الإثنين, 23-يناير-2012
الميثاق نت -   علي عمر الصيعري -
تروي طرفة غربية شهيرة أن «روزفلت»- عندما كان محافظاً لمدينة «نيويورك» توجه إلى مكتبه يوماً مع صديق له، فرأى بانتظاره عدداً من الزائرين فحيَّاهم ثم أخذ يروي لهم نادرة لا طرافة فيها، ولما دخل مكتبه قال له صديقه: إن دعابتك قديمة وتافهة! فضحك روزفلت وأجاب: أعرف هذا، وقد تعودت أن أقص مثل هذه الدعابات السخيفة، لأرى من يقهقه عالياً فأعرف أنه حضر ليتملقني أو يطلب مني شيئاً لا حقَّ له فيه.
لعلكم تلاحظون أن مغزى هذه الطرفة يحمل دلالتين الأولى تشير إلى نزاهة «روزفلت» وحرصه على قطع الطريق أمام أول خطوة على طريق الفساد، وهي تملق المنافقين وحَمَلَة «المباخر» لمجاملة المحافظين والوزراء وغيرهم، أما الدلالة الثانية فتشير إلى أنه ربما تعمد روزفلت إلقاء هذه النادرة «البايخة» ليثبت لصديقه مدى شعبيته ملمّحاً له: بأن هؤلاء الزوار ضحكوا وقهقهوا لنادرة باردة، فما بالك بنادرة طريفة يصفق ويقهقه لها كل الديوان وليس الزائرون وحدهم؟! إلاّ أن روزفلت كان واثقاً من نفسه أمام صديقه لما عُرف عنه في التاريخ السياسي لأمريكا من نزاهة وشفافية.
أما في بلاد الحكمة والإيمان، وخاصة بعد تشكيل حكومة الوفاق والاتفاق، فإن الدلالة الثانية من مغزى طرفة صاحبنا «روزفلت» أصبحت في هذه الأيام «موضة» لبعض الوزراء الذين ينطبق عليهم المثل الحضرمي القائل: فتَّحْ وشاف الديك»، وكأني بروزفلت يطل علينا متسائلاً في دهشة: «من يخلق لهؤلاء المسئولين عندكم أبهتهم وعظمتهم الفارغة؟!»، ولاشك فإن الاجابة عن هذا السؤال تشير إلى العديد من المتملقين والمنافقين الذين أُبتلي بهم هذا الوطن في هذا الزمن الرديئ، كما تشير كذلك إلى بعض الوزراء الجدد الذين يستمرئون تصفيق وقهقهة المنافقين والمتملقين لهم كلما بدرت منهم نكتة أو طرفة «بايخة» على طريق الصدفة إن لم نقل بتعمدهم في إلقائها على هؤلاء، ليس لاستجلاء نوايا من يقهقه عالياً لنوادرهم الباردة فيعرفون أنه حضر ليتملقهم أو يطلب منهم شيئاً لا حقَّ له فيه، ولكن من أجل إشباع رغبة في نفوس البعض من هؤلاء الوزراء ليدخل بعدها مكتبه متهادياً كالطاووس.
وإذا تمنيت شيئاً هنا، فإني أتمنى على هؤلاء المسئولين أن يحيّوا زائريهم ويلقوا على آذانهم نكتة أو نادرة طريفة حقاً يقهقه لها الجميع ليقطعوا الطريق على من حضر ليتملقهم أو ينافقهم، وهذه الخطوة الأولى لتحصين أنفسهم من شرور أولئك المنافقين والمتملقين، وعندها سيعرف كل منهم قدر نفسه ومكانته كموظف حكومي في هذا الوطن ويقتنع بأن المسئولية تكليف وليست تشريفاً.. ولا فخر للمرائين والفسدة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-24848.htm