د./ علي مطهر العثربي -
< إن الإدراك الواعي لمخاطرالأزمة السياسية التي ألحقت الضرر البالغ في حياة اليمنيين كان المحرك الأساس لقيادة المؤتمر لتقديم المبادرات الوطنية الواحدة تلو الأخرى، لأن معرفة الخلفيات والدوافع والمخطِّط والمموِّل لا يدركها البسطاء من الناس، كما أن فهمها من أولئك البسطاء من أصعب الأمور، وهنا تظهر الحكمة والقدرة على تجنيب البلاد والعباد مخاطر العدوان الذي خُطط له بليل أسود، كما تظهر ملامح الايمان بالله سبحانه وتعالى بالقضاء والقدر، الأمرالذي جعل قيادة المؤتمر ممثلة بالأخ علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام، تدفع باتجاه درء المفاسد والخراب الذي سعى الآخرون إلى جلبه للوطن.
لقد سجل المؤتمر الشعبي العام موقفاً وطنياً لا ينسى من خلال الاصرار على حماية الشرعية الدستورية وعدم السماح بتنفيذ المشروع التآمري على الوطن، رغم امتلاكه للشرعية الدستورية، وقدرته على الفعل المواجه للتحديات الخارجية، ومع ذلك قدم التنازلات من أجل سلامة الدولة اليمنية وحقن دماء أبناء الوطن واسقاط العدوان الخارجي الذي أراد إزالة الدولة اليمنية والقضاء على جيشها وأمنها والعودة باليمن الى عصور التخلف والقهر.
إن عبقرية الحكمة اليمانية تجلت بوضوح في الخروج من الأزمة السياسية بالوسائل السلمية والحضارية التي حققت الخير العام للناس كافة، وعززت حماية التجربة الدستورية والديمقراطية وفوتت المشاريع العدوانية التي أراد العدو فرضها على يمن الايمان والحكمة، وقدم اليمنيون النموذج الانساني والحضاري في التداول السلمي للسلطة، وحدّدوا طريقاً واحداً، إلى السلطة وهي الانتخابات التي تصنع الإرادة الكلية للشعب.
لقد سعى المؤتمر الشعبي العام الى إيجاد خطاب إعلامي وإرشادي يعزز الوحدة الوطنية ويتجاوز أخطاء الآخرين، ويصون الوحدة الوطنية، ويحمي مبدأ التداول السلمي للسلطة ويفرض السلام الاجتماعي، وبقي على شركاء الحياة السياسية، الذين كانوا سبب الأزمة السياسية وعرّضوا الوطن للخطر، وكادوا يتحولون الى أدوات لتنفيذ المخطط العدواني الخارجي- بقي عليهم أن يدركوا تلك المواقف وأن يتبنوا خطاباً سياسياً وإعلامياً ودينياً يقود الى السلام والوئام والخير العام، بعيداً عن الاستفزاز والاستخدام العدواني للكلمة في وسائل الإعلام والمنابر المختلفة وأن يدرك الجميع أن الوطن أغلى من كل شيء من أجل مستقبل الأجيال.
إن الخطاب الديني الارشادي والإعلامي التوعوي والسياسي التنويري يخلق الألفة والمحبة ويعزز التلاحم الوطني ويجسد التوافق والاتفاق، ويدفع نحو الأمن والأمان ويحقق الرضا والقبول المنشود الذي يحقق الأمن والسلام.
ولئن كانت بعض القوى السياسية غير المؤتلفة قد تربت على صنع الأزمات وإشعال الفتن وعدم الرغبة في التعايش مع الآخر، فإن الواقع يبرهن على أنها قوى معزولة ومنبوذة من المجتمع، لأنها اعتمدت على النظرة القاصرة للآخر وغرقت في التعبئة العدوانية، وأمعنت في حقدها وكرهها للآخرين، الأمر الذي زاد من بعد الناس وفرارهم من قربها.
إن على القوى السياسية في ساحة الفعل الوطني أن تبرهن عملياً على خروجها من الانغلاق واستعدادها للتعايش مع كل القوى السياسية، ولا يأتي هذا البرهان الا من خلال العمل الميداني واعتماد خطاب إعلامي ارشادي سياسي يلتزم الثوابت الوطنية والدينية والانسانية من أجل خلق وعي بالشراكة الموسعة في الحياة السياسية، ويمنع الاحتقان حرمةً للدين والوطن بإذن الله.