الإثنين, 28-مايو-2012
الميثاق نت -   حــــاوره/ عارف الشرجبي -
< دعا البروفيسور سيف العسلي كافة الأحزاب والنخب السياسية الى التصالح والتسامح ونسيان الماضي وفتح صفحة جديدة من أجل المصلحة الوطنية.. مبدياً أسفه الشديد لما وصل اليه الوطن في ظل تهرب النخب عن مواجهة الاخطار التي تواجه البلد.. واستهجن الدكتور العسلي خطاب الاعلام الرسمي الذي قال انه يروج للحقد والكراهية ولم يتبنَ روح التسامح.
داعياً الشباب إلى أن يكونوا أداة بناء لا هدم كما تريد النخب السياسية استخدامهم لتحقيق مكاسب حزبية.
< بدايةً كيف تقرأون المشهد السياسي الراهن؟
- شكراً لصحيفة «الميثاق» على إتاحة الفرصة للحديث.. وأقول: إني حزين جداً وقلبي يقطر دماً خوفاً على وطني مما يحدث، فالنخب السياسية تتهرب عن مواجهة الأخطار التي تواجهه ولم تجابهها بالجدية المطلوبة ولم تقدم التنازلات من أجل الشعب، والأكثر استغراباً وإيلاماً أنها لا تدرك حجم المخاطر التي تواجه الشعب بدليل عملها على خلق مشاكل جديدة غير أساسية وغير مهمة لحياة الشعب.. فما تبثه أجهزة الاعلام المختلفة من حقد وكراهية وتحريض وتخوين، لا يوفر أي مناخ معقول لمواجهة تلك الأخطار والمشاكل، وذلك يزيد المواطن توتراً فوق توتره ومخاطر فوق مخاطره ولاشك أن ذلك لا يصدر من سياسي أو شخص في قلبه ذرة من وطنية إذا كان الامر على هذا النحو فلا يمكن للمستقبل الا أن يكون قاتماً.. والعقل والمنطق يقول ان هذه الاجواء لا تبشر بخير أو تؤدي الى أي توافق أو حتى استعداد لتقبل الطرف الآخر وتقديم التنازلات من أجل الوطن.. وأجزم انه لا يمكن حل الازمة في بلادنا الا عن طريق المصالحة والتوافق خاصة وأن الاطراف قد جربت كل ما لديها من أوراق ووصلت الى طريق مسدود، ولذا عليها ان كان في قلبها ذرة من وطنية ان تدرك نتائج تصرفاتها والى أين أوصلت البلد وأن تتوقف عن ذلك فوراً وتعمل على تهيئة الأجواء للمصالحة الوطنية وتتناسى الاحقاد لأننا إذا سرنا على هذا النحو من التعنت فإن البلد في خطر كبير وقد تنحدر الى الهاوية.. لذا أنادي الشباب الذين قاموا بالثورة وينشدون اليمن الجديد ان يوقفوا النخب السياسية عند حدها، فإذا كانت قد أهدرت الماضي وتسببت بهذه المشاكل فينبغي أن لا ندعهم يقضون حتى على الحلم بمستقبل أفضل.
الحزب وسيلة لا غاية
< تدعي النخب السياسية أنها تدافع عن الشباب في الوقت الذي نراها تجني المكاسب والمناصب على حساب الشباب وتطلعاتهم.. ما تعليقك؟
- أنادي الشباب وأتوسل إليهم أن يفكروا بمستقبلهم وأنا هنا لا أتكلم بالمناكفة السياسية فلست مع أي حزب ولا أي توجه وأقول لهم: إن بإمكانهم المحافظة على انتماءاتهم الحزبية لكن وكما يدركون وندرك جميعاً أنهم عندما التحقوا بهذه الاحزاب كان من أجل الوطن وليس من أجل الاحزاب، فلا ينبغي أن يستدرجوا لحماية الأحزاب ويدمروا الوطن، فالاحزاب ليست غاية بل وسيلة لخدمة الوطن، وأقول للشباب: إذا كنتم خرجتم من أجل مستقبل يمن أفضل مستقر آمن ينعم بالحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية فإننا نشاهد بعد عام ونصف أن بلادنا بعيدة عن ذلك، وعليهم أن لا ينخدعوا مرة أخرى، ومن يقول لهم ان اليمن سائرة في طريقها لإنجاز أهداف الثورة، فهو كذاب ومضلل وخاطئ، فكيف يمكن للشباب الواعي المثقف أن يصدق هذه الاقوال التي تقال في الزاوية المظلمة وتحت الانوار الخافتة، والواقع الذي يدركونه ويلمسونه يؤكد أن بلادنا اليوم في خطر ولن يستطيع انقاذها الا هؤلاء الشباب وعليهم أن لا يتعصبوا لأي شخص أو حزب بل لليمن فقط.. والتجربة تؤكد أن بلادنا لا يمكن أن تخرج من الازمة الا بالحوار والمصالحة الذي يجبُّ ما قبله، فهو المخرج الوحيد المؤدي للتغيير المنشود.
< وكيف يمكن الحديث عن مصالحة وحوار في ظل تواجد المليشيات التي تدَّعي أنها تحمي الشباب في الساحات في الوقت الذي نراها تحتمي بهم لتنفيذ أهدافهم؟
- من خلالكم أتوجه للشباب وأقول لهم الحقائق التالية: كانوا محميين ولم يكونوا مطاردين في البيوت، وبالتالي فهم لا يحتاجون الى حماية من أحد، فهم يذهبون الى الميادين ويخرجون بحرية تامة، وإذا كان قد حدثت بعض الاشكالات فنحن ضدها ونستنكرها، ونقدر جميع الشهداء الذين سقطوا وندعو الى محاسبة من قام بهذا الامر من أي طرف كان، لكن الشباب لم يخرجوا من أجل ان يُقتلوا ولا من أجل أن يتحولوا شهداء ليحصلوا على فتات الدنيا بل خرجوا من أجل اليمن الذي نشاهده اليوم يتمزق وبنيته الاجتماعية تتآكل وتتكالب عليه الاخطار من كل جانب وعلى الشباب أن يعوا ذلك، أما المصالحة الوطنية التي أقصدها فينبغي أن تقوم على أساسين هما أن الرئيس علي عبدالله صالح بخيره وشره يجب أن يكون له كرامة وله حماية وهو مرجعية تاريخية فلم يعد له سلطة بعد أن تنازل عنها ويجب أن لا يتدخل فيها بل يكون أباً للجميع.. نحن ندرك أن له أخطاء وله محاسن كبيرة ومنها أنه وحد اليمن وقضى على المناطقية ودمج أجزاء الوطن بعضها ببعض، وهذا يحسب له ..علي عبدالله صالح أدار - حسب قدرته وطاقته- اليمن خلال 30 عاماً بداية بدون مشاكل وجنب الوطن الكثير من الأخطار.. علي عبدالله صالح تنازل عن السلطة دون تعنّت أو مماطلة حتى بعد محاولة اغتياله ولم يعمل كالآخرين في سوريا وليبيا، وعلى الطرف الآخر أن يعي ذلك ولا نقول له أن ينزوي بل له حق المشاركة ويجب عليه «المشترك» أن يدرك أنه لن يستطيع أن يقنع الشعب بما سماه الثورة ثورته، فجزء من المجتمع خرج معه وجزء من المجتمع لم يخرج معه، فله الحق أن يشارك في بناء المجتمع، أما المبادرة الخليجية أنا ضدها لأنها حاولت فقط أن تجمع بين شركاء الحكم السابقين وتعيد التقاسم الى ما كان عليه، فالتقاسم في الماضي كان غير معلن بين الاصلاح والرئيس علي عبدالله صالح بداية الثمانينيات وكذلك التقاسم بين الاشتراكي والمؤتمر بعد الوحدة والتقاسم بين الاصلاح والمؤتمر بعد احداث عام 1994م.. فكل هذه التقاسمات التي حدثت لم تؤدِ الى شيء، فهل نعود اليوم الى التقاسم من جديد، فالشعب والشباب الذين ضحوا لا حول لهم ولا قوة فكيف يمكن أن يقبلوا أن يكون أداة يحركها الآخرون وهم الطاقة الفاعلة والأمل والمستقبل.. كيف يقبلوا أن يكونوا سلماً تصعد عليه الأحزاب.. لماذا لا يكونون هم الجسر الذي تتوحد عليه قلوب اليمنيين وتتسامح لأن الشباب هم من تحمل الألم وضرب وقتل.. ثم لماذا تردد الشعارات الغوغائية وشعارات الكراهية والحقد بدافعٍ من الآخرين الذين يريدون أن يكونوا صوت الشباب، لكنه صوت البغض وليس صوت الرحمة.. ألم يقل الله تعالى: «إن الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فإن الله غفور رحيم» وهم كفار، لماذا لم يتذكروا موقف الرسول الكريم عندما دخل مكة، فقال لكفار قريش ماذا تروني فاعلاً بكم فقالوا أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : «اذهبوا فأنتم الطلقاء».. وهم كفار وقد حاربوه وقاتلوه وأخرجوه من دياره.. إذاً لماذا هذه الشعارات التحريضية شعارات الكراهية والظلم التي نسمعها باسم الشباب، لذا على الشباب أن يعوا ذلك..
وأقول للجميع وباعتباري خبيراً اقتصادياً ان الازمة الاقتصادية لا يمكن أن تحل في ظل بقاء الساحات على ما هي عليه اليوم.. بقاء الساحات مشكلة تعرقل عملية التغيير السلمي، فالساحات تستخدم كوسيلة رخيصة للمزايدة وحصد مكاسب سياسية على حساب الوطن .. كيف يقبل الشباب أن يكونوا شركاء في هذه المؤامرة ويقبلوا أن يضروا أنفسهم، ولذا أناشدهم وأتوسل اليهم أن يحكّموا صوت العقل وأن يبدأوا عملية التغيير التي تقوم على نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة يشارك فيها كل اليمنيين وليس فقط أطراف بعينها والتي لم ينزل الشباب الى الساحات إلا من أجل كسر هذا الاحتكار فكيف يُستخدمون وسيلة لإعادة هذا الاحتكار.
< يقول الشباب بأنهم نزلوا للساحات للقضاء على الفساد والفاسدين.. فكيف يقبلون بالفاسدين الذين انضموا للساحات سواء القبليين أو العسكريين؟
- هذا السؤال سوف يقودنا الى حديث لا أريد الخوض فيه ولا أريد الحديث عن الضغائن بل تناسي الماضي وفتح صفحة جديدة يتصالح فيها الجميع.
< أشرت الى المصالحة الوطنية فهل الحوار الذي يجري التحضير له يعد بوابة اليمن نحو المصالحة والاستقرار؟
- بأي عقل وأي منطق يمكن القبول بهذه البشرى والوعود إذا كان من سيتحاورون أياديهم على الزناد وقلوبهم مليئة بالضغينة والحقد والخوف ويمارسون ذلك ليلاً ونهاراً دون حياء، فكيف يمكن لهم أن يوجدوا الثقة بينهم ويهيئوا مناخاً للحوار، وأعتقد أنهم إذا ذهبوا الى أماكن الحوار المغلقة ليكرروا نفس الاتهامات والمطالب والشطحات اكثر بكثير مما يرددونه على أبناء الشعب، فلا يمكن أن نتوقع من هذا الحوار أية نتيجة تخدم الوطن الا إذا قدر الاطراف أن الجميع اخطأ وأن عليهم التوقف عن الاخطاء والتسامي فوق الجراح ونسيان الماضي لأن الحقد لا يؤدي الا الى الفرقة والدمار.
إعلام حاقد
< التحريض الاعلامي سواء الرسمي والحزبي أو عبر الخطاب المتشدد.. هل يخدم الحوار؟
- للأسف الشديد نحن اليوم أمام أزمة حقيقية خلقناها بأنفسنا.. اليوم البعض يعرقل ما نريد أن نبنيه وندمر ما نحلم بتحقيقه لاشك أن وسائل الاعلام الحزبية لا تنتمي لهذا العصر لا من حيث المهنية ولا من حيث الصدق والامانة المهنية وتجنب الكذب.. انها أبواق رخيصة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وما يسمى بالإعلام الرسمي فلا لون له ولا طعم ولا رائحة، فهو يعمل الشيء ونقيضه ولم يتبنَ روح التسامح.. انه يروج للحقد بشكل واضح ويحرض المجتمع على التقاتل، أما بعض خطباء المساجد فسيطرت عليهم الحزبية والأنانية حيث يصبون الزيت على النار، وإذا استمررنا على هذا المنوال سيكون الانفجار كبيراً جداً وسيدمر الجميع سواء الذين أخطأوا أو لم يخطئوا.. قال تعالى: «فاتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة»، وإذا لم نستطع السيطرة على عقولنا ومشاعرنا وندرك الواقع ونسمي الامور بمسمياتها فكيف يمكن أن نحل أي مشاكل- فاتقوا الله في الوطن وأهله.
< الخطاب التكفيري المتشدد .. ما آثاره على الوطن؟
- تلك حقيقة مؤلمة وهذا ليس تحيزاً أو ادعاءً، انظر الى الدعاء الذي كان يقال بعد الصلاة في كثير من المساجد والساحات أثناء الازمة والذي كان يحمل الكراهية وتمني الشر للطرف الآخر، وللوطن يحمل الكثير من البذاءات تحت غطاء الدعاء والله تعالى يحثنا على التسابق على الخيرات والعمل الصالح الذي ينفع الناس.. على الوعاظ وخطباء المساجد أن يدعوا بالهداية والتوفيق ولو من باب تدارك أخطائهم السابقة ويحضوا الجميع على نسيان الاحقاد التي غرسوها هم خلال الازمة، فقد تم تعبئة الناس والشباب ببذاءات من خلال تلك الأدعية النابعة من توتر وليس من تعاليم الدين الحنيف، ولذا فإن تسييس الدين ضد مبدأ الدين، بل لقد تحول هذا الى ضرر .. فلماذا يسكتون اليوم في الوقت الذي كان عليهم أن يدعوا ويتوبوا الى الله ويكفروا عن أخطائهم السابقة ويدعوا للمصالحة ولا يستمروا في الغمز واللمز.. والله تعالى سيحاسبهم على ذلك والشعب ايضاً، وسوف يكتوون بهذا الفكر.. وعلى كل فئات المجتمع أن تراجع مواقفها وأن تعترف بأخطائها لأن الله تعالى قال والتائبون قبل الحامدين والشاكرين.. والذي يقول أو لا يعترف انه لم يخطئ فهو شيطان لأن الشيطان رفض أن يعترف، أما أبونا آدم عندما أخطأ اعترف فغفر الله له.
< كيف تنظر الى تزامن العمل الارهابي الذي استهدف الجنود في ميدان السبعين مع الذكرى الاولى للحادث الارهابي الذي استهدف الزعيم صالح وكبار المسؤولين في دار الرئاسة العام الماضي وفي أول جمعة من رجب؟
- لابد أن أشير الى أن المسؤول المباشر عن جريمة السبعين هم القاعدة وقد اعترفوا بذلك والاعتراف سيد الأدلة، وقد قال تعالى: «... من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، ولمبرر القتل في غير محله ويقلل من قيمة النفس البشرية ويتباهى بالقتل فقد كان له مسؤولية غير مباشرة، ولقد صفقنا وهللنا عندما كان الفلسطينيون يقتلون حتى الابرياء من اليهود بما يسمى بالعمليات الانتحارية وأصدروا فتاوى بتحليلها واليوم يعاني المسلمون من هذه المشكلة بينهم البين، وأقول: إنه لا يمكن تبرير القتل حتى على الاعداء، فالاسلام يأمر بالعدل والاحسان، ولذلك أحمّل ما جرى في السبعين وما جرى ويجري في أبين وصعدة الجميع لأنهم يستهترون بالنفس البشرية حتى الذين يقتلون في أبين نحن نتألم لقتلهم لأنهم اخواننا ولو كانوا على خطأ أوضالين.. لماذا لا نحاول هدايتهم، فالفرح أو استمراء عملية القتل خطأ كبير والذين فرحوا أو استمرأوا القتل في جمعة الكرامة أو كنتاكي أو جامع دار الرئاسة هم أناس مخطئون لأن الله تعالى قال: «ولا تسرفوا في القتل»، ولذلك علينا أن ندين القتل ولا نبرره لا في السبعين ولا في الستين ولا في دار الرئاسة ولا باسم الحرية ولا باسم الديمقراطية، فلا يجوز القتل الا في القصاص وبعد محاكمة عادلة.. يجب أن يتوقف تبرير القتل تحت أي مبرر أو حجة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
< في تصورك من أين يستقي الارهابيون أفكار القتل.. وهل للمدارس والجامعات الدينية علاقة بهذا التوجه؟
- الخلل الذي وجد لدى ما يسمون بأنصار الشريعة جاء من قراءة القرآن قراءة مغلوطة وربما التراث كان على خطأ، فهم حللوا بعض الافكار التي جاءت في بعض المؤلفات القديمة التي تقول إن الكافر لا حرمة له، فدمه وماله مهدر وهذا غلط وليس من الدين.. الله تعالى قال: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» فما بالك والقتل اليوم نراه بكل سهولة على المسلم وغير المسلم حتى الذي يسالمك ولم يقاتلك، حتى الذي بينك وبينه معاهدة فلا تقتله ولو لم يكن مسلماً.. لقد نشأت للأسف الشديد- عقيدة خبيثة بأن من كفر أو ليس مسلماً يُقتل.
< برأيك من أين جاءت هذه الأفكار الخاطئة..؟
- لقد جاءت من مؤلفات بعض العلماء مثل ابن تيمية الذي جاء في وقت كان التتار يقاتلون الاوطان العربية المسلمة فدعا للجهاد لدحر العدوان ومهاجمة التتار لهم.. وكذلك كتاب ابن القيم، ولذا لابد من مراجعة هذه القواعد التي لا تصلح اليوم، فليس كل من كفر يُقتل، فما بالك بقتل المسلم إذا اختلفت معه في وجهة النظر.. والله تعالى يقول:
«فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وتاريخياً كان الكفار يعتدون على المسلمين ، وكان المسلمون يدافعون عن أنفسهم ليس لأن المهاجم كافر بل من باب دفاع المسلمين عن أنفسهم.. والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- لم يعتدِ على الكفار في المدينة بل دافع عن نفسه وعن المسلمين، وإلا لكان قتل كل الكفار ولم يبقِ على أحد منهم.. وما يسمون بأنصار الشريعة اليوم يبدو أنهم تناسوا أن الدين يدعو للتي هي أقوم ولم يأمر بالقتل، وعلى القاعدة وأنصارها أن يفكروا بما حققوه منذ 2001م عندما هاجموا البرجين التجاريين في أمريكا ويقولون ماذا كسبوا للدين وللمسلمين من عمليات القتل والانتهاكات التي يمارسونها باسم الدين وعليهم أن يدركوا أن الله ليس بحاجة للقاعدة ولا أسامة بن لادن ولا أنصار الشريعة للدفاع عنه كما يدعون بل إن هذه الجماعات هي من تعتدي على الناس مسلمين وغير مسلمين باسم الدين أو بالشبهة، وهنا تكون الفاجعة.
الإصلاح لم يدن الإرهاب
< وكيف ترى التعليم المتطرف في بعض المدارس والجامعات الدينية وما علاقتها بتخريج المتطرفين؟
- التعليم الديني قصص مجتزئة سواء التعليم بالمعاهد الدينية أو المدارس أو الجامعات أو حتى المساجد، فلو نظرنا الى بعض الجامعات وعلى وجه التحديد جامعة الايمان في بلادنا فلن نجد بحثاً واحداً يحدد ما هي شروط الجهاد وضوابطه، وكان من المفترض أن تحظى هذه القضية المعاصرة بندوة أو بحث لتقييم موضوعي ديني وليس بفتاوى مجتزئة ضعيفة ركيكة وغير مقنعة تحرض على القتل.. إذاً يجب أن يكون للاخوة في جامعة الايمان موقف واضح من هذا القتل قبل الأحداث وبعدها.. تصور أنهم لم يدينوا بن لادن على ما ارتكبه حتى اليوم، ولم يدينوا القاعدة بل نراهم يغالطون لصالح القاعدة، ولذا لابد أن يكون لهم موقف واضح من القاعدة لا من قبل خطباء المساجد الذين من الاصلاح ولا من قبل حزب الاصلاح نفسه، ولا من قبل جامعة الايمان، ولذلك لابد من عقد مؤتمرات لإعادة تفسير التراث تفسيراً صحيحاً وليس سياسياً .. تفسيراً يبين أن الدين جاء للحفاظ على الحياة والحفاظ على النفس ويحرم قتلها الا في حالة القصاص، ولذا لا يمكن تبرير القتل لا باسم السياسة أو باسم الثورة أو باسم الدفاع عن الله أو غير ذلك من الذرائع والحجج .. كثير ممن ثاروا من أجل الحياة كما قالوا هم اليوم يعملون على إدانة الحياة وتدميرها من خلال هذه الشعارات الظالمة غير الموفقة ولا تنطبق لا مع الثورة ولا مع الدين، ويجب مراجعة انفسنا وإلا سيأتي من يبرر قتلنا كما بررنا قتل غيرنا، وعلينا ألا نجعل أهدافنا الآنية قصيرة الأجل تبرر تصرفات وممارسات وسلوكيات كهذه تودي بالحياة المقدسة، والا ستكون هذه هي العبثية بعينها.
قتل النفس المحرمة
< كيف ترى الخطاب التحريضي في الجوامع وفي الساحات والذي يبرر قتل الجنود؟
- الله سبحانه وتعالى جعل قتل النفس التي حرمها مساوياً للشرك به، ولذلك فإن تبرير أو قتل النفس جزء من الشرك، وقد قال تعالى: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»، ولذا نستغرب من بعض المتدينين أنهم يساوون قتل النفس بحلق لحية، وهذا ظلم عظيم ومن الكبائر، وقد قال تعالى: «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً»، فقتل النفس مساوٍ للشرك.. اعتقد أن هناك قصوراً بهذا الامر، ولذا لا يجوز قتل الجنود ولا الانسان أياً كان الا تنفيذاً لحكم صادر من محكمة، وأستغرب على الاخوان انهم لم يستنكروا ولم يستعظموا قتل الجنود دون ذنب اقترفوه وهم جزء من المجتمع اليمني المسلم، بل انا لا أفرق بين من يقتل نفساً مسلمة وغير مسلمة لأن الله تعالى قال: «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق»..
< يجري حالياً مناقشة قانون العدالة الانتقالية في مجلس الوزراء لإقراره .. كيف تنظر لهذا القانون؟
- هذا الأمر من الاشياء التي تثير الشفقة والغضب في آن معاً، واعتقد أن قانون العدالة الانتقالية جاء لغرض الالتفاف على قانون الحصانة الذي مُنح للأخ الرئيس علي عبدالله صالح وكل من عمل معه، وهذا يؤكد أننا لسنا صادقين مع أنفسنا في نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة عنوانها السلام والمحبة، وهذا سيجعل الازمة تستمر، وأؤكد أنه ليس الآن وقت إصدار قانون العدالة.. اعتقد أنه سوف يفتح أبواب جهنم وسينكئ جروحاً قد اندملت، فهناك ملفات وقضايا لن نستطيع الخروج منها ولا بعد عشرين سنة..
هذا القانون سيعطي الشرعية للتبرير والادعاءات الكاذبة، فما من شخص في اليمن الا وسيدعي أنه مظلوم، وإذا كان ولابد فعلينا أولاً أن نطبق قانون الحصانة والضمانات وبعدها يمكن مناقشة قانون العدالة بعد أن تهدأ النفوس، ونكون قد خرجنا من الازمة وتجاوزنا الخطر الذي يحدق بنا جميعاً، حتى الشهداء الذين يدعي البعض أن القانون سيكرمهم فهم أساساً خرجوا للشهادة في سبيل الوطن وليس من أجل بيت، وأتصور أن موضوع إعطاء الشهداء حقوقاً معينة سوف يفتح الباب لكل من مات أو سوف يموت ويدّعي أنه مات شهيداً.. ولا يعني إكرام الشهداء إعطاءهم بيتاً أو مالاً، لأن الشهيد الحقيقي حيٌّ عند الله..
وإذا كان من واجب تجاههم فعلينا الاهتمام بأطفالهم ولكن بدون تسييس حتى لا نخرب البلد واقتصادها، لذلك اتصور اننا إذا أقررنا قانون العدالة فإننا سنفتح باب جهنم واسعاً.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 03:07 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-26773.htm