يحيى علي نوري -
< الشطب لأهداف الثورة اليمنية «سبتمبر واكتوبر» من صدر الصفحة الأولى للصحيفة التي تحمل اسم الثورة وشعلتها، أثار ما أثاره من الاستغراب والاندهاش في أوساط الرأي العام.. الذي لم يجد حيثيات لفعلٍ كهذا سوى أنه تقصير صريح وكاشف عن الرغبة الجامحة لدى البعض في زيادة منسوب الاحتقان السياسي في البلاد، في الوقت الذي تعد البلاد في أمس الحاجة الى المزيد من التهدئة التي تمكنها من تجاوز الأزمة بانسيابية.
تصرف لا ريب أعوج يمثل امتداداً طبيعياً لحالة الارتجالية والعشوائية التي مازال معالي وزير الاعلام يصر على إدارة الشأن الاعلامي من خلالها، وهو ما يقدم للمتابعين العديد من الإيضاحات للإدارة الهوجاء لمعالي الوزير والتي أسهمت في زيادة الاحتقان داخل الاسرة الاعلامية وجعلت الأداء الاعلامي يسير باتجاه خدمة أجندة وإرادات ورغبات حزبية وبصورة متجردة تماماً عن المهنية التي تفرض على الجميع التزام الحيادية والموضوعية والاستيعاب الأمثل لمتطلبات اليمن الراهنة وأهمية دور الاعلام في التهدئة باعتبارها واحدة من أبرز المتطلبات.
ولعل وقفة هنا أمام اخفاقات إدارة الوزير العمراني ستقدم الأسباب والبواعث التي تقف وراء نشاط كهذا.
فإيقاف البرامج التفاعلية مثلاً من شاشات التلفزة الرسمية لم يكن بالقرار المهني وإنما غلبت عليه الرغبة في الانتقام من معدي ومقدمي هذه البرامج .. في الوقت الذي كان بإمكان معالي الوزير وانطلاقاً من الحرص- إنْ وُجد- على تطوير هذه البرامج أن يقرر مثل هذا التطوير، وجعلها- اي البرامج- أكثر انفتاحاً على الرأي والرأي الآخر.. نقطة أخرى تتمثل في أن عودة العديد من الاعلاميين الذين استقالوا من مناصبهم كان بمثابة عودة انتقامية وهو ماعسكته تصرفاتهم التي طالت شعار الفضائية اليمنية واستبداله بسرعة الضوء وكذا بث برامج تحاول إحداث المزيد من الاستفزاز وبصورة لا تعبر إلا عن الرغبة في الإضرار بالآخر بل بالوطن عموماً.
وقد شجع مثل هذه السلوكيات سكوت الوزير غير المبرر عن كافة الشكاوى التي قُدمت له وطالبته باتخاذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بوضع حد لحالة الفوضوية وبما يجعل الاعلام الرسمي في كل ما يحلله ويعرض له منسجماً مع روح التوافق الذي ارتضاه شعبنا خلال المرحلة الانتقالية كأسلوب ناجع للخروج من أتون الأزمة الراهنة.
ولكون ارتفاع منسوب المزايدة والمناكفة والتعصب الحزبي وتصاعده بصورة يومية قد أفضى الى شطب أهداف الثورة ومثّل ذلك ذروة الاحتجاجات الرافضة لسلوك كهذا.. علاوة على الاستفزاز غير المبرر والذي طال صورة رئيس الجمهورية من صحيفتي الثورة والجمهورية والذي اعتبره المراقبون تجاوزاً خطيراً لمتطلبات ومضامين المبادرة الخليجية ومحاولة بائسة لإحداث تصعيد خطير من شأنه أن يعكر الاجواء ويزيدها فساداً باتجاه الفوضى، فإنه آن الأوان على معالي وزير الاعلام أن يعيد النظر في اسلوب إدارته وأن يعيد للبيئة الاعلامية المناخات الصحية والمهنية الحقة والبعيدة تماماً عن الاجندة الضيقة وان لا يسمح لأي تصرفات هوجاء من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية التي يجب أن تظل فوق كل المصالح الانانية، وإن شاء الله قريباً نجد وزير الإعلام ومؤسساته تغرد داخل السرب الوطني لا خارجه.