الشيخ/ موسى المعافى -
< جميلٌ جداً أنْ يستشعر كل من ولاَّه الله أمراً من أمور الأمة عظم المسؤولية وجسامتها.. والأجمل من ذلك أن يبكي هذا المسؤول حسرة وحزناً وألماً على أحوال رعيته.. تلك الاحوال البائسة التي يرثى لها كل مَنْ في قلبه متسعٌ للرحمة وللرأفة والخوف من ملك الملوك الدَّيَّان سبحانه وتعالى والذي يعلم من خَلْقه خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ولست أنكر أن شخصية الاستاذ محمد سالم باسندوة- رئيس حكومة الوفاق الوطني- تأسر إعجابي بشدة وخاصة عندما يلقي تلك الخطابات التي تأخذني إلى عصر المثل والمبادئ والأخلاق الفاضلة.. وتذكرني بالفاروق ابن الخطاب وابن عبدالعزيز والمعتصم وهارون الرشيد.. و..و..و.. فالرجل يبكي ويذرف الدموع على الاوضاع التي وصلت اليها بلادنا من بطالة وفقر وجوع وحرمان وجهل ومشاكل لا أول لها ولا آخر.. الرجل يبكي حزناً على بلاده وأحوالها المتردية فهو يرى العالم يتقدم ومازالت اليمن تقبع في جُبٍّ مظلمٍ من التأخر والفقر المرير وانتشار الفساد والافساد، والخلل والإخلال.. لكنني سرعان ما أرى التناقض الغريب والعجيب بين خطاباته ودموعه وبين خط سير حكومة دولته، تلك الدولة التي انتهجت سياسة الانتقام من الشعب برمته.. تلك الدولة التي أهملت كل حقوق العاطلين وطلباتهم لوظائف في الوطن الذين طالما عاشوا على هامش الحياة فيه.. لترى أن دولتها وحكومتها أهملت معاناتهم وعملت على تجنيد عشرين ألفاً من المجندين الحزبيين بالفرقة الأولى مدرع.. إنها حكومة الباكي «باسندوة» والذي بكى بالأمس طويلاً لارتفاع الأسعار.. واتخذ قراره عندما تمكن برفع أسعار الديزل والبترول، محارباً لليمنيين في أقواتهم وأرزاقهم..إنها حكومة الباكي/ باسندوة.. الذي يأبى في كل خطاب له إلا أن يزكي نفسه ويسيئ إلى أنفس أعضاء الحكومة السابقة، متجاهلاً قول ربه الكريم: «ولا تزكوا أنفسكم.. هو أعلم بمن اتقى».
وأتساءل: ألا تُرعبُ القُراء الكرام دموع «باسندوة» الذي يستعطي دول الخليج ثم يبيع للشعب اليمني تلك العطايا التي يحصل عليها وحكومته وباسم كل أبناء الشعب اليمني؟
وأخيراً أخاطبك يا أيها الوالد المبجل..أخاطبك يا دولة رئيس مجلس الوزراء.. بالله عليك.. أتلك الدموع التي تذرفها.. وذلك الانكسار الذي يهد قسوة الجبال.. أتُراكَ بهما تستعطف من يمسكون بريموت التحكم بنهج حكومتك؟ أترجو منهم أن يكفوا عنك وعن حكومتك ذلك التحكم الذي يحول بينكم وبين العمل الجاد الذي تزدهر به بلادنا وينتهي فقرنا وعجزنا وترتقي أجيالنا وتبلسم جراحنا؟
يا رئيس حكومة الوفاق الوطني .. ترعبني دموعك.. ويخيفني انكسارك.. فالأحرى بالحاكم أن لا يبكي ولا ينكسر.. إن الاحرى بدولتكم أن تعمد الى سياسة تنقذ بها بلادنا وترفع بها شأننا وتغني بها فقرنا، وتنحر بها جوعنا وحرماننا.. وتحل بها خلافاتنا، وتنصف بها مظلومنا وتعاقب ظالمنا.. فأنت اليوم «سلطان».. سلطان أنت يا رئيس الوزراء.. ولعلك تعلم قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله لينزع بالسلطان ما لا ينزعه بالقرآن».