عبدالله الصعفاني -
أيهما الأخطر في متواليات الصراع المحلي الذي رافق ثورات الميادين..؟
هل هي المواجهات المسلحة التي تابعناها في الحصبة وأرحب وتعز وأبين ومناطق أخرى أم أن الأخطر هو ما ترتب على المواجهات من مظاهر الشد النفسي والانقسام العصبي داخل عدد غير قليل من المؤسسات المدنية وحتى العسكرية..؟
۹ لو تأملنا في المواجهات المسلحة ستجد أنها كانت واضحة الأطراف والمتمثلة في الأذرع القبلية والعسكرية وقوى الدفع الحزبي المنقسمة على هذا الطرف أو ذاك..
۹ أما ما نعيشه هذه الأيام من التداعيات والارتدادات فإنها من النوع الذي يفرض مسارعة العقلاء إلى تعليق الأجراس واطلاق صافرات الإنذار.. لأن الأمر لا يتعلق بإنشقاق عسكري ولا سجال بين تجمعات قبلية ورجال أمن ولا حتى صراع على خلفية البطاقة الحزبية وإنما صارت المواجهات الواضحة وتحت الرماد تستمد بنزين أوارها من أمراض يجرى استدعاء فيروساتها من صناديق الشر المغلقة.
۹ لقد صار في مؤسساتنا المدنية والعسكرية من يستدعي النزعة المذهبية والمناطقية والشطرية ويتمترس خلف مسميات يخجل أي عاقل من النطق بها لأن الخوض فيها شديد الشبه بالتحدث في الفاحشة.
۹ هذا النوع من السلوك العبثي الخائب يعكس خللاً ماحقاً في التفكير وتردياً في منسوب الانتماء إلى الوطن..
وإذا كان هناك من فائدة للتنوع الحزبي فإنها ستكون بكل تأكيد تذويب المنطقة والمذهب واللون والقبيلة في الحزب دونما قفز على كون الاختلاف في الفكر أو اللون السياسي مع قيمة التوحد الوطني والإنساني.
۹ صحيح أن هذه الأمراض لا تزال محدودة لكن الأكثر صحة أن ننتبه لها في المهد على قاعدة الإيمان بأننا أبناء وطن واحد غالبيته يعاني جزء منه يقومون بالتعذيب.. ليس على أساس المنطقة أو المذهب وإنما على عقيدة جشع لم يجد من يلجمه وفساد إطمأن إلى غياب من يضبطه..
۹ الكارثة أن هؤلاء مصممون على إقناعنا بأنهم على حق.. وكأن حب الوطن هو أن نفقد عقولنا..!