فيصل الصوفي -
أفرج تنظيم القاعدة الإرهابي عن الجنود الذين اختطفهم في عملية غادرة بمنطقة دوفس في الرابع من شهر مارس الماضي.. اضطر أمير القاعدة الوحيشي لإعطاء أوامره إلى جماعة «أنصار الشريعة» في جعار بإطلاق سراح الجنود الثلاثة والسبعين، وهذا ما تم أمس الأول السبت بعد نحو شهرين من المساومة على حياتهم، حيث كان هدد بقتلهم إذا لم يُطلق إرهابيون من السجون.. ولكن شيئاً من ذلك لم يتم لأن تنظيم القاعدة الإرهابي أدرك أن إقدامه على قتل الجنود المختطفين سيكون خطأ فادحاً منه وسيجلب على نفسه حرباً ماحقة، ولم يكن أمامه خيار غير إطلاق سراح الجنود دون فدية أو أي مقابل آخر.. لم «يمنّ» التنظيم الإرهابي على الجنود بهذا القرار لأنه يحترم مبادئ إنسانية أو دينية، فهو لا يؤمن بشيء من ذلك، فقد أسرف في قتل الجنود أينما وجدهم من قبل ولايزال يغدر، ولكنه هذه المرة أطلق سراح الجنود الذين اختطفهم في دوفس وتراجع عن قرار اعدامهم لأن ما حاق بالتنظيم الإرهابي منذ اليوم التالي لحادثة دوفس جعله يتراجع عن قراره، تقديراً منه أن ذلك سيخفف عنه وطأة الحرب وسيحسن من صورته لدى الأهالي، وهي صورة مشوهة أصلاً وازدادت بشاعة في نظر الناس بفعل جرائمه في أبين.
وإني لأعجب من أولئك الذين كانوا يطالبون الجيش والأمن بوقف الحرب على التنظيم الإرهابي، بدعوى إتاحة الفرصة للتفاوض مع التنظيم من قبل اشخاص أكثرهم متعاطفون معه، وأعجب أيضاً من الذين أثنوا على التنظيم الإرهابي لأنه اطلق سراح الجنود، بينما لم يكن أمام التنظيم الإرهابي خيار غير ذلك للأسباب التي أشرنا إلى بعضها.
ينبغي حرمان الإرهابيين من أي مكسب، فالدعوة إلى وقف الحرب هدفها تمكين الإرهابيين من إعادة ترتيب صفوفهم.. والثناء على اطلاق سراح الجنود غير مستحق لأنه لم يقتل ولا يرتدع إلاّ بالإكراه، مع أني أتفهم أن الذين أثنوا على الإرهابيين قالوا ذلك نكاية بحكومة الوفاق لأنها لم تحرك ساكناً طيلة نحو شهرين لإطلاق جنودنا، ومعروف أن الحكومة شُغلت عنهم بأمور أخرى، فضلاً عن أن القوة التي كانت تقف وراء اطلاق سراح الجنود هي قوة ألوية المشاة والحرس واللجان الشعبية، وليست قوة حكومة الوفاق الوطني.
إن الإرهابيين لا يفاوضون ولا يجوز الرضوخ لأي ضغوط يمارسونها لتحقيق مكسب صغير أو كبير، ولا فضل لهم في اطلاق سراح الجنود، لأن الذي اطلق سراحهم هي القوة التي تقف وراءهم وهي المفاوض الحقيقي على الأرض ومن الجو والبحر.