فيصل الصوفي -
عندما طلب مني الزميل إسكندر الأصبحي الكتابة في موضوع هذه الصفحة.. المواطنة أو الانتماء الوطني.. قلت لنفسي ان أسهل طريقة للتعبير عن رأيي هي ضرب المثل.. وسأشرح الأمر على النحو التالي..
أنا واحد من أبناء هذا الوطن.. مواطن مساوٍ لأقراني في الحقوق والواجبات المنصوص عليها في مبادئ الدستور ونصوص القوانين النافذة..
والمواطن كلمة تعبر عن إنسان ينتمي للوطن ويشعر أن ولاءه لوطنه الكبير« اليمن » وليس إلى قبيلة أو غيرها من الكيانات السابقة التي كانت معروفة قبل ظهور الدولة..
وبالتالي فإن أدائي لواجباتي كمواطن تجاه بلدي أو وطني أو عدم أداء هذه الواجبات هو معيار قياس مستوى درجة الولاء الوطني والشعور بمسئوليات المواطنة..
أدفع الضرائب الواجبة عليَّ للخزانة العامة وأصبح أحد ممولي المشاريع التي تنفذها حكومة بلادي مثلاً.. في كل تصرفاتي أتقيد بالقانون وأطيع المؤسسات والهيئات المعنية بتطبيق القانون أو تنفيذه، واشارك في الانتخابات وأدلي بصوتي لاختيار المرشح الذي اعتقد انه يستحق صوتي، وبالتالي أكون قد اسهمت في تقوية نظامي السياسي وكذلك تعزيز الديمقراطية.. كما أني أديت الخدمة العسكرية وسأكون جاهزاً لتلبية أية دعوة للدفاع عن وطني إلى جانب أني أؤدي وظيفة عامة وأقوم بواجباتي تجاهها.. الخ.
هذه على سبيل المثال بعض مظاهر الواجبات والمسئوليات التي تتكون منها مجموعة عناصر الولاء الوطني أو واجبات المواطنة، وفي الجهة المعاكسة أو المضادة تقف العناصر أو العوامل التي تتعارض مع مسئوليات المواطنة والانتماء الوطني، ومنها مثلاً تغليب الانتماء القبلي أو العشائري على الانتماء الوطني، أو التهرب من الخدمة العسكرية أو انتهاك الدستور والقانون أو التهرب من دفع الضرائب أو تغليب الانتماء للدين أو المذهب على الانتماء للوطن، أو الانخراط في حزب يوجه أعضاءه للولاء لعاصمة أخرى.. الخ..
لكن ينبغي الاعتراف أن الولاء الوطني والشعور بمسئوليات المواطنة ليس عقيدة مهيمنة وقوية بذاتها وتعمل لدى الشخص أو المواطن من تلقاء نفسها أو لالتزامات أخلاقية مثالية مالم تعضدها كل الممارسات الأخرى، فهي تضعف عندما لاتكون كل أداءات الهيئات العامة متسقة مع مبادئ الدستور ونصوص القوانين.. فالفساد في مصلحة الضرائب مثلاً يدفع أكثر المواطنين شعوراً بالانتماء ومسئوليات المواطنة إلى التهرب من دفع الضرائب، وعندما تتكتل مجموعة تكتلاً قبلياً وفئوياً وتنجح من خلال ذلك ان تحقق مصالحها أو تحظى بامتيازات ما يلجأ الآخرون إلى تقليدها ويصبح الانتماء القبلي أقوى من الانتماء الوطني..