الجمعة, 25-مايو-2012
الميثاق نت -     الشيخ/ عبدالعزيز بن يحيى البرعي -

لقد علم القاصي والداني ما حدث في يوم الجمعة الواحد من رجب 1432 الموافق 3 / 6 / 2011 م ـ من الاعتداء على الأخ الرئيس علي عبد الله صالح أثناء أداء صلاة الجمعة في مسجد النهدين في دار الرئاسة بصنعاء وذهب ضحيته عدد من الأبرياء وجرح واستشهد عدد من رجال الدولة، نسأل الله أن يشفي المصابين.
وإنا لنشكو إلى الله من يقود البلاد إلى هذه الفتن المدلهمة التي سفكت فيها الدماء ويُتِّم فيها الأطفال وأدخلت الشعب في أزمات خانقة وكان الشعب في عافية من هذا البلاء فضيعوا الدين وأضاعوا دنياهم ودنيا غيرهم ؛ وإن مفاسد هذه الفتنة كثير عددها ، كبير ضررها ، ولقد عميت بصائر كثر من الخائضين فيها حتى إنك لترى الأمر الذي لا يخفى ضرره على أحد ؛ ترى أولئك يتحمسون له وينتصرون له (وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) .
ولقد ارتكب هؤلاء المعتدون جرائم عدة ومعاصي مختلفة سأنبه إليها في هذه الكلمة الوجيزة لتكون لفتة نظر يعرف فيها خطر المعاصي ولعل عاصيا أن يتوب إلى الله عما جرى منه إما من شارك في الجريمة أو فرح بها ونحو ذلك..
المعصية الأولى: الاعتداء على قتل النفس المحرمة والله تعالى يقول: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا) أي : أما عمدا فلا يكون لأن المسلم ينبغي أن يعظم دم أخيه المسلم . ويقول تعالى : (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).. وروى ابن ماجة وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق» صححه الألباني .
وروى الطبراني في الصغير وغيره من حديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعا على وجوههم في النار.. وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2443) صحيح لغيره.
المعصية الثانية: أن ذلك في الشهر الحرام والله يقول في كتابه الكريم: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله) ومعنى كبير ، أي : أنه جرم كبير.. وقال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم).. والأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وشهر رجب.
وكان الاعتداء الآثم في أول جمعة من رجب..
المعصية الثالثة: الاعتداء على حرمة بيت الله ، قال تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها).. وهذا المعتدي قد خرب بيت الله، الخراب الحسي بتلك القذائف الناسفة ، وأيضاً خربه من حيث إقامته ، فإن لم يثبتِ اللهُ المصلين الذين يصلون الجماعة في ذلك المسجد ، ربما خافوا من تكرار تلك الجريمة وتركوا الصلاة في المسجد فحرموا من الصلاة في المسجد وحرم المسجد من أن تقام فيه الصلاة . ثم إن المساجد بيوت الله، قال الله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه).. وهؤلاء المعتدون لم يرفعوا بيوت الله، بل أهانوها وسفكوا فيها الدماء وأسقطوها حساً ومعنى.
المعصية الرابعة: الاعتداء على حرمة الصلاة ، فإن المصلي يناجي ربه.. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن المصلي يناجي ربه فلينظر ما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة) رواه البخاري في خلق أفعال العباد وصححه الألباني .
ومن حرمة الصلاة أن الله حرم المرور بين يدي المصلي، فكيف بمن يرسل عليه القذائف!!
المعصية الخامسة: الاعتداء على ذي الشيبة المسلم ومن المعلوم أن الأخ الرئيس كبير في السن، وقد روى أبو داود في سننه وحسنه الألباني عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط».. وقد أصيب بجانب الأخ الرئيس من هم في سنه أو قريبون من ذلك.
المعصية السادسة: الاعتداء على حاكم مسلم له حق السمع والطاعة ومن قال بخلاف ذلك فهو مبتدع فالرئيس مسلم ومن حوله كذلك لا سيما وقد حصلت جريمة الاعتداء وهم يصلون، وما كان من معاصٍ لدى الرئيس ومن معه فننصحهم أن يتوبوا إلى الله، فنحن كلنا لدينا معاصٍ وذنوب والتوبة معروضة على الجميع حاكماً أو محكوماً، وقد وعد الله التائبين بالفلاح ، قال تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).. وإن المعتدي هو الذي يستحق أن يطعن في دينه لأن الاعتداء كان وقت الصلاة، ومن المتوقع أنه لم يصلِّ، فعجباً للمدافعين بالباطل!!
وقد روى الترمذي عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبى بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق فقال أبو بلال انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق. فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله » حسنه الألباني.
ومن المعلوم أن الحاكم هو سلطان الله في الأرض ؛ فإذا كانت إهانة السلطان محرمة وسبباً لإهانة من أهانه ؛ فكيف بالاعتداء المسلح ؟!
وقد روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضى وتابع».. قالوا أفلا نقاتلهم قال: «لا ما صلوا».. وأنتم قاتلتموه وهو يصلي فهذه مخالفة صريحة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
هذا وإني أنصح الزعيم علي عبدالله صالح وبقية المصابين معه- أسأل الله أن يمن على الجميع بالعافية- أن يهتموا بالصلاة ولو كانوا مرضى وأن يتوضؤوا إن قدروا ولو أن يقوم المرافقون بغسل أعضاء الوضوء للمرضى ؛ والمسح على الجبيرة إن كان أحد أعضاء الوضوء مصاباً أو التيمم إن عجزوا عن الوضوء ويُصلي إلى القبلة إن قدر أو إلى أي جهة إن عجز .
وإن كانت إقامتكم أربعة أيام أو أقل قصرتم وصح لكم الجمع ؛ وإن كنتم لا تدرون أتزيدون على أربعة أيام أو لا؟ فأنتم مسافرون أيضاً وإن نويتم البقاء أكثر من أربعة أيام بسبب ظروف العلاج فأنتم مقيمون ويلزمكم أن تصلوا صلاة المقيمين، فتصلون الظهر أربعاً وكذا العصر والعشاء .
وأنصحكم بكثرة ذكر الله تعالى وكثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى في طلب ما تريدون من أمور الدنيا والآخرة.
أسأل الله أن يمن عليكم بالعافية وأن يردكم إلى اليمن بخير وعافية.



تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-26733.htm