اعداد / شعبة الرصد بالصحيفة -
تولى فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح قيادة اليمن في 17 يوليو 1978م، وكانت البلاد تمر بفترة صعبة وأزمات خطيرة تستوجب المجابهة بكل حكمة وحزم وعزم؛ فقد أجمع المراقبون الدوليون آنذاك على أن اليمن منطقة غير مستقرة، بل إن الأحداث فيها كانت تنذر بتدهور مؤسسات الدولة، واستنزاف مواردها ومنجزاتها.. ومن أهم الأخطار التي كانت تعصف بها خلال لحظات انتخابه رئيساً وقائداً بواسطة مجلس الشعب التأسيسي ما يلي:
تسلم مقاليد السلطة السياسية في البلاد ثلاثة رؤساء في ظرف سنتين، وتم اغتيال رئيسين منهم خلال سنة؛ مما أوجد القلق في نفوس أبناء الشعب، وزعزع الاطمئنان لدى المجتمع، وألقى كثيراً من التردد والإحجام في نفوس القياديين الوطنيين الذين ترددوا من تحمل المسئولية.. وكانت الأطماع الخارجية تحيط بالبلاد التي كانت ضعيفة وبحاجة إلى الكثير من الإمكانات؛ ولذلك لم تكن الدول المجاورة راغبةً في دعم اليمن ليصبح بلداً قوياً سياسياً واقتصادياً؛ لأن الشكوك وعدم الثقة كان لها من يغذيها.
وما إن تمَّ انتخاب الأخ/علي عبدالله صالح رئيساً حتى شرع في ترتيب الأوضاع وبناء مؤسسات الدولة وفي مقدمتها القوات المسلحة والأمن، وكان همه الأكبر ترسيخ الأمن والاستقرار ثم المضي قدماً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
وشرع في تحسين علاقات بلادنا بدول المنطقة والدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، كما عمل على ترسيخ أواصر العلاقات بالاتحاد السوفييتي ودول المعسكر الاشتراكي، وخفف من حماسها واندفاعها في تأييد الاشتراكيين في عدن ودعم ما أسمي بـ«الجبهة الوطنية»، وقد نجحت سياسته المتوازنة والحكيمة في كسب دول الكتلة الشرقية في ذلك الحين في الحصول على السلاح من الاتحاد السوفييتي ومن دول الكتلة الشرقية، بالإضافة إلى الحصول على سلاح من الغرب في عام 1979م بعد اندلاع الصراع المسلح من جديد على الأطراف بين شطري الوطن سابقاً، ذلك الصراع الذي أدى إلى وساطة جامعة الدول العربية، وانعقاد قمة الكويت بين رئيسي الشطرين في أواخر مارس 1979م والاتفاق على الدفع بعجلة الوحدة إلى الأمام بدلاً من القتال وإزهاق الأرواح وإهدار الأموال.
وقد عانت المناطق الوسطى من دموية ذلك الصراع؛ حيث كان ينتشر أفراد ما أسمي بالجبهة الوطنية، وهم يبثون الخراب والدمار والقتل بين أبناء اليمن، وكان يدعمهم الماركسيون في عدن، وقد أرهقت الحرب أبناء المناطق الوسطى وأرعبتهم؛ لأنها كانت تعتمد أسلوب حرب العصابات وزرع الألغام الفتاكة التي لا تزال البلاد تعاني منها إلى الآن.
مكانته خارجياً
عربياً:
لاشك أن مواقف اليمن المبدئية من القضايا العربية، خاصةً حرب الخليج، قد أرهقت إلى حد كبير اقتصاده الوطني، ولكنها غرست حباً عميقاً في نفوس العرب جميعاً للزعيم الذي رمى بكل الأطماع خلف ظهره، وبرز بوجه عربي صادق ونظرة بعيدة ومستقبلية لكل ما حدث وسيحدث، وهو بهذا قد أثبت أنه مثل أي عربي مخلص يعاني بصدق من رداءة الوضع القومي عموماً، ولكنه لا يجامل ولا يداهن على حساب السيادة والكرامة العربية مهما كانت الضغوط والمغريات..
حققت هذه السياسة المبدئية سمعةً مشرفةً له في أوساط المثقفين والمفكرين والساسة العرب، فنلاحظ أن هناك كثيراً من رجال الكلمة العرب قاموا بزيارة الوطن، وسعوا إلى مقابلة الأخ الرئيس بكل شغف، لما يتحلى به من صراحة وثبات ووفاء إزاء مختلف القضايا الوطنية والقومية على حد سواء..لقد ظهرت حقائق الموقف اليمني تجاه الأشقاء الذين حرصوا على تطوير العلاقات مع بلادنا، وقد تمثل ذلك في التقارب اليمني/السعودي، وتطور العلاقات اليمنية/القطرية، وفي تميز الروابط الأخوية بين بلادنا ودولة الإمارات المتحدة وفي غيرها من العلاقات اليمنية الخليجية، وقد أدت حكمة الأخ الرئيس إلى توثيق العلاقات بين بلادنا وعمان، وانتهى تماماً ذلك الإشكال الحدودي العالق بين البلدين منذ أمد طويل.
أصبح معروفاً بين العرب أن الوحدة اليمنية عنصر مهم ورئيسي لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة وتندرج في نطاق تكوين الأمن القومي العربي المنشود، في مواجهة الأخطار التي تهدده، وتسعى لتقارب حقيقي بين أبناء منطقة شبه الجزيرة العربية لتعاون اقتصادي وثيق يحمي وجودها وسيادتها سياسياً واقتصادياً وفكرياً وعقائدياً.
دولياً:
تبوأ فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئىس المؤتمر مكانةً مرموقةً لدى العديد من زعماء العالم، وحازت سياسة بلادنا الخارجية المتوازنة على احترام الكثير من الدول الغربية والشرقية من خلال أسلوب تعاملها مع المستجدات الدولية، وهو ما أكده الأخ الرئيس في كل زياراته شرقاً وغرباً وللدول الشقيقة والصديقة،
أصبحت الوحدة اليمنية مثالاً إنسانياً رائعاً، فقد قام كثير من المفكرين والصحافيين العالميين بزيارة بلادنا للتأكد من حقيقة هذا الإنجاز ومدى تعمقه في نفوس أبنائها، ونقلوا صورة صادقة للإنجازات الكبيرة المتعددة التي تحققت فيها، وأدركوا أن الأخ رئيس الجمهورية من الرجال القلائل في هذا القرن ممن سيحتلون حيزاً في ذاكرة التاريخ الجماعية.
لايختلف اثنان في أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية هي من أهم المنجزات والمكاسب الوطنية التي تحققت في ظل قيادة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئىس المؤتمر والذي توج بها النضالات والتضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الشعب اليمني على مر العصور..
فلقد مرت اليمن بظروف صعبة وشاقة وهي تسعى لإنجاز هذا الهدف العظيم، وكان الأخ الرئيس يؤمن بحتمية إعادة توحيد الوطن، جاعلاً من ذلك همه الأكبر، وكانت أحاديثه وتصريحاته ومقابلاته الصحفية وكلماته في المؤتمرات الدولية ومحادثاته مع رؤساء الدول ووفودها وسفرائها، وكذا خطاباته في مختلف المناسبات الدينية والوطنية والثقافية لا تخلو من التأكيد على ضرورة إعادة تحقيق الوحدة وإنهاء التشطير الذي كان مصدراً للنزاعات والصراعات بين الشطرين وسبباً لإهدار الإمكانات، ومعوقاً للتنمية والبناء.
ويمكن القول إن فترة الثمانينيات قد شكلت قفزة نوعية بالأخص في حياة ما كان يسمى بالشطر الشمالي، ويمكن اعتبارها حقاً عصر التحول الذهبي في ظل سياسة القيادة الحكيمة للأخ الرئيس علي عبدالله صالح، إذ بدا الوطن في هذا العقد وهو يئن تحت وطأة الحروب والصراعات السياسية والتمزق، واختتمه وهو يطل على عصر جديد بوجه مشرق، حيث استطاع التخلص تدريجياً من أزماته الاقتصادية ومن ثم خطر التجزئة، كما رفع مبادئ وشعارات مثالية مبدئية تعتمد علي الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية والحزبية واحترام حقوق الإنسان؛
مما أثار إعجاب دول المنطقة، فاتسمت سياسة الأخ الرئيس بالموضوعية والواقعية والاستفادة من دروس الماضي، فتم تحرير القرار من الهيمنة الخارجية ورسخت أسس بناء دولة حديثة متطورة، وتحقق للوطن نهضة تنموية خاصة بعد اكتشاف النفط والغاز والتوجه نحو التنمية الزراعية الشاملة، وقد أدى كل هذا إلى استقرار اقتصادي ونهضة تنموية ملموسة..
ولقد توج ذلك بقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م بعَلَمها وشعارها الوطني، وانتهى عهد التشطير إلى الأبد، وتم اختيار الأخ علي عبدالله صالح رئيساً لمجلس الرئاسة في الجمهورية اليمنية.