الإثنين, 14-مايو-2012
استطلاع / عبدالكريم محمد -
اعتبر عدد من المحامين والأكاديميين أن إصرار بعض أحزاب اللقاء المشترك على مناقشة ما يسمى مشروع قانون العدالة الانتقالية- في هذا الظرف وبهذه الطريقة التي تشبه القرصنة- مخالف للمبادرة الخليجية وآليتها وتجاوز غير مبرر لمؤتمر الحوار الوطني، الذي يفترض أن يكون ايجاد وثيقة لتحقيق المصالحة الوطنية..
لافتين إلى أن هناك من له حسابات وأبعاد أخرى يريد من خلالها إقرار القانون، معتقداً أنه سيشمل الأحداث والأعمال الإرهابية الإجرامية كجريمة تفجير جامع النهدين الإرهابية في 3 / يونيو / 2011م.
واستغربوا من إصرار الحكومة على مثل هذه الخطوة التي سموها بغير المدروسة، خصوصاً وأن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية قد أوكلت تلك المهمة لمؤتمر الحوار الوطني.. فإلى الحصيلة..

بدايةً قال أمين عام مؤسسة البيت القانوني المحامي محمد المسوري: لا نعلم حقيقة السبب المقنع في الاستعجال بإصدار الحكومة مشروع هذا القانون.. لكن من خلال التمعن في هذا الأمر ندرك أن المستفيد الأول منه أطراف في أحزاب اللقاء المشترك وتحديداً أولاد الأحمر وعلي محسن، باعتبار أن فيه عفواً عن الجرائم التي ارتكبوها، وقد أكد ذلك تصريح وزير الشؤون القانونية محمد المخلافي الذي هدد أنه إذا تمت عرقلة مشروع القانون فسيتم إلغاء قانون الحصانة.
وأشار المسوري إلى أن مشروع القانون يفترض أن ينبثق عن مؤتمر الحوار الوطني..
مخالف للمبادرة
مشيراً إلى أن المُطّلع على مسودة مشروع القانون سيجد أنه قد نص صراحة على أن مؤتمر الحوار الوطني لا ينعقد إلا بعد صدوره، حيث نص فيه على أن هيئة الإنصاف والعدالة تقدم تقريرها الأول إلى مؤتمر الحوار الوطني قبل انعقاده بوقت مناسب، وهذا شرط ومادة أساسية في مشروع القانون سالف الذكر، وهذا - بلا شك -مخالف للمبادرة الخليجية وآليتها.
أما الجزء الثاني في هذا الأمر فهو تعريف العدالة الانتقالية التي هي مجموعة الإجراءات التي يتم اتخاذها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت خلال الحروب أو الثورات، عند تحقق الأمن والاسقرار..
وهنا سؤال منطقي قانوني.. فهل وصلت بلادنا إلى مرحلة الاستقرار واستتباب الأمن وأُزيلت جميع المتاريس من الشوارع والحارات والطرقات.. وهل تم رفع جميع المسلحين، والمخيمات.. وبالتالي لا يجوز إصدار قانون كهذا في هذا الظرف على الإطلاق، لأنه ستحصل - بلا شك - انتهاكات وتجاوزات بعد صدوره..
موضحاً أن قوانين العدالة الانتقالية في العالم تُصدر في ظل وجود أمن واستقرار في المجتمعات، وهذا الشرط مفقود في بلادنا آنياً..
وقال المسوري: هناك نقطة مهمة جداً في هذا الشأن هي أن مشروع قانون العدالة الانتقاليه قد يشمل كل الجرائم التي ارتكبت في الماضي ومن ضمنها جرائم تنظيم القاعدة التي يعفيها منها هذا المشروع بصيغته الحالية.. ومازالت جرائمه مستمرة وبشعة جداً.. وللأسف لم يرد نص باستثناء جرائم الإرهاب وأن تعطى الصلاحية لمشروع قانون العدالة الانتقالية للحوار الوطني وعرضه على مجلس النواب، لا أن تصدره الحكومة.
سابق لأوانه
إلى ذلك قال المحامي محمد علي علاو - رئيس رابطة المعونة: قانون العدالة الانتقالية هو في الأساس من مخرجات الحوار الوطني وليس وقته الآن.. كما أنه ليس من اختصاص الحكومة أبداً وهذا الكلام موجود بالنص في المبادرة الخليجية.. والعجلة والسرعة في طرح مشروع قانون العدالة الانتقالية عملية التفاف واضحة للعيان على الجريمة الإرهابية التي طالت جامع النهدين أثناء أداء صلاة الجمعة الأخ/ الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام وكبار قيادات الدولة في الـ 3 / يونيو / 2011م.. مشيراً إلى أن هناك متهمين بتلك الجريمة الإرهابية البشعة يريدون التعجيل بإصدار هذا القانون، معتقدين أنهم سوف يفلتون من المساءلة والعدالة، وبالتالي يمسحون جرائم الماضي كلها حسبما يعتقدون. وأشار المحامي علاو إلى أن هذا المشروع سابق لأوانه تماماً وليس من حق حكومة باسندوه إقراره أبداً، ولمن أراد أن يتأكد عليه العودة إلى نص المبادرة الخليجية وآليتها التي أوضحت بجلاء أن هذا القانون ليس من اختصاص الحكومة، بل يأتي فيما بعد من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وإلا- كما قال علاو - ما الفائدة من مؤتمر الحوار الوطني، وما مخرجاته إذا كنا الآن سنصدر قانون العدالة الانتقالي ونقول صفحة جديدة وانتهى..
وقال: أكرر وبصفتي محامياً ومسؤولاً عما أقوله: مشروع قانون العدالة الانتقالية ليس من اختصاص الحكومة وعليها الالتفات لأوضاع الناس وتوفير لقمة العيش لهم والخدمات وفتح الطرقات وإزالة المتاريس وإيجاد الطمأنينة خلال هذه الفترة.. والعدالة الانتقالية ليس وقتها الآن أبداً..
تَعَدّي من الحكومة
من جانبه أكد المحامي حسين عمر المشدلي أن ما قامت وتقوم به حكومة الوفاق الوطني في مسألة مشروع قانون العدالة الانتقالية خطوة لم تكن متوقعة على الإطلاق..
وقال: نستغرب إقدام الحكومة على مثل هذه الخطوة غير المدروسة والتي تعد مخالفة صريحة لنصوص وأحكام المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، كما تعتبر تعدياً من قبل الحكومة على أعمال مؤتمر الحوار الوطني الجاري الإعداد والتحضير له، والذي أوكلت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية مهمة البحث واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، حيث نصت المادة (19) وبالتحديد الفقرة (ح) منها على ما يلي :
يبحث المؤتمر في اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً.
لافتاً إلى أنه مادام نص المادة واضحاً في تحديد الاختصاص لمؤتمر الحوار الوطني بالبحث واتخاذ الخطوات التي ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية، فإن انفراد الحكومة وتحركها في هذا الشأن يعتبر تعدياً ومصادرة لأعمال مؤتمر الحوار الوطني، ومخالفة صريحة لأحكام المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، الأمر الذي يوجب معه ضرورة التحذير من عدم مشروعية ما تقوم به الحكومة بهذا الشأن والمطالبة بوقف كافة الإجراءات المتعلقة به، لحين انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، ومناقشته وإقراره من قبل كافة الجهات والأفراد المشاركة فيه.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 25-نوفمبر-2024 الساعة: 05:56 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-26538.htm