امين الوائلي -
على كثرة من، وما، كتب في موضوع التشكيل الحكومي الجديد، لم نجد احداً لامس الدلالة العميقة التي اكتسبها الحدث، والبعد الايجابي الآخر في الرؤية التحليلية المتوسعة لما تميز به الترتيب الجديد الذي موضعه قرار رئيس الجمهورية الصادر مفتتح الاسبوع الجاري.
إن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح قد انجز وعداً حقيقياً ينبغي الاشارة إليه وتكثيف مضامينه في اللحظة الحوارية الراهنة.. من ذلك ان الرئيس- وكما يفعل ويؤكد باستمرار- أعاد مجدداً التذكير بالمسؤولية الوطنية المقترنة بوظيفة ومقام رئيس الدولة ورئاسة الجمهورية باعتباره القاسم المشترك والحصانة الحقيقية لجميع ابناء الشعب، وبالتالي فانه من غير الممكن اعادة صياغة الجملة الرئاسية او تركيبها بخلاف ماهي عليه او ماهو متجسد عملياً في الشخصية والقرار الوطني الذي يمثله الرئيس علي عبدالله صالح باعتباره مسؤولاً عن اكثر من عشرين مليون يمني ورئيساً للجمهورية اليمنية باحزابها وفعالياتها المختلفة.. والذين يهمهم امر ومصلحة هذا الشعب والوطن عليهم ان يحفظوا ذلك جيداً وان يفرقوا بين رئيس حزب محدد بجماعته المحدودة وصفته التنظيمية المحددة، وبين رئيس الجمهورية والرجل الاول في البلاد، وهذا يعني ضمناً وفي جزء مما يعنيه انه رئيس كافة الاحزاب ومسؤوليته ورعايته تشمل الجميع، وهذا ما يقوله ويؤكد عليه باستمرار، ولطالما اثبتت التجارب والمناسبات كافة ان رئيس الجمهورية وفر ويوفر الضمانة النهائية لارساء وتكريس منطق ولغة التوافق الوطني والمصلحة الجماعية ويشهد بذلك فرقاء العمل الحزبي على اختلافهم.
< لعله قد حان الوقت لمواكبة الطموح والمشروع الوطني الجامع الذي يمثله شخص ومقام رئيس الجمهورية.. باعتباره مرجعية الشركاء والمتحاورين في الوطن الواحد، ومن الصعوبة بمكان تقبل فكرة البعض -وهي فكرة اكثر من قاصرة- عن مقام ووظيفة رئيس الجمهورية وكأنما هو رئيس حزب واحد لا رئيس وطن بحاله.
< واذا كان هناك مايجعلنا على محك اليقين والثقة مما نذهب ونقول فهو التطور الجديد الذي حفل به التغيير الحكومي كونه اشتمل اضافة الى ذلك على تكريس فعلي لاعطاء المسميات حقها، وبالتالي اصبح تفريغ امين عام المؤتمر الشعبي العام لملء الوظيفة والصفة الحزبية المعنية هو الملمح الدلالي الذي يفتح أمام الحياة الحزبية في اليمن باباً واسعاً لولوج الفعالية المطلوبة والكفاءة الوطنية لادارة حوار جماعي وتوافق مستقبلي بين جميع الشركاء برعاية مباشرة وواحدة من رئيس الجمهورية.
< امتيازات عدة امام الاحزاب بالاشارة إلى جدية القيادة السياسية في تكريس واقع الفرص المتساوية أمام الجميع، وعلى الجميع ادراك واستحضار ان مابينهم إنما هو الشراكة والمسؤولية المشتركة في تمثيل عقل المجتمع وضمير البلاد ومصلحة العباد، فليست الأحزاب لدينا طوائف واعراق ومذاهب، لأن التناحر والتصلب الاحمق لا ينشأ الا عن مثل هذه النتوءات السرطانية التي تنهش وتتناهب مجتمعاتها وبلدانها في أكثر من مكان وحالة، وهو مالم ولن يجد له مكاناً أو فرصة في اليمن، والذي لدينا هو فكر انساني مجتهد ومنتج عبر التاريخ الاسلامي يجسده الفكر الزيدي الذي يعد بالفعل مفخرة الاجتهاد الاسلامي ولا يكاد يختلف أو يبتعد كثيراً عن رديفه وصنوه المماثل المدرسة السنية الاجتهادية مجسدة بالفكر الشافعي وهما معاً كانا ولا يزالان الواحد المجمل الذي يعايش ويتعايش مع ذاته عبر تاريخ وسيرة اليمن الاسلامي.
< من المستحيل اختراق هذه المسلمات أو تجاوزها، كما أنه يستحيل أن ينجح أحدنا قليلاً أو كثيراً، في اللعب بالورقة المذهبية والطائفية أو المناطقية فجميعها فشلت ولا مصداقية لها البتة، وهنا يجدر بنا ان نستعيد درس الكفاءة والالتزام الوطني والسياسي في ظل مناخات عمل تعددي في المستوى الادائي والنظري وآليات العمل والتنفيذ البرامجي والخدمي، فهذه هي فكرة ووظيفة الشكل السياسي الذي يعدد الأحزاب، لا على أنها مناخات وبيئات طائفية وعرقية متنازعة متصارعة حتى لا يمكن جمعها أو اجتماعها في حوار توافقي ناجح، بل باعتبارها اوجهاً عدة لحقيقة تجسد كمالها في التنوع المفضي إلى الإبداع والتعاضد والرشد.
< ولعله قد صار واجباً التزام مرجعية رئيس الجمهورية واعتبارية الامتياز الحقيقي الذي يشكله فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بقدرته المشهودة في رعاية وضمان الوفاق الوطني والتوافق الجماعي كرئيس للجميع، وهو مالخصه تفريغ امين عام المؤتمر الشعبي العام لادارة التنظيم ومباشرة الحوار مع الاحزاب الاخرى، ما يعني ان يتساوى الجميع في فرص التخاطب والتحاور والنجاح برعاية رئيس الجميع ورئيس الجمهورية.. الذي كان ولايزال يقف على مسافة واحدة من الكل وهذه ضمانة كبرى يحسن بالاحزاب وقياداتها المتحاورة الآن ان تستفيد منها وان تحسن الاستفادة من الفرص المتكافئة التي تملكها.
< بالنظر الى التغيير الحكومي من هذه الزاوية، يمكن الانفتاح على أفق ارحب يفتح رشده وذراعيه لاستقبال مجتمعنا ومباركة جهد وطني دؤوب من واجبنا تحفيزه والمشاركة فيه عملاً وأملاً لتأمين حاضر عيشنا ومستقبل وطننا الحبيب.
< للمرة الألف: الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بما فيها ومن فيها، مقامه هذا وصفته المقترنة بوظيفته الدستورية تجعله مرجعاً للجميع وضمانة للجميع ورئيساً للاحزاب كافة بموجب تفويض شعبي حاسم وسلطة دستورية نافذة.. وهذا هو الظن، الذي كان وسيظل جميلاً وحسناً به.
شكراً لأنكم تبتسمون..