د./ علي مطهر العثربي -
< المؤتمر الشعبي العام الأداة السياسية التي أنشأها وأوجدها الشعب بإرادته الحرة والمطلقة عقب الحوار الوطني الذي جرى أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، وبما أن المؤتمر الشعبي العام قد جاء بإرادة شعبية آمنت بالديمقراطية المباشرة فإنه البداية العملية لاستعادة حق الشعب في امتلاك السلطة من خلال الديمقراطية المباشرة أو المشاركة السياسية المباشرة التي تميزت بها النظم السياسية الحديثة حيث طبقت صورتين للديمقراطية المباشرة أو المشاركة السياسية وهما:
ـ الاستفتاء الشعبي العام المفتوح.
- الانتخاب الحر المباشر
إن الظروف السياسية حتمت إنشاء لجنة للحوار الوطني في 1980/5/27م، ولذلك فإن الصورة الاولى للمشاركة السياسية المباشرة جاءت عقب إنهاء لجنة الحوار الوطني التي ضمت كل ألوان الطيف السياسي في اليمن مهمتها الوطنية والدينية والانسانية التي تمثلت في إعداد مشروع الميثاق الوطني، ثم انتقلت الى مرحلة جديدة من العمل السياسي الواسع عندما أنزل مشروع الميثاق الوطني للاستفتاء الشعبي العام المفتوح الذي بدأ في 1980/12/16م بالانتشار للجان الميدانية في عموم محافظات الجمهورية لتوزيع استمارات الاستبيان للاستفتاء على مشروع الميثاق، بالإضافة أو الحذف أو التعديل.. واستمر عمل اللجان الميدانية حتى 1981/2/15م، ثم تحولت لجنة الحوار الوطني الى لجنة فرز وصياغة لمشروع الميثاق واستمر عملها من 2/15 الى 1981/10/4م، وبذلك تكون عملية الاستفتاء على مشروع الميثاق الوطني قد مرت بالتالي:
- الفترة الاولى من 1980/12/16م الى 1981/1/4م وهي مرحلة الاستفتاء على مشروع الميثاق الذي استغرق قرابة الشهر ونصف.
- الفترة الثانية من 1981/2/15م الى 1981/10/4م وهي الفترة التي تم فيها فرز الاستفتاء وإعادة صياغة مشروع الميثاق وفق نتائج الاستفتاء الشعبي العام، وقد استغرقت هذه المهمة قرابة ستة أشهر ونصف لإنجازها.
وللباحثين الاكاديميين في مجال النظم السياسية الحديثة أن يدركوا أهمية هذا الانجاز الحضاري الكبير ليدرك الجميع أن الشعب استطاع أن يستعيد حقه في امتلاك السلطة من خلال الديمقراطية المباشرة أو المشاركة السياسية المباشرة دون وسطاء أو ممثلين.
أما الصورة الثانية للديمقراطية المباشرة التي استعادها الشعب في بداية الثمانينات فقد تمثلت في المؤتمرات الفرعية التي عقدت في المراكز والمديريات والمحافظات لانتخاب أعضاء المؤتمر الشعبي العام البالغ عددهم 700 عضو منتخب، بالإضافة الى ثلاثمائة تم اضافتهم بالتعيين لحكمة رآها المشرع تكمن في الخبرات والقدرات العلمية.
لقد توجت كل تلك الاعمال الديمقراطية بانعقاد المؤتمر العام الاول في 1982/8/24م الذي كان من أبرز نتائجه ما يلي:
- اقرار الصيغة النهائية للميثاق الوطني.
- إقرار استمرار المؤتمر الشعبي العام كأداة سياسية لتنفيذ أهداف ومبادئ الميثاق الوطني.
إن الخلاصة النهائية لهذا الفعل الوطني والديني والانساني الجبار تبرز الحقائق التالية:
ـ أن المؤتمر الشعبي العام قوة سيادية وطنية يستمد قوته من الإرادة الشعبية التي تستمد قوتها من الإرادة الإلهية.
- أن المؤتمر الشعبي العام الانطلاقة الشعبية لاستعادة حق الشعب في امتلاك السلطة.
ـ أن المؤتمر الشعبي العام يمتلك وثيقة دستورية جاءت عبر الاجراءات الدستورية التي جسدت الإرادة الشعبية في المشاركة السياسية المباشرة.
- ان المؤتمر الشعبي العام بما يمتلكه من قوة الإرادة صمام أمان المستقبل.
ولذلك ينبغي على القيادات التنظيمية أن تدرك هذه الحقائق من أجل المزيد من التماسك والتلاحم لصناعة مرحلة جديدة من المشاركة السياسية الفاعلة لتضيف ألقاً يمانياً في النظم السياسية الحديثة- بإذن الله.