يحيى علي نوري - حالة الجمود والتقوقع الراهنة التي يعيشها الاعلام الرسمي وبالأخص القنوات التلفزيونية كنتيجة طبيعية للاجراءات التي اتخذها معالي وزير الاعلام -للأسف الشديد-تظل أي هذه الحالة بعيدة عن اهتمام الصحافة التي طالما ظلت تشكو كثيراً من الاعلام الرسمي وطالبت بضرورة تحييده عن كافة التأثيرات الحزبية وطالبت غير مرة بأن يظل معبراً عن رأي وتطلعات وآمال رجل الشارع اليمني بحيث يكون أبوابه مشرعة لكافة الآراء وبالتالي يقدم الصورة الكاملة لطبيعة الزخم الشعبي ومشاركته الفاعلة في الحياة اليمنية.
هذه المطالبات لاريب سرعان ما وجدناها تتبخر وتصبح شيئاً .من الماضي، في الوقت الذي اصبحت حقيبة وزارة الاعلام بيد المعارضة سابقاً، وذلك على عكس ما كان يتوقع الناس ان تشهد الحياة الاعلامية زخماً جديداً على كافة جوانب العملية الاعلامية حتى يدللوا بهذا التجديد مصداقية شكواهم من الاعلام الرسمي، وقدرتهم على ايجاد اعلام رسمي اكثر التزاماً بمثل وقيم المهنية المرتكزة على الرأي والرأي الآخر والتعاطي المسئول والمقتدر مع مختلف القضايا اليمنية بما يعزز من تنمية وترسيخ وتجذير الوعي لدى الجماهير.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وانما للاسف الشديد تراجع كبير على مستوى الأداء الاعلامي حيث جمدت البرامج الحوارية والتفاعلية بصورة فجة لاتعكس اي روح مهنية مسئولة لدى متخذي قرار التجميد، بل تعكس حالة انتقام من هذه البرامج ومعديها ومقدميها.. وهذا أمر لا نقوله من باب التجني على أحد بل تؤكده المبررات التي حاول تسويقها اصحاب قرار التجميد وهي مبررات واهية ولاعلاقة لها بالمهنية وقيمها ومثلها.
مهما كانت الملاحظات التي رصدوها على هذه البرامج، إلا أنها لاتعطيهم الحق في تجميدها وخاصة انها برامج قادرة على استيعاب التطوير والتحديث ان كانت لديهم افكار تطويرية بالصورة التي تخلق لدى هذه البرامج المزيد من الفاعلية والتأثير الاتصالي والارتكاز على الرأي والرأي الآخر بما يتفق مع عظمة الممارسة الديمقراطية التي تعيشها البلاد.
أما ان يتم الاكتفاء بتجميد هذه البرامج فان ذلك لا تفسير له سوى معاقبة هذه البرامج والعاملين فيها وكذا افراغ القنوات الاعلامية الرسمية من رسالتها الوطنية، وتلك جريمة ليس في حق هذه القنوات فحسب وانما في حق الشعب صاحب المصلحة الاولى من هذه القنوات التي يدعمها من قوته.
وخلاصة.. ان استمرار حالة الجمود والتقوقع والانزواء للقنوات التلفزيونية الرسمية لن يخدم إلا اهدافاً واجندة حزبية ضيقة تخشى الرأي والرأي الآخر وقررت اعفاء نفسها من هذه المهمة وفضلت ان تركز كل جهودها في ممارسة اعلام المزايدة والمناكفة السياسية عبر قنوات مأزومة متجردة تماماً من الرأي والرأي الآخر وغارقة في مستنقع المكايدة.. وان حالاً كهذا لن يستمر خاصة وان الرأي العام قد استوعب تماماً زيف شكوى المعارضة سابقاً على الإعلام الرسمي وهو زيف يمثل أنموذجاً حياً لقضايا عدة كانت المعارضة سابقاً ومازالت تشكو منها كاسلوب للمزايدة السياسية والاعلامية لإستعطاف الرأي العام. |