محمد أبو طارق -
< خلفت جريمة السبعين قرابة مائة شهيد وأكثر من مائة جريح.. إنها نتيجة كارثية ومرعبة بكل المقاييس، ولذا فقد كان حجم الصدمة لدى اليمنيين كبيراً، بدا ذلك واضحاً في حالة الذهول التي أصابت الجميع باستثناء من يقف وراء الجريمة بطبيعة الحال.
الآن وبعد أن استطاعت «قوى الظلام» اغتيال لحظة «أمن» اخرى في حياة الناس، هل حان الوقت لطرح اسئلة مباشرة ومحددة حول طبيعة ما حدث ويحدث في اليمن؟ وما اذا كانت حكومة باسندوة قد ادركت انها جزء من المشكلة وليس الحل، طالما كان «الربيع القاتل» هو مرجعيتها الفعلية- وإن بدا «التوافق» مجرد غطاء مهترئ تتدثر به هذه الحكومة كلما اقترب المواطن من فهم حقيقة ما يدور في كواليسها بما في ذلك دموع باسندوة التي لا تغني ولا تسمن من جوع وأمن واستقرار.. ان على باسندوة ان يعلم ان دموع الشعب اليمني على شهداء «جريمة السبعين» أصدق وأطهر وأنقى من دموع كل السياسيين وتستحق ان يقرر باسندوة ومن يقف وراءه مغادرة حياتنا اعتباراً للدماء والدموع والجرح الذي يمزق قلوب اليمنيين جراء جريمة بشعة يقول بعض المراقبين انها جزء من فوضى «الربيع الأعمى»..
إن تساؤلات الشارع حول مرتكبي جريمة السبعين ضد جنود الأمن قد تقدم تصوراً أولياً يفسر حقيقة ما حدث وابعاد هذا العمل الإجرامي، الخبيث، على النحو التالي:
إن اسلوب تنفيذ الجريمة يحمل بصمات عقائدية، كما ان التوقيت يوحي أن من خطط للعملية يهمه أن لا يتم الاحتفال بالعيد الوطني الثاني والعشرين لقيام الجمهورية اليمنية في اطار رسالة يتبناها اعداء الوحدة، فهل الأمر متعلق بتحالف بين القاعدة والحراكيين والإسلاميين، وفي السياسة كل شيء ممكن؟ وإذا كان مشروع الانفصاليين هو العودة إلى الخلف (ما قبل مايو 90م)، فما هي مصلحة المتشددين والإرهابيين..
انباء تداولت قبل يوم الحادث عن تكهنات بوقوع عمليات إرهابية في ميدان السبعين؟ بل يتردد ان هناك من قرر ان يتم الاحتفال في ميدان السبعين بدلاً من معسكر الأمن المركزي وبالتالي تم استكمال البروفات في السبعين؟
والمتابع لوسائل الإعلام الرسمية والمشترك يلاحظ ان موقفها وفي المقدمة قناة اليمن التي ظلت تبث اغاني عاطفية وبرامج اعتيادية لمدة ثلاث ساعات بعد الحادث وكأنها قناة في كوكب آخر؟ ومما ورد في داخل القناة في ذلك الصباح ان رئىس القطاع باسليم كان قد رفض مواكبة ما حدث بفتح استوديو تحليلي مباشر يضع المشاهد في أجواء الحدث على الأقل خاصة ان عربة القناة كانت موجودة في ميدان السبعين اثناء أداء البروفات النهائىة وحين وقع الاعتداء الإرهابي وبدلاً من توجيه الطاقم بنقل حقيقة وبشاعة الجريمة مباشرة تم التوجيه بالانسحاب والعودة إلى القناة بعرض مادة فقيرة تم تصويرها عن طريق الصدفة قبل فرار فنيي القناة، والغريب أيضاً ان الشريط الاخباري العاجل في ذلك اليوم لم يتضمن مفردة «شهداء» بل «قتلى» على خلفية الخطاب الإعلامي لقناة «سهيل» والذي ظل ومايزال يحرض ضد الجيش والأمن ويبث الكراهية لكل ما له علاقة بهذه المؤسسة الوطنية، كما ان رئىس القناة لم يأبه للنقد اللاذع الذي وجهه إليه موظف في القناة الذي دخل مكتب باسليم وصاح في وجهه «أنت ما تستحي، الناس بيموتوا وانت قاعد تغني»، ورغم كل ذلك تم التوجيه بتأجيل بث المادة المصورة التي كانت عربة القناة قد رصدتها «صدفة» اثناء وقوع الاعتداء ،إضافة إلى كل ذلك تناقل بعض الموظفين في القناة رواية عجيبة مفادها ان «ع. البكاري» احد الموظفين كان قد حذر رئس القناة في اليوم السابق من الذهاب مع الطاقم إلى ميدان السبعين بسبب ان «قوات الأمن المركزي ستلتقي مع قوات من الفرقة وقد يحدث شيء خطير»!!
أما بالنسبة لقناة «اليمن اليوم» فقد كانت متميزة إلى حد ما في تغطية واقعة الاعتداء الإرهابي من موقعه، لولا عدم فتح «الميكرفون» اثناء إجراء اللقاءات في مستشفى الشرطة وفي مكان الحادث، وكذلك المحاولة العجيبة والغربية للمذيع لتأكيد أنه تواجد في المكان عن طريق الصدفة اثناء استعداده تسجيل برنامج آخر..
المذيع بقناة «اليمن» عليان كان قد استفز أحد المشاهدين شارك في برنامجه ليلة يوم الحادث الإرهابي بالتحريض بالتحامل على الجيش وقوات الحرس التي تواجه القاعدة في أبين، وهو أمر اعتبره بعض المهتمين جزءاً من حملة تحريض يشنها «الاخوان المسلمون» ضد الحرس الجمهوري والأمن المركزي..
أما قناة «الجزيرة» فلا تستحق بما وصلت إليه من عمالة وانحطاط ان افرد لها مساحة في هذه القراءة وبإمكان القارئ أن يعود إلى برامج القناة في يوم الاعتداء الإرهابي وسيكشف الفضيحة الأخلاقية والمهنية حيث زعم مراسل الجزيرة ان الحادث وقع في معسكر الأمن المركزي خلافاً للاتهامات السخيفة والكذب والتضليل التي افقدت القناة مصداقيتها وتقودها إلى الموت..