية الطبيعية له، ولذا فإن الحفاظ على وحدة اليمن واستقراره السياسي في المنطقة ، والحيلولة دون إضعاف مقومات الدولة، أو المساس بمبدأ الانتماء للوطن الواحد ، مطالب مهمة - ولا شك - إذا تحققت قوة الإرادة ، وصدق النوايا بين كافة الأطراف ، ستخرج من أزماتها ، وتبصر حلول مشاكلها . وما عدا ذلك ، سيكون شرخاً في وحدة الجسم الوطني لليمن .
مواجهة التحديات
< كيف تعلقون على المشهد السياسي اليمني؟
- إن إدراك الخطر المحدق باليمن ، واتخاذ الإجراءات الحاسمة ؛ من أجل تعزيز الأمن والاستقرار، مطلب مهم - لاسيما - وأن اليمن يشكل عمقاً استراتيجياً للخليج العربي والسعودية.. فاستقرار اليمن والحفاظ على أمنه ووحدته، جزء من استقرار دول المنطقة ، وأمنها القومي من الناحية الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وكذا منع دخوله في دوامة الاضطرابات والإرهاب التي يغذيها التفريق المذهبي والمصالح الضيقة في المنطقة ،بما يخدم المصالح المشتركة لجميع الأطراف ،واتخاذ خطوات أكثر جدية وفاعلية، في مواجهة الامتداد الخارجي - الأمني والمذهبي.