الإثنين, 23-أبريل-2012
الميثاق نت -  أحمدعمرالأهدل -

الأخوان المسلمون: مسمى لمصطلح ديني، جهادي تجاري، سياسي عسكري، وهوالمسمى الوحيد الذي إذا خرج من بلد المنشأ تنكر لاسمه وغيّر مصطلحه، فتجده في بلد ما، حزب النهضة، وفي البلد الآخر حزب العدالة والرفاه، وتارة حزب العدالة والتنمية، وفي إيران حزب الإصلاح المحافظ، وفي اليمن التجمع اليمني للإصلاح، وهذا الأخير يتشكل من ستة تيارات مؤدلجة، وهي: تيارالأخوان، والتيارالجهادي(القاعدة) والتيارالتجاري، والتيار القبلي، والتيار العسكري بقيادة المتمردـ حفظه الله ـ على لغة الأستاذ/ عبد الجندي وكذلك التيارالسياسي..
وفي اليمن قاعدة تقول: «كل إخواني إصلاحي وليس كل إصلاحي إخواني»، وبالتالي فإن هذه المسميات المتعددة والمصطلحات المتكاثرة، أعطت لتيارالأخوان المسلمين، على مدارالسنين المتعاقبة مهارات وخبرات واسعة أوصلتهم إلى مراكز القرارو النفوذ في لحظات خاطفة، وتسويات سياسية غير متوقعة، أو لم يكن لها وجود على الخارطة السياسية، وبالقدر نفسه حرمتهم من الكثير من المعطيات المساعدة على تحقيق الرغبات السياسية والجموح الفكري، المتعطش للسلطة والمال والثروة والقوة، فهم يجيدون فن التنظير، وفن الحشد، وفن التعبئة، ولكنهم لايجيدون فن القيادة بسبب العقدة النفسية التي جعلتهم يمارسون الإقصاء وحب الانتقام، كما أنهم يجيدون فن التحالف مع الأضداد والأنداد، وربط العلاقة مع الآخر، لأنهم يعلمون تماماً من أين تؤكل الكتف، ولديهم الخبرة الكافية التي يكسبون بها التحالف مع الحاكم حتى في المواقف الحرجة.
وليس من باب المبالغة إذاقلت إن الإمام يحيى بن حميدالدين الذي وصفه المؤرخون بالحاكم الجامد والمتجمد، استحسن ذات يوم رأيهم ووصلوا إليه، وخرجوا بإقناع خمسة من أبنائه كان على رأسهم عبدالله صاحب حركة (55) ، إلا أنّ المقام ليس مقام تفصيل، وما أريده هنا هو أن نلقي نظرة سريعة على الارهاب السياسي للأخوان المسلمين من خلال تحالفهم مع الأنظمة والحكام العرب..
منذ النشـأة الأولى للأخوان المسلمين، وهم ينشدون المقاصد الأربعة، أرض المأوى والمال، والقوة، و سلطة الظل، وقد كان بمقدورهم تحقيق ذلك في فترة من الفترات التاريخة السابقة، إلا أنهم وبعد أن ساءت علاقتهم مع الملك فاروق في بلاد الكنانة خرج الأخوان المسلمون فارين بفكرهم العدواني والدعوة الجافة إلى أرض الحرمين التي دعا لها أبو الأنبياء بالرباعية المشتركة، الأمن، والماء، والنار، والكلأ، ليأمنوا بجوار ملك سعودي لا يُظلم عنده أحد، ، وبعد أن طاب لهم المقام وتحسن الحال بسبب كرم الضيافة، والتوظيف التربوي، والأعمال التجارية الحرة، قام الأخوان بزيارات متكررة لطلبة العلم الشرعي من أبناء اليمن في مكة والمدينة، وتحقيق علاقة ودية وحميمية، وصلت إلى الزيارات الميدانية لليمن لكسب الأنصار والأعوان، وقد توثقت علاقة اليمنيين بتنظيم الأخوان المسلمين في مصر، وكسب تأييد الملك عبدالعزيز آل سعود، بسبب محاولة الاغتيال التي تعرض لها في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي...
تحالفات أخوانية يمنية
بدأ الأخوان المسلمون بعد اغتيال الملك بمغازلة النظام السعودي لتقديم الخدمات كردٍ للجميل وحسن الجوار وقاموا بإحداث تحالفات واسعة مع شخصيات ووجاهات يمنية بارزة ومؤثرة، بل لقد تطورت علاقة الأخوان المسلمين باليمن تطوراً مشهوراً وحظي اليمن واليمنيون عند الأخوان باهتمام بالغ حتى أنّ حسن البناء انتدب الفضيل الورتلاني إلى اليمن للمشاركة في تخطيط وتنفيذ الثورة اليمنية تحت شعار زائف(تأسيس جمعية الزراعة) يستفيد منها الاقتصاد اليمني وقد لقيت هذه الفكرة ـ كما يقول الأشول في التاريخ العسكري ـ ترحيباً واسعاً من الإمام يحيى وولده أحمد، ومن خلال تلك الزيارة قدم الفضيل الورتلاني تقريراً شاملاً للقاهرة لإعداد البروتكول الوطني كتجسيد حي لأهداف الثورة اليمنية عام 48م، ويأتي هذا الاهتمام البالغ من الأخوان المسلمين باليمن تطبيقاً للمقولة التي أطلقها زعيمهم الأول والتي تقول: «اليمن أرض المأوى وبلاد الأنصار والمقاومة المتجددة»، وكان يفترض أن يتم تنفيذ البروتكول بحسب الخطة المتفق عليها بين الأخوان المسلمين في مصر واليمن، ولكن الأخوان المسلمين كعادتهم في التسرع، وحب الانقلاب والانتقام من الحلفاء السياسين، غرروا ببعض المتحمسين من بعض القبائل اليمنية لقتل الإمام يحيى غدراً، وبعد ذلك فر الأخوان بجلودهم، وتركوا حلفاءهم يواجهون مصيرهم المحتوم في قبضة الإمام أحمد (واجناه) فيماعُرف في اليمن بثورة الدستور أو بحركة البروتكول المصري.
تحالف (الأخوان) مع مصر
وجد الأخوان المسلمون في الزعيم جمال عبدالناصر ضالتهم المنشودة فتحالفوا معه على تحقيق الطموح والحلم الذي يراودهم، في تحرير الوطن العربي من الاستعمار، ولهذا السبب فتح لهم الأبواب والأسباب، المساعدة على تحقيق ذلك الحلم العظيم، حيث قاموا بتعبئة الجيش المصري تعبئة دينية تتفق وعقيدة الأخوان المسلمين في كل الاتجاهات حتى ان الجيش المصري الذي خرج إلى اليمن، لم يخرج إلا بعد تعبئة دقيقة، واشراف خاص، من كبار منظري الأخوان المسلمين، وتعرف تلك التعبئة من القادة العسكريين الذين قادوا الحملة إلى اليمن، حيث كان على رأس الحملة الأولى الرائد/ نبيل الوقاد الذي قتل في صرواح، وهو من الأعضاء البارزين للأخوان في مصر، أما الحملة الثانية فقد كان قائدها اللواء أنور القاضي قائد اللواء السادس مشاة، والذي تم ترقيته إلى رتبة فريق وتعيينه قائداً للقوات العربية المصرية في اليمن، وهو صهر حسن اسماعيل العطيبي رئيس الأخوان المسلمين في تلك الفترة، وقد حقق الجيش المصري في بداية الأمر ـ وللأمانة ـ انتصارات ساحقة على فلول الملكية في اليمن، ولكن وبعد حدوث خلافات سياسية بين الزعيم جمال والولايات المتحدة الأمريكية والاشاعات المعادية، التي روجت لها دول الحلفاء من أنّ الزعيم جمال عبدالناصر يريد أن يحتل الخليج العربي بالإضافة إلى أمور سياسية غامضة أحدثت اختلالات تعبوية وإدارية بين الرئيس جمال والأخوان المسلمين في تلك الحقبة ما دفعهم إلى الانقلاب عليه، وهو ما أثر سلباً على أداء الجيش المصري في اليمن، وتحولت تلك الانتصارات إلى هزائم مؤلمة، وخناجر مسمومة تطعن في الخاصرة اليمنية، وتضرب الجيش اليمني، من الخلف بنيران صديقة، حتى أوصلته إلى درجة التذمر واليأس من الجيش المصري في مواقف عسكرية وسياسية غير متوازنة مع الأهداف السياسية والعسكرية اليمنية...
التحالف مع النظام السعودي
تلك الاشاعات المغرضة التي رافقت الجيش المصري أفزعت دول الخليج ودفعت بعضها إلى التحالف مع الأخوان المسلمين كإجراءات أمنية احترازية، أو بالأصح كحرب استباقية لاضعاف معنويات العدو ومنعه من التقدم، وبموجب ذلك التحالف قام الأخوان بالآتي:
1ـ اصدارالفتاوى الدينية، التي تكفر كل من ينتمي للأحزاب القومية، وتكفير الرئيس جمال وتحريض كل من يأتمر بأمره على الرفض والتمرد، وهذا من أهم الأسباب التعبوية التي أخلت بأداء الجيش المصري في اليمن.
2ـ التحالف مع كبار القادة والمسؤولين الملكيين، المتواجدين على الأراضي السعودية، وإقناعهم بإقامة الدولة الإسلامية، وكذلك القيام بتعبئة المغتربين والتجاراليمنيين في بعض دول الخليج، وإقناعهم بنفس الفكرة، وبخطورة النظام الجمهوري على اليمن واليمنيين، وقد وجد الملكيون هذه الدعوة مبرراً صريحاً للحصول على الدعم والتأييد المادي والمعنوي الاقليمي والدولي لاسقاط النظام الجمهوري.
3ـ التنسيق مع الأخوان المسلمين في اليمن الموجودين في الصف الجمهوري لإحداث الانشقاقات والمماحكات، بل وتقسيم الصف الجمهوري إلى قسمين: تيار ديني وتيار قومي ناصري، وعلى ذلك التقسيم التعسفي، خرج «الأخوان» بقيادة الشهيد محمد محمود الزبيري إلى برط ودعا الناس إلى إلقاء السلاح والمصالحة الوطنية وتقاسم السلطة مع السلال، وقد تجاوب لدعوته الكثير من المدنيين والعسكريين، ووجهاء القبائل المحسوبين على الجمهورية والملكية، وكعادة الأخوان المسلمين أنّ كل من ينضم اليهم يصبح بريئاً من الفساد والمفاسد والذنوب، فقد تم تشكيل ذلك القوام البشري في إطار ما يسمى بـ(حزب الله) وهو ما يطلق عليه اليوم القوى الثالثة أو خمسة نوفمبر، وعقد أول مؤتمر له في خمر ترأسه محمد أحمد نعمان بعد استشهاد الزبيري بثلاثة إيام، كما تم تقاسم السلطة بين الفصيلين الجمهوريين ترأس فيها نعمان رئاسة الوزراء، ومارس الأخوان المسلمون أنواعاً من الابتزاز والارهاب السياسي على التيار الجمهوري، ومن هناك بدأت مرحلة التجمد العسكري والسياسي في اليمن بقيادة اللواء طلعت حسن القائد العام للجيش المصري في اليمن، وأحدالمقربين لـ(عبدالرحمن البناء) شقيق حسن البناء، الذي أطلق العنان لضباط المخابرات المصرية أن يتصرفوا تصرفاً أعمى يتنافى كليةً مع سياسة النظام المصري، فكانت فترة قاتمة، وهو ما شجع الأخوان المسلمين على الخروج مرة أخرى للإعلان ولأول مرة عن معارضة يمنية في اليمن كان ذلك في مؤتمر عمران الذي تقدم فيه الأخوان بمطالب عدة أهمها تجنيد(24) ألف جندي لصالح أربعة مشائخ في اليمن، وبذلك تحولت الحرب الجمهورية إلى حرب خفية في معطياتها، وفي أهدافها بغض النظر عن موقف المجتمع الدولي من هذه الحرب، ففي سياقها العام وخفاياها ما يتعدى المصلحة الدولية والاقليمية والثورة اليمنية، وإن توافقت مصالحها المحلية والإقليمية في آخر المطاف..





تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-26268.htm