الإثنين, 26-مارس-2012
الميثاق نت -   كتب / محمد أنعم -
مضى عام على فشل انقلاب 21 مارس 2011م المشئوم الذي خطط له ونفذه الاخوان المسلمون في اليمن.. لكن طوال أكثر من 12 شهراً والمواجهات ماتزال محتدمة ولم تُحسم إلى الآن..

ولعل ما يجعلنا نجزم بفشل ذلك الانقلاب هو التوقيع على المبادرة الخليجية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهي محطات قضت وإلى الأبد على حلم وصول قيادات اخوانية إلى دار الرئاسة سواءً عبر الصندوق الانتخابي أو عبر الزحف..

بالتأكيد لا أمل لحزب الإصلاح في الوصول إلى دار الرئاسة، حيث لم يعودوا شيئاً ذا شأن بعدما أفرزته الأزمة من خارطة سياسية جديدة أزاحت الإصلاح من الصفوف الأولى ليصبح الآن في الهامش وسط تحالفات جديدة تحمل جروحاً تنزف من حرب دامية شنها حزب الإصلاح عليها وهي تقف معه في متاريس وخيام ساحات التغرير.


لذا فانتقال الاخوان إلى مرحلة التوحش وسفك الدماء في التعامل مع المؤتمر والحوثيين والاشتراكيين والناصريين وغيرهم.. هو نفس السلوك العدواني الذي تعبر عنه القاعدة في اعتداءاتها ضد الجيش والأمن وخصوصاً منتسبي الحرس الجمهوري والأمن المركزي.

ومثلما قُتل الحرس بالمكلا وهم يتناولون وجبة الغداء، فقد تم إحراق خيام الحوثيين بساحة التغرير جوار جامعة صنعاء وهم آمنون داخل خيامهم..

إن تصعيد السلوك العدواني لحزب الإصلاح له دوافع انتقامية من المجتمع أو الآخر الذي يختلف معه وليس دفاعاً أو انتصاراً لقضايا وطنية لها صلة بهموم وتطلعات أبناء الشعب أبداً.. خصوصاً وقد كشفت الأزمة عن رفض الاخوان التعايش مع الآخر في مستعمرة ساحات التغرير، وذلك الخطأ الجسيم جعلهم يضحون بالوزارات لأحزاب أخرى لإيهامهم طوال عامين أن ثمة فارقاً بين دكتاتوريتهم بمنصات الساحات وبين تقاسم الوزارات.. لكن ذلك كان أمراً مفضوحاً ومصيدة كشفتها الأحزاب المتحالفة معهم مبكراً..

> اليوم يسعى حزب الإصلاح للعودة بالوطن إلى ما قبل المبادرة.. فبالأمس عادت قيادات الإصلاح تجمع الشباب السذج لخوض معارك جديدة.. وعاد علماء الفتن يرفعون رايات جهاد آخر فيما أسموها بجمعة «القصاص».. والماطالبة من جديد برحيل الزعيم علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر الشعبي العام- في انقلاب واضح على اتفاق التسوية السياسية.. ولن تتوقف مطالبهم هنا.. بل لقد تطاول إصلاحيون على الرئيس عبدربه منصور هادي كثيراً، في محاولة لإعادة انتاج سيناريو الخلاف معه على غرار السيناريو الذي اتبعوه مع الزعيم علي عبدالله صالح واستطاعوا من خلاله خلط الأوراق ونقل الأزمة إلى أكثر من مربع ونجحوا في غسل الأدمغة وجروا الجميع بعيداً عن حل جوهر المشكلة التي كانت قائمة حول الانتخابات النيابية والقائمة النسبية والنظام الانتخابي بعد اتفاق فبراير 2008م..



وها نحن اليوم نقف أمام مشكلات تُفتعل هنا وهناك وأعمال عنف ومخاطر وتحديات يسعون إلى جعلها ذا أولوية عن تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..


ولقد أربكوا فعلاً الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية بأعمال الإرهاب والاختطافات وفوضى المؤسسات وغيرها من المشاكل المفتعلة وذلك للتهرب دون اجبارهم على تنفيذ التزاماتهم التي جاءت في المبادرة وآليتها التنفيذية.


ولتعقيد المشكلة أكثر فقد ذهبت أحزاب المشترك وفي مقدمتها حزب الإصلاح للمطالبة بهيكلة الجيش قبل الحوار الوطني في محاولة لجر الدول الراعية للمبادرة والمؤتمر إلى داخل مستنقع من الجدل السفسطائي البعيد عن جوهر متطلبات المرحلة الانتقالية.. وعندما خرج الناطق الرسمي باسم اللجنة العسكرية وأكد أن لا هيكلة إلاّ بعد الاستفتاء على الدستور الجديد، نجدهم يفتعلون أزمة أخرى ويعودون لاستفزاز أعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام بالمطالبة بترحيله ومنعه من الالتقاء بأعضاء حزبه، ويهدفون من وراء ذلك الاستفزاز جرّ المؤتمريين لاتخاذ ردود أفعال قوية تكون مبرراً لهم لتفجير أعمال العنف والانقلاب على المبادرة الخليجية.


واضح جداً أن مصير المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمَّنة سيواجه نهاية دراماتيكية.. وها هو حزب الإصلاح يعود إلى المربع الأول ليواصل استكمال محاولته الانقلابية الفاشلة عبر إفشال تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها..


وهنا لابد من التنبه لمخاطر ذلك الالتفاف على المبادرة وعلى مستقبل النظام السياسي في البلاد..فإذا كان المؤتمر قد دفع بسبب عدم تمسكه بتنفيذ اتفاق فبراير عام 2008م أثماناً باهظة جداً، بالتأكيد فإن التساهل عن تطبيق بنود المبادرة بنداً بنداً سيقود إلى الاطاحة بالأخ المشير عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية- من منصبه.. سواءً عبر تغييرات خارجية أو داخلية يجرى تهيئتها لتحقيق ذلك الهدف..


وما يؤكد ذلك استمرار انشقاق الجيش، ومتاريس المليشيات المسلحة وخيام طالبان الإصلاح..



فهذه الحقائق تكشف عن مخطط يعد له الإصلاح وليس هناك مبرر مقنع لبقاء مسببات الأزمة.. إلاّ للانقلاب على النظام، مستغلين المبادرة لإعادة ترتيب أوضاعهم من جديد وفقاً لأوضاع يجرى إعادة انتاجها بقوة سلاح القاعدة وهي كفيلة بخلط الأوراق.. وبالتالي ستصبح استعادة تعز من قبضة الإرهابيين أولوية عن المطالبة برفع متاريس الحصبة أو الفرقة المنشقة من جوار منزل رئيس الجمهورية..
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-25980.htm