الإثنين, 26-مارس-2012
الميثاق نت -   كامل الخوداني -
الإعلام ذلك السلاح الفتاك والآلة الجبارة التي يستطيع من يمتلكها ويسيطر عليها الوصول عن طريقها وبواسطتها التحكم بالعقول والأفكار والتوجهات وتسيير الشارع والمواطن العادي والمثقف والكاتب وبناء أنظمه وإسقاط أخرى ..في أمريكا مقولة مفادها «من يمتلك الإعلام يمتلك الحكم»

لقد استطاع الإعلام خلال الفترة الماضية تحقيق مالم تستطع الأسلحة والجيوش العملاقة تحقيقه وبأقل التكاليف سواء على مستوى العالم أو على مستوى الشرق الأوسط والعالم العربي ليتحول من وسيلة تثقيفية وتعليمية وإخبارية إلى غزو لا شيء يقف أمامه أبداً أو يمنع تقدمه غزو من نوع آخر سلاحه الصورة والصوت والكلمة .
من منطلق هذه الأهمية للإعلام ودوره بقلب نظامي الحكم بتونس ومصر، اتجهت المعارضة اليمنية إلى إنشاء المواقع الإخبارية والصحف والنشرات اليومية وبالعشرات والمئات وخلال فتره قصيره بداية أحداث الربيع العربي الذي انطلق من تونس أوائل العام الماضي، كما قامت باستقطاب مراسلي القنوات الإخبارية العربية والعالمية واستقطاب الصحفيين والكُتَّاب وإنشاء مراكز إعلامية بالعشرات وتوفير كافة الأجهزة والإمكانات حتى في قلب ساحة الجامعة بمسمى الخيمة الإلكترونية أو المركز الإعلامي للساحة وقامت بتشكيل فرق إعلامية على مستوى المحافظات والمديريات والمناطق ودعمتهم بأحدث الأجهزة والآلات ووفرت الدعم للمئات من محرري الأخبار وصياغتها والمواقع والصحف الإخبارية وشكلت لجان تواصل واتصال دولي هدفها التنسيق والتواصل مع مراكز دولية ومنظمات مدنية وصحف وقنوات إخبارية عالمية والعمل على استقدام كوادر وخبرات أجنبية مجيدة لفن الصورة والفوتوشوب والتصوير والإخراج والتوثيق وإرسال فريق آخر كمندوبين دائمين لدى القنوات الإخبارية للتحليل والتنظير والحشد الإعلامي حتى إن الكثير منهم ظل ضيفاً مقيماً طوال الأشهر الماضية ومنذ بداية الأزمة لدى سكن قناة الجزيرة والعربية والبي بي سي وغيرها من القنوات موزعين ما بين القاهرة والدوحة وأبوظبي والرياض ونيويورك..
بداية انطلاق الأزمة وخلال الشهر الأول استطاعت بشكل كبير كل هذه الإمكانات والشبكة الإعلامية لمراكز إعلام اللقاء المشترك وبمساعدة مادية وفنية وإعلامية لقنوات الجزيرة والبي بي سي وتحديداً الجزيرة من النجاح وتحقيق أهداف ملحوظة كان لها أثرها وبرزت بشكل كبير جداً في أحداث جمعة 18مارس بتشكيل هالة إعلامية وتسليط أضواء على مدار الساعة بلغت أوجها في يوم 21مارس إعلان الانشقاق العسكري للخائن على محسن الأحمر وما تلاها من انضمامات خُيّل للمتابع انتهاء النظام وسقوطه تماماً، بينما على الشارع وأرض الواقع عكس هذا وزادت شطحاتهم وكذبهم بعدها فانكشفت الحقائق يوماً بعد يوم بالداخل والخارج، وباءت محاولاتهم تصويرها ثورة سلمية شعبية وتصوير النظام والجيش قتلة وسفاحين بالفشل الذريع، كون الواقع يحكي غير هذا.. تحالف قبلي إخواني عسكري مسلح لقلب النظام والسيطرة على الحكم ليدير العالم ظهره لتقارير الجزيرة وسهيل ومراسلي قنوات الأخبار ومواقعهم الإخبارية وتقارير منظماتهم المأجورة وكُتَّابهم المأجورين خارجياً وداخليا ويعلن أنها أزمة ومواجهات مسلحة لا ثورة، فكانت الصفعة القاتلة لهم ولمموليهم ولإعلامهم المأجور الفاشل..
داخلياً على رغم تدني التعليم والتثقيف لدى الكثير من اليمنيين إلا أن هذه الهالة الإعلامية التي وصلت بهم حد تشكيل لجان إعلامية وإرسالهم إلى كل المناطق للقيام بالتعبئة ونقل صورة مغلوطة إلى جانب ما تقوم به سهيل والجزيرة وبقية القنوات، إلا أن المواطن اليمني رغم هذا يتصف بالحكمة والعقلانية إلى جانب أن الأشهر الماضية للأزمة قد منحته لقاحاً قوياً ضد ما تبثه هذه القنوات والمراكز واللجان من أخبار مسمومة، فحينما كانوا يصلون بكذبهم إلى قمة الإسفاف والمغالطة، كان يصل المواطن إلى قمة القناعة الكاملة بكذبهم وزيف أخبارهم ..
سقوط
قناة الجزيرة
اليمنيون بإمكاناتهم البسيطة يسقطون أكبر مؤسسة إعلامية مابين أقدامهم ويعرُّون زيفها وتضليلها أمام العالم.. هذا ما قاله لي أحد أصدقائي الجزائريين في حديث عما تبثه قناة الجزيرة ومراسلوها من أخبار كاذبة وعدم مصداقيتها بنقل الخبر وانحيازها السافر بشكل واضح متجاوزة أخلاق المهنة بل إنها غارقة تماماً في مستنقع من الدجل والتهويل والتضخيم بلا شرف إعلامي أو أدبي أو إنساني ..
اليمن اليوم الافضل
بعد توقيع المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق كانت ألانظار تتجه نحو الإعلام بقوة، متنازلين عن أي شيء للحصول عليها لا لشيء إلا للانتقام من كوادرها ومذيعيها ومعدي أخبارها وإدارييها وكل شيء بعملية انتقامية ومحاولة سيطرة منظمة، مستمرين السير بمفهوم «من يسيطر على الإعلام يسيطر على العقول» ونالو ما أرادوه حقاً لكن ليس السيطرة على العقول بل السيطرة على الإعلام، متناسين أن المواطن اليمني لم يبرمج على قناة اليمن وسبأ لأنهما قناة اليمن وسبأ بل لأنهما يمتلكان المصداقية والطرح الراقي والهادف والذي تنتهجه إدارتها ومذيعوها وخارطة برامجها ولهذا بمجرد أن شاهد المواطن اليمني أن قناة اليمن لم تعد قناة اليمن قفز من عليها إلى قنوات «آزال واليمن اليوم والعقيق» بحثاً عن الهوية اليمنية والمصداقية، وتصدرت «اليمن اليوم» خلال الفترة الاخيرة قائمة القنوات المحلية الأكثر مشاهدة ومتابعه محلياً..
المئات من المواقع الالكترونية والصحف الإخبارية التابعة للقاء المشترك والتي وُلدت في مدة قصيرة ممولة ومدعومة داخلياً وخارجياً وجدت لغرض معين وهو صناعة الخبر الكاذب ورصف طريق من التضليل يجد المتابع والمراقب ما بين الدقائق والاخرى خبراً كاذباً او تصريحاً زائفاً يتم نشره ومن ثم تداوله بتسلسل زمني بين مواقعهم الواحد تلو الاخر لكي يصل الى اكبر عدد من القراء، منتهجين مبدأ اكذب واكذب حتى يصدقك الناس.. وكما اخبرني احدهم وأثق بصدق كلامه ان هناك غرف عمليات اعلامية بإشراف وخبرات عالية وامكانات مادية هائلة تعمل على مدار الساعة تدير عشرات المواقع الاخبارية والصحف وتتصل بمنظمات وقنوات عربية واجنبية ومراسلين اعلاميين وكتاب مأجورين ترسل لهم الفكرة، وعليها الكتابة وعليهم الترويج ..
رغم امكاناتنا البسيطة وامتلاكنا لصحف ومواقع اخبارية لاتتجاوز عدد أصابع اليد بمقابل مايمتلكونه من مئات المواقع والصحف، إلا ان مصداقية مواقعنا وتمسكها بالاخلاق الادبية والمهنية واحترامها لعقل المواطن اليمني والقارئ استطاعت ان تجابه وبقوة الماكينة الاعلامية القاتلة الضخمة التي يديرها اللقاء المشترك.. رغم إمكانات مواقعنا وصحفنا البسيطة، إلاانها تمتلك ماهو أهم.. اخلاقيات المهنة وشرفها ومصداقية الخبر وواقعية الطرح وهذا ماجعلها ترتقي مقابل سقوط اعلام اللقاء المشترك والى جانبه الكثير من القنوات الاخبارية، وما «الجزيرة» والـ«بي بي سي» إلا نموذج لقنوات اخبارية أفقدها مراسلوها بكذبهم وزيف اخبارهم المصداقية لدى المشاهد الباحث عن الحقيقة.. منطبقاً عليهم قوله تعالى «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».
خلاصة القول: إن الإعلام له أهميته حقاً لكن انعكاساته عند سوء استخدامه قاتلة، وهذا ماحصلت عليه صحف اللقاء المشترك وقنواتهم ومواقعهم الاخبارية من كثر الزيف والكذب، فكانت نتيجته السقوط في مستنقع الانحطاط وفقدان المصداقية وإلى الأبد..

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 09:54 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-25973.htm