أزراج عمر - هل يمكن اعتبار زيارة بيلوسى رئيسة الكونغرس الأمريكى لسوريا بمثابة انفراج جزئى فى العلاقات الأمريكية السورية؟ أم أن لهذه الزيارة مجموعة من الأهداف التى هى من صميم السياسة الأمريكية التقليدية فى الشرق الأوسط؟
إذا كان الرئيس بوش ينظر إلى تحرك بيلوسى بأنه محاولة لفك العزلة على سوريا وهو الأمر الذى لا يريده حسب تصريحاته فهل يعنى ذلك أننا أمام انقسام حقيقى داخل المطبخ السياسى الأمريكي؟ ثم ما معنى أن تسلم إسرائيل رسالة رسمية من الحكومة التى يقودها أولمرت لدمشق تتضمن دعوة للتفاوض؟
بادئ ذى بدء ينظر المراقبون السياسيون إلى زيارة بيلوسى لدمشق بأنها مجرد تقسيم للأدوار بين الكونغرس وبين الرئيس بوش وإدارته. بمعنى فإن بيلوسى تريد أن تحقق بالسياسة الناعمة ما عجز عن تحقيقه الرئيس بمخالبه ووعيده. إن من يقرأ تحركات بيلوسى يفهم بأنها تهدف إلى إنجاز سلسلة من الغايات فى الشرق الأوسط من خلال بوابة دمشق منها:
1 العمل بالسياسة الناعمة من أجل فك التحالف الرباعى "دمشق- طهران-حزب الله- منظمة حماس الفلسطينية".
إن إحداث بعض التعديلات فى هذا التحالف هو مطلب الإدارة الأمريكية المعلن والمضمر فى آن واحد.
ولكن مجرد نقل رسالة من الحكومة الإسرائيلية من قبل بيلوسى لا يعنى انفراجا حقيقيا وعمليا بين دمشق وإسرائيل. فإسرائيل لأية مشروع للسلام فى الشرق الأوسط ولا يعتقد أن تقبل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية الصادرة بعد حرب 1967 م التى تقضى بانسحاب الجيش الإسرائيلى إلى خطوط ما قبل هذه الحرب فى فلسطين ومرتفعات الجولان على نحو خاص.
إن حل قضايا الشرق الأوسط وفى صلبها القضية الفلسطينية ومزارع شبعا والجولان المحتل لن تتم برومانسية أو مجرد زيادة جس النبض. وإذا عدنا إلى هدف السياسة العام المتمثل فى عزل ايران وتقليم أظافر حزب الله فى لبنان فإننا نجد أن استراتيجية بيلوسى لا تختلف فى الجوهر عن المخطط الأمريكى الكلي. ومن بين الغايات المركزية لجولة بيلوسى يمثل أمام أعيننا مخطط إحداث ثغرات فى الرباعى المذكور آنفا.
2 تحييد سوريا فى الفضاء العراقى علما أن موقف دمشق واضح وثابت ألا وهو إنهاء الإحتلال الأمريكى للعراق، وتأييد المقاومة العراقية الأصيلة.
وبخصوص هذه النقطة فإن بيلوسى تلتقى مع السياسة السورية حيث أنها تطالب بدورها أيضا الرئيس بوش بجدولة الإنسحاب من العراق، وترفض كذلك إعطاء الأموال للقوات الأمريكية ما لم تقبل الإدارة الأمريكية بمطلب الكونغرس الأمريكي.
على ضوء ما تقدم فإن المراقب للأحداث المتشابكة فى الشرق الأوسط يمكن أن يصل إلى قناعة بأن ما يعتبر انشقاقا داخل السياسة ليس راديكاليا ومكتملا، بل هو خلاف ومجرد خلاف حول السبل الأكثر قدرة على إنجاز الولايات المتحدة لمصالحها العليا فى الشرق الأوسط، وحماية إسرائيل، وقص أجنحة أشكال المقاومات فى فلسطين والعراق ولبنان، بالإضافة إلى تطبيق آليات لعزل إيران عربيا.
عن "العرب اونلاين"
|