سمير النمر -
< منذ اندلاع الأزمة السياسية في بلادنا وقف المؤتمر الشعبي العام وأنصاره موقفاً إيجابياً ومسؤولاً في التعاطي مع مفردات الأزمة وعناصرها، مغلباً المنطق والعقل، باسطاً كفيه للتحاور مع أطراف العملية السياسية، محافظاً على الشرعية الدستورية ضد المشروع الذي تقوده القوى الانقلابية والشمولية التي أرادت أن تنقلب على كل المكتسبات الوطنية والقيم الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة..
< هذا الموقف الايجابي للمؤتمر وأنصاره تجسد في تقديمه الكثير من المبادرات الوطنية لحل الأزمة، لكنها قوبلت بالرفض من الطرف الآخر دون أي مبرر لرفضها، والتي كانت مبادرات مغرية جداً وتصب في مصلحة الوطن بكل أطيافه وفئاته الاجتماعية والسياسية، الى أن جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كحل للأزمة السياسية للبلد، حينها قبلها الطرف الآخر لا لشيء إلا لأنها مفروضة عليهم من المجتمع الدولي والاقليمي، فتم القبول بها بكل علاتها ومآخذها، حيث إن المبادرة الخليجية وضعت البلد تحت الوصاية الدولية والاقليمية، ورغم ذلك كان المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه أول المبادرين لتنفيذ المبادرة الخليجية على أمل أن تكون بمثابة مخرج سلمي للأزمة التي تمر بها البلاد من أجل الخروج من النفق المظلم الذي فرضته القوى الانقلابية على بلادنا التي كادت تنزلق الى أتون حرب أهلية لولا عناية الله ثم حكمة قيادة المؤتمر الشعبي العام والشعب اليمني الذي تجرع الأمرَّين خلال الأزمة رغبةً في الخروج منها، ولهذا فقد قام المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه بتنفيذ ما يخصه من بنود المبادرة، وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني وبعدها تم إجراء الانتخابات الرئاسية التوافقية، رغم تعنت الطرف الآخر في تنفيذ ما يخصه من بنود المبادرة، والواقع الحي يشهد على ذلك، ورغم هذه التنازلات التي قدمها المؤتمر إلا أن الأمور كما تبدو تسير بصورة غير طبيعية من خلال انحراف مسارات التوافق الوطني باستهداف المؤتمر الشعبي العام وحلفائه بصورة واضحة وتحت غطاء المبادرة الخليجية والتي أصبحت عبارة عن سيف مسلط على رقاب أعضاء وكوادر المؤتمر الشعبي العام والشعب اليمني لخدمة المشروع الانقلابي الشمولي لبعض القوى المتطرفة التي تتبنى مشروع الاجتثاث لكل من يخالفها .. مشروع اجتثاث المؤتمر وكوادره ومكتسباته الديمقراطية ظهر بشكل واضح من خلال سياسات الإقصاء التي تمارس ضد عناصر المؤتمر في مختلف مؤسسات الدولة بصورة انتقامية وتحت غطاء المبادرة الخليجية ورعاتها الاقليميين والدوليين، فالانقلاب على قانون السلطة المحلية وتجاوز إرادة الناس في اختيار من يمثلهم وفقاً لقانون السلطة المحلية النافذ يعتبر في نظر معظم أبناء الشعب اليمني عبارة عن انقلاب مبطن على الشرعية القانونية والدستورية وعلى إرادة الناس والمكتسبات الديمقراطية لأبناء الشعب اليمني والعودة بالبلاد الى أيام الحكم الشمولي المركزي، وهذه الممارسات الشمولية لاشك أنها تخدم أصحاب المشروع الظلامي المتطرف تحت غطاء المبادرة.. وما نستغرب له ويثير دهشتنا أمام هذا المشروع الإقصائي- الذي يستهدف عناصر المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه- أن قيادات في المؤتمر أصبحت غير قادرة على الدفاع عن أنصارها وأعضائها وعن مصادرة إرادات الناس خاصة فيما يتعلق بالانقلاب على قانون السلطة المحلية، رغم أن المبادرة الخليجية ليس لها أية علاقة بالسلطة المحلية لا من قريب ولا من بعيد..
وأعتقد أن هذا الموقف لقيادة المؤتمر الشعبي العام وحلفائه تجاه ما يحدث لأعضائهم وكوادرهم سيضعها أمام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول أن تكون قادرة على أن تعبر عن تطلعات وأهداف وطموحات أعضائها وكوادرها، مدافعةً عن حقوقهم وإرادتهم الشعبية في ممارسة حقوقهم القانونية والدستورية بما يخدم المشروع المدني والديمقراطي الذي انتهجه المؤتمر منذ تأسيسه، وبهذا الخيار فإن قيادة المؤتمر وحلفائه ستكون بمثابة النبض المعبر عن تطلعات وطموحات جماهيرها وستلتحم أكثر بقواعدها وأنصارها الشعبية..
أما الخيار الثاني فهو أن تمضي قيادة المؤتمر وحلفائه في الطريق الذي يخطط له وينسج مساره المتطرفون في المشترك لمواصلة إقصاء وتهميش أعضائها وكوادرها وأنصارها، وبما يخدم أصحاب المشاريع الظلامية..
وفي حال قررت القيادة المؤتمرية أن تمضي في هذا الخيار فإن أعضاء وكوادر وأنصار المؤتمر وحلفاءه والذين يشكلون غالبية أبناء الشعب اليمني سيحددون لهم خيارات وبدائل أخرى بعيداً عن قيادتهم، باعتبار أنهم ليسوا قطيعاً حزبياً أو شمولياً كما في الاحزاب الشمولية الاخرى الذين تحركهم فتاوى الشيخ والمرشد، وإنما نحن في المؤتمر أحرار ونعرف جوانب الخطأ والصواب، ومواقفنا دائماً تتحرك وفقاً للمصلحة الوطنية، وإذا مضى أعضاء المؤتمر وأنصاره في هذا الخيار وحددوا لهم مسارات وخيارات جديدة بعيداً عن قيادتهم، فحينها لن تستطيع قيادة المؤتمر أن توقف هذا الطوفان البشري الذي سيغير مسار الاحداث ويقلب الطاولة على الجميع ويفرض واقعاً جديداً وتحالفات جديدة.. ولهذا إذا لم ترجع الأمور الى نصابها الحقيقي والوطني ويدرك الجميع خطورة المسار الذي يجري تنفيذه الآن ضد المؤتمر وحلفائه وأنصاره فإن الطوفان الجديد لاشك قادم ولن تستطيع أية قوة في العالم أن توقفه وسيقذف بكل من يعترض طريقه في مزبلة التاريخ.. وأعتقد بل وأجزم أن اللحظة الوطنية التي نعيشها الآن بكل تشوهاتها وتناقضاتها، ستتمخض عنها ولادة جديدة ومسمى جديد سيكون بمثابة مفاجأة غير متوقعة للجميع، تغير مسار الاحداث والحسابات وترسم خارطة جديدة للتحولات لا تستطيع أية قوة التحكم في مساراتها.. ومن هنا فإنني أدعو أعضاء وأنصار وحلفاء المؤتمر الشعبي العام إلى الوقوف صفاً واحداً أمام المشاريع الشمولية والاقصائية ومواجهتها بكل قوة وحزم وإرادة صلبة وعزيمة لا تلين بما يخدم الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وسيادته ويحقق الدولة المدنية الحديثة، ما لم فإننا سنكون كالأيتام على مآدب اللئام.