فيصل الصوفي -
قبل أن يعلن الرئيس علي عبدالله صالح قبوله إعادة ترشيح نفسه في الانتخابات لولاية رئاسية ثانية بأيام، قلت لأحد الخبراء أنني أطلب منك مساعدة، هذا هو البرنامج الانتخابي للرئيس والذي حصل بموجبه على التفويض الشعبي في انتخابات سبتمبر 1999م وأرجو أن تعيد قراءته بعناية وأن تجري مقارنة سريعة بين ما ورد فيه من التزامات مكتوبة وبين ما حدث على أرض الواقع، قال لي: ولماذا هذا العناء؟ فالشواهد على الأرض واضحة ولا يستطيع أحد إنكار أن تطورات وتغييرات قد حدثت في اليمن منذ عام 1999 إلى عام 2006م وهي تعطي دلالة أن برنامج الرئيس قد طبق عملياً بكفاءة.. قلت له: هذا مفهوم، ولكن هذه الصورة العامة نريد أن نعرف مكوناتها أو كيف حدثت وبالأرقام، وبعد أيام جاءني بنتائج المقارنة.. الرئيس التزم في برنامجه بإنجاز كذا وكذا في هذا المجال أو القطاع، والحال الآن كذا وكذا، وفي الإجمال أظهرت تلك المقارنة أن ما وعد به الرئيس ناخبيه عام 1999م نفذ في الواقع بنسبة عالية حتى النصف الأول من عام 2006م، وبالطبع تلك النتائج مدعومة بمعلومات وشواهد وبيانات تؤكد أن اليمن عام 2006م تطور كثيراً في مختلف المجالات عما كان عليه وضعه عام 1999م، وقد أشرت إلى ذلك في مقال كتبته حينها، وذكّرت فيه منكري إنجازات علي عبدالله صالح ومنافسيه أن حظهم سيئ لأنهم ينكرون وقائع يعرفها الجمهور وينافسون بالصياح وأيديهم صفر من أي مفخرة.
وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة قدم الرئيس لناخبيه برنامجاً طموحاً تضمن أفكاراً وقضايا جديدة وحصل في انتخابات سبتمبر 2006م على تفويض شعبي بتطبيقه، وقد شرع بالفعل بتطبيقاته الأولية في حين أن بعض أطراف المعارضة تستعجل الأمور وتقول لم يتم شيء بعد وتحاول إرباك الأمور وخلط الأوراق وكأنها تراهن على الفشل، وفي اعتقادي أن الرئيس علي عبدالله صالح الذي بنى اليمن المعاصر من جديد ابتداءً من عام 1978م رغم التحديات التي اعترضت سبيله سوف ينجح هذه المرة أيضاً، صحيح أن برنامجه الانتخابي الذي حصل بموجبه على تفويض شعبي في انتخابات سبتمبر 2006م مزدحم بأفكار وقضايا والتزامات مهمة وبعضها جديدة وجريئة، لكن اعتقاد بعض قوى المعارضة بصعوبة الوفاء بها بحلول سبتمبر 2013م قائم على مجرد الرغبة في الكيد السياسي الذي يجب التخلي عنه، وأن تتحول المعارضة عنه إلى موقف الداعم لتطبيق هذا البرنامج.
أعتقد أن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح سوف ينجح في تطبيق برنامجه الانتخابي أفضل من أي برنامج طبق في الماضي، وهناك مجموعة ملاحظات يجدر لفت الانتباه نحوها، فإضافة إلى مجموع إنجازاته الوطنية التي تتوافر على شروط وأسس نجاح البرنامج المستقبلي، هناك عدد كبير من العوامل الأخرى، فإلى جانب المؤتمر الشعبي وحكومته التي أظهرت قدرة وكفاءة جيدة في الأداء والإصلاح، يقف إلى جانب فخامة الرئيس عدد من الحلفاء الذين يعضدونه في تطبيق برنامجه وهو يملك خبرة جيدة تمكنه من استغلال أفضل عناصر القوة لدى هؤلاء الحلفاء وتسخيرها لخدمة مشروعه الوطني، والشعب هو الحليف الأول والتاريخي للرئيس علي عبدالله صالح، لأن هذا الشعب وجد فيه مصادر قوته وأمنه، وفوضه أن يواصل قيادته وتحقيق تطلعاته، وبالطبع يدرك الرئيس احتياجات هذا الحليف وكيفية تلبيتها من خلال تطبيق ذلك البرنامج، كما أن الرئيس الذي يثق بقدرة أبناء شعبه يدرك أن هذه القدرات والطاقات يتعين توجيهها وتوظيفها لصالح الإصلاح والتغيير نحو الأفضل.
ويعتبر الزمن أو حُسن استغلال الوقت حليفاً قوياً للزعماء دائماً، وهذه قاعدة مشهورة، لكن لدى الرئيس علي عبدالله صالح حلفاء آخرين مهمين، الموارد النفطية والقطاع الخاص والاستثمارات الخارجية التي يتعين جذب المزيد منها إلى الداخل وتأمين شروط هذه الأنشطة من خلال إعلاء مبدأ سيادة القانون، وذلك كفيل باستتباب الاستقرار وبيئة النزاهة والشفافية وتحويل البيئة في كل مرفق إلى بيئة محفزة للأداء الجيد وطاردة للفساد والفاسدين.
وبالطبع يتعين أن تكون أحزاب المعارضة حليفاً للرئيس وللسلطة في المسائل والمهام المتعلقة بالقضايا الوطنية والشأن العام والمصالح العامة، وينبغي الاعتراف أن العلاقة المضطربة بين السلطة والمعارضة منذ سنوات لا تساعد على إقامة مثل هذا التحالف، لكن الفرصة ما تزال قائمة ونعتقد أن دعوة المؤتمر الشعبي العام المعارضة إلى الحوار، واتخاذ اللجنة العامة والأمين العام للمؤتمر إجراءات جادة بهذا الشأن خطوات سوف تنهي القطيعة، خاصة وأن برنامج الرئيس علي عبدالله صالح يتضمن إصلاحات دستورية وقانونية في مجالات شتى ومن الضروري أن يتم حوار وطني بشأنها، للاستفادة من أي آراء وأفكار إيجابية قد تكون موجودة لدى المعارضة.
نقلا ً عن الثورة