سمير النمر سمير النمر -
< ملايين البشر يأتون الى الحياة ويدخلون من أوسع أبوابها ثم يخرجون صامتين ويوارون في التراب دون أن نسمع لهم صوتاً أو رأياً أو إنجازاً أو أثراً عظيماً تتذكره الأجيال ويكتبه التاريخ في أنصع صفحاته والقلة القليلة هم الذين عبروا في حياتهم عن آمال الملايين الصامتة وأشواقها وأحلامها في حياة أفضل..
هؤلاء القلة من الرجال العظماء هم الذين غيروا مجرى التاريخ وصنعوا أحداثاً عظيمة ساهمت في الكثير من التحولات التاريخية الايجابية في حياة الأمم والشعوب وارتبطت هذه الأحداث العظيمة - بأسماء الرجال والشخصيات الذين صنعوا هذه الاحداث لأن الاحداث العظيمة دائماً لا يصنعها الا رجال عظماء وهؤلاء الرجال هم الذين استطاعوا أن يختصروا كل ما في مجتمعاتهم من فضائل التفرد النفسي والعقلي والخلقي وصاروا بحكم هذا التكوين الجمعي الصوت الشجاع في مواجهة الاحداث وفي التعبير عن أحلام الناس وأشواقهم وتطلعاتهم، وبذلوا كل ما في وسعهم من التضحيات والمعاناة في سبيل تحقيق أحلام الشعوب وتطلعاتها حتى لو كانت حياتهم ثمناً لهذه الإنجازات والمبادئ التي طالما سعوا الى تحقيقها واسترخصوا حتى أرواحهم في سبيلها، فالأحداث والمنجزات العظيمة التي خلدها التاريخ لا يصنعها الا رجال عظماء بعظمة هذه الإنجازات، ولاشك أن من يصنع حدثاً عظيماً لابد وأن يواجه معاناة عظيمة تكون بحجم هذه الاحداث، وعندما نقلب صفحات التاريخ ونبحث فيه عن الاحداث العظيمة لابد وأن نجد وراءها رجالاً عظماء وهؤلاء لاشك أنهم تعرضوا في زمنهم ومن أبناء جلدتهم من أعداء النجاح الذي لا يخلو أي زمن منهم لشتى أنواع المعاناة والتشويه والاجحاف والتنكيل، فالبعض من هؤلاء العظماء أجبر على شرب السم والبعض عذب ونكل به والبعض تم تشويه سيرته وإنجازاته ورغم ما تعرضوا له من قبل أعداء الحياة والنجاح لكن أسماءهم ومنجزاتهم ظلت خالدة وسجلها التاريخ بأحرف من نور في أنصع صفحاته وظلت بمثابة الضوء الذي ينير للأجيال المتلاحقة دروب المستقبل، أما أعداء الحياة والإنجازات العظيمة فإن التاريخ سجل أسماءهم وأفعالهم في صفحاته السوداء المظلمة وظلت تلاحقهم لعنات الأجيال المتعاقبة جزاء بما فعلوا.
وعندما نبحث في تاريخ أية أمة أو شعب فإننا نجد أن هناك محطات مضيئة وأحداثاً عظيمة في تاريخ هذا الشعب أو الأمة، وهذه الأحداث والمحطات المضيئة تظل حاضرة في وجدان الأمم والشعوب يتذكرونها في كل اللحظات ويستلهمون منها كل معاني التضحية والوفاء والإخلاص ليستمدوا منها قوتهم وطاقاتهم لاستشراف آفاق المستقبل الواعد بالخير والعطاء والتقدم والازدهار.
ولذلك فقد كان يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م بمثابة محطة مضيئة ونقطة فاصلة في تاريخ اليمنيين للعبور الى مستقبل أفضل بعد قرون طويلة من التمزق والشتات والانقسام والصراعات التي عاشها اليمنيون في الماضي، وفي هذا اليوم التاريخي تحقق حلم اليمنيين والتحم الجسد اليمني بعد شتات طويل.
هذا الحدث العظيم تحقق في 22مايو 1990م والذي تم فيه إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وارتفع في مدينة عدن الباسلة علم الجمهورية اليمنية عالياً خفاقاً في لحظة عامرة بالفرحة من لحظات التاريخ المهيب التي ظلت حاضرة في وجدان كل يمني أصيل.
ولاشك أن هذا اليوم التاريخي المهيب في حياة اليمنيين ما كان له أن يتحقق لولا عناية الله ثم جهود الرجال المخلصين من أبناء اليمن الذين بذلوا جهوداً جبارة في سبيل تحقيق هذا الحلم اليمني الذي ظل يراود اليمنيين قروناً طويلة وعلى رأسهم الزعيم علي عبدالله صالح الذي ارتبط اسمه بهذا الحدث التاريخي العظيم في حياة اليمن، فكان له الشرف الكبير في تحقيق هذا الحلم، ورفع علم الجمهورية اليمنية في سماء عدن الباسلة، فوقف له التاريخ إجلالاً وتقديراً على نيله هذا الشرف العظيم وتحقيق الوحدة اليمنية على يديه، ولهذا فإن الاحداث العظيمة لا يصنعها الا رجال عظام ارتبطت أسماؤهم بهذه الاحداث العظيمة وسجلها التاريخ في أنصع صفحاته، مهما حاول عشاق الظلام وأعداء الحياة طمس هذه الحقائق وتشويهها والعودة بنا الى زمن التشطير، ولكن أنى لهم ذلك فالتاريخ كفيل بأن ينصف العظماء وإن حاولوا تشويه الحقيقة والإنجاز ولنا في تاريخ العظماء خير دليل، فبالرغم مما لاقوه من تشويه وتنكيل وإجحاف وظلم من قبل أعداء الحياة وعشاق الظلام لكنهم لم يستطيعوا أن ينالوا من المنجزات العظيمة والرجال العظماء الذين صنعوا هذه المنجزات بل ظلت أسماؤهم ومنجزاتهم حاضرة وحية في وجدان الأجيال وعقولهم ومكتوبة في صفحات بأحرف من نور.
ومن هنا وفي هذه اللحظات التاريخية المهيبة والتي تصادف إحياء الذكرى الثانية والعشرين لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة على يد الزعيم علي عبدالله صالح، لا يسعني إلا أن أتقدم بأحر التهاني والتبريكات لجميع أبناء الشعب اليمني بهذه المناسبة التاريخية وعلى رأسهم الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام محقق الوحدة والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، والمشير الركن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام وكافة أعضاء وقيادة المؤتمر الشعبي العام، ونؤكد بأن الوحدة اليمنية ستظل النقطة المضيئة في سفر اليمن الخالد نستمد منها الضوء الذي ينير لنا دروب المستقبل، أما عشاق الظلام والكهوف فلا نقول لهم الا كما قال الله عز وجل: «ويأبى الله إلا أن يتم نوره...»