جميل الجعـدبي -
المساعد عبدالله محمد ناصر الوادي من منتسبي الفرقة الأولى مدرع لم يجد بداً من صب البترول على نفسه وإشعال النار في جسده المنهك قهراً بعد عشرة أيام من الانتظار عند بوابة معسكر الفرقة على أمل لقاء اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة وشرح قضيته التي تتلخص في إيقاف راتبه منذ 6 أشهر وراتب أخيه الذي استشهد في آخر معارك اللواء الثائر بمحافظة صعده.
جسد المساعد عبدالله الوادي (43 عاماً مواليد محافظة أبين) المغطى حالياً بالحروق والجروح الخطيرة ، يجسد في حقيقته صورة حيه لواقع الحال داخل معسكر الفرقة الأولى مدرع وأوضاع منتسبيها منذ إقحامها في أتون الصراع السياسي مطلع العام الفائت وتسخير إمكانياتها لأغراض شخصية وتحقيق أهداف سياسية تحت شعارات مطاطية للاستهلاك الإعلامي.
وقعت هذه الحادثة التي يشيب لها الولدان ، أمام بوابة معسكر الفرقة وعلى مقربة من ساحة التغيير ، ومايفترض – مجازا- انها ساحة للحرية والعدالة والمساواة وحقوق الانسان ، وساحة ضد الظلم والفساد المالي والإداري .!
مثل هذه الواقعة المفزعة وقعت قبل عام وتحديدا في مثل هذه الأيام اشعلت في تونس شرارة ثورة شبابية شعبية حقيقية صادقة ، ولأنها كذلك صادقة وقامت لأجل الإنسان نجحت في إسقاط نظام بن علي في غضون أيام، وأكملت عامها بإجراء الانتخابات في
تونس.. لكنها في بلادنا حدث عادي لا تثير اهتمام قناة (الجزيرة) وبقية القنوات الفضائية ، ولا حتى الصحافة المحلية، ربما لأنها حادثة تلقائية – وهي هنا تتطابق تماما مع حادثة الشاب التونسي محمد بوعزيزي- فلم يحضر لها سياسياً في مكتب قناة الجزيرة بإشراف الشيخ والقيادي في المشترك حميد الأحمر كما قال في حديث صحافي سابق.
ما كان لـ (بوعزيزي الفرقة) لينتظر عشرة أيام عند بوابة معسكر الفرقة ويمنع من دخولها لملاقاة القائد ، لو كان ينتمي لقبيلة حاشد –مثلاً- أو أنه موصى به من شخصية اجتماعية مرضى عنها عند حاشية حامي حمى ثورة المشترك الانقلابية ، وأهل الحل والعقد في حزب الإصلاح .. وأتصور حينها كان اللواء علي محسن (حفظه الله) سوف يخرج بنفسه لبوابة المعسكر لاستقبال المساعد الوادي وقضاء حاجته..
لكنه الواقع يقدم لنا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا صورة حية أخرى مصغرة لواقع القضية الجنوبية ، وما لحق بأبناء المحافظات الجنوبية من ظلم ومصادرة حقوق وتعسف ، وكلها ممارسات مرتبطة بنتائج حرب 94م المشئومة والتي كان لـ(ثوار اليوم) براءة اختراع أسبابها ، وتبرير نتائجها على أسس متينة من الشراكة في الفيد والفيد الآخر .!
ويبقى القول ونحن أمام هذه المأساة أن هذه الحادثة وقعت في بوابة معسكر الفرقة الأولى مدرع ، بعد أيام قليلة من احتفاء قيادة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بزفاف ( 320) عريسا من منتسبيها في عرس جماعي هو الثامن من نوعه الثامن كتقليد سنوي تقيمه قيادة قوات الحرس الجمهوري بدعم واهتمام وحضور العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح ، لتغنى بذلك الصورتين عن المقارنة وشرح واقع الحال للمجادلين ..!
[email protected]
* (الحراوة) : جمع حريو بلهجة صنعاء وتعني عريس