ياسر شمسان الشبوطي -
ليس ثمة ما يؤلم.. لكن ما يحز في نفس المواطن اليمني البسيط أن يتم استغفاله بأساليب مكررة وخادعة لم تعد تجد نفعاً لدى ابناء شعبنا الصامد الذي أصبح يعي كل ما يدور حوله من أحداث ويستطيع التمييز بين الصدق والكذب.
لقد أشفقت كثيراً على مذيعة الـ«B.B.C» ديما عزالدين وهي تحاور -قبل فترة في برنامجها الاسبوعي التي تبثه القناة حميد الأحمر .. ومبعث شفقتي جاءت من قدرة المذيعة اللامعة على إخفاء قهقهتها وتذمرها من أغلب محاوره في ذلك الحوار العجيب، وهي تدرك كما ندرك نحن اليمانيين حقيقة وطبيعة المنشأ الفكري والقبلي للتاجر حميد وهو يتشدق بالدعوة الى إقامة الدولة المدنية الحديثة ودولة المؤسسات واحترام القوانين، في حين كان هو وأتباعه خلال حكم الزعيم علي عبدالله صالح أول المخترقين لأسس وقواعد ومفهوم الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون التي يتشدقون اليوم بها!!
ولعل ما قاله الكاتب العربي والصحفي الكبير/ محمد حسنين هيكل حول رأيه مما يجري في اليمن حينما قال:«إن ما يجري في اليمن ليس بثورة وإنما هنالك قبيلة تريد أن تتحول الى دولة» خير دليل على صحة ما نقول!!، ومن يومها لم نر أو نسمع من هذا الكاتب والصحفي العربي الكبير أي نفي لذلك التصريح الذي صدر منه وفي أية وسيلة إعلامية عربية أو دولية.
لقد كانت الصدمة قوية للمشترك عندما شخص كاتب ومفكر بحجم هيكل حقيقة ما يجري في اليمن.. وبالعودة الى الحوار مع الثري حميد الاحمر مع قناة الـB.B.C والذي نذكر مقتطفات من حديثه الذي تضمن الآتي: «لولا حميد ما قامت ثورة.. ولولا نضاله السري لكسر صنمية علي عبدالله صالح لما كنا اليوم ننعم بالعيش الرغيد.. ولولا نموذج المدنية الشفافة التي انتهجتها قبيلة حميد لما كنا اليوم نقدم المثال الفاضل للسلوك الانساني.. ولولا حماية حميد الاحمر لأبناء محافظة تعز لما كانوا يشكلون رقماً مهماً في الساحة اليمنية أو شيئاً يذكر، ولولا تكرم حميد بحل قضية الجنوب لما كانت عدن مصدر الأمان لهذا الوطن.. ولولا.. ولولا .. وهلم جراً!!
إن مشكلة اليمن الحقيقية تتلخص في استخدام أسرة حميد القبيلة قوة نافذة ظلت مخبأة تحت عباءة الدولة لسنوات وعقود طويلة من الزمن ولا تريد احترام وتطبيق القانون وصون حقوق وكرامة الانسان اليمني.. وتقف بالضد مع قيام الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات وهي نفسها -للأسف- اليوم من تدّعي احترامها لهذه المفاهيم والقيم الديمقراطية العريقة زوراً وبهتاناً ليس لشيء بقدر ما تريد الوصول الى مآربها، ألا وهي السلطة ولا شيء غير السلطة، ذلك أن قيم ومفاهيم وأسس وقواعد النهج الديمقراطي كنظام عصري لا يمكن اعتناقه والايمان به في ليلة وضحاها بقدر ما هو سلوك إنساني يومي لا يأتي الا بالممارسة العملية بدءاً من احترام القوانين النافذة وتمثلها وانتهاءً بصون واحترام حقوق الانسان وصولاً إلى بناء أسس الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات.