عبدالولي المذابي - كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة استعداداته لبدء حرب واسعة لمكافحة الفساد الى جانب الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المزمع إعلان اسماء أعضائها قريباً. ويخضع الجهاز حالياً لعملية اعادة هيكلة تقوم بها شركة عالمية لاكتشاف السلبيات التي حدت من قدرة الجهاز على تنفيذ مهامه بشكل كامل خلال الفترة الماضية، والعمل على وضع المعالجات العملية لها، والاستفادة منها في صياغة القانون الجديد للجهاز الذي سيتضمن صلاحيات أوسع لتأدية مهامه، بالاضافة الى مزايا أخرى في الرقابة على المال العام..
هذه القضايا بالاضافة الى علاقة الجهاز بهيئة مكافحة الفساد والجهات
الأخرى المرتبطة بأعماله يتحدث عنها الأخ حسين شيخ بارجاء مدير عام
الشئون القانونية بالجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في سياق اللقاء
التالي نصه:
> بداية ما الحيثيات المرتبطة بالتعديلات المرتقبة على قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؟
- لاحظنا من خلال تجربتنا السابقة منذ صدور القانون الحالي عام ٢٩٩١م، شهدت الساحة في مجال العمل الرقابي الكثير من التحولات والتغيرات والجهاز لاشك يتابع تلك التغيرات على المستوى الداخلي والخارجي ويحاول الاستفادة من تجارب الدول المتطورة في هذا الجانب، لذلك فإن الجهاز يخضع حالياً لعملية اعادة هيكلة تقوم بها احدى الشركات الاستشارية العالمية وسيتم من خلال ذلك اعادة صياغة قانون الجهاز، بحيث يتم الاستفادة من كافة المشاكل والصعوبات التي واجهت الجهاز في عمله الرقابي على مدى السنوات الماضية، واستيعاب تلك الملاحظات في القانون المرتقب.
وسيتم من خلال التعديلات الجديدة الخوض في توسيع صلاحيات الجهاز في مختلف اشكال الرقابة التي سيمارسها، وكذلك يؤمل أن يتضمن القانون الجديد اعطاء الجهاز حق وصلاحية الفحص والمراجعة لمختلف الجهات.
وسيتاح للجهاز الرقابة على المال العام أينما وجد، وسيكون لذلك آثار عملية وجوهرية على صعيد تعزيز قدرات الجهاز الرقابية، ووضع كل الجهات تحت رقابة الجهاز، وبالتالي تقييمها وفحصها وإظهار وإبراز كافة أشكال الاعوجاج.
مزايا جديدة
> ما المزايا الاضافية التي سيتضمنها القانون في الرقابة على المال العام؟
- هناك الكثير من الجهات تمتنع عن تمكين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من القيام بعملية الفحص والمراجعة بحجة أن قوانينها الخاصة تحول دون رقابة الجهاز عليها، وفي هذا الجانب سيكون هناك نص أو مادة تخول للجهاز حق الرقابة على كل الجهات حتى في ظل وجود مثل هذه التشريعات التي تتمترس خلفها بعض الجهات للحيلولة دون ممارسة الجهاز للرقابة عليها، وعلى اعتبار أن التشريع الرقابي للجهاز هو المرجع والذي من خلاله سيتمكن من الرقابة الكاملة.
وهناك ميزة أخرى في القانون الجديد تتعلق بالاستقلالية، وستكون هناك مواد خاصة بتعزيز استقلالية الجهاز وموظفيه مالياً وادارياً، وكلما كان الجهاز بعيداً عن الضغوط كلما كان قادراً على الوفاء بالتزاماته التي يحددها القانون.
التزام بالشروط الدولية
> كيف تنظرون الى الدور المناط بالهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اطار الصلاحيات الممنوحة لها بموجب قانون مكافحة الفساد، وكذا المزايا التي أعطيت لها لإكمال ما يقوم به الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؟
- أولاً لابد من التأكيد على أن إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد جاء كنتيجة منطقية لاستحقاقات توقيع بلادنا على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي توجب المادة السادسة منها على الدول الموقعة إنشاء هيئات معنية لمكافحة الفساد، وبما أن بلادنا صارت طرفاً في هذه الاتفاقية وتم المصادقة عليها وصدر بها القانون رقم ٧٤ لسنة ٥٠٠٢م، وشارك الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة مع جهات أخرى في صياغة مشروع القانون، وقدم عدداً من الملاحظات لدى مناقشتها في مجلس النواب لازالة الالتباس الذي قد يحدث في أداء الجهاز والهيئة وتم التأكيد على أن الهيئة والجهاز ونيابات الأموال العامة ومحاكمها جميعهم شركاء في تحمل مسئولية مكافحة الفساد بشكل متساوٍ مع مراعاة مهام واختصاصات كل جهة، والمهم ليس كيفية تشكيل الهيئة بل المهم، هو كيف ستمارس مهاما وختصاصاتها.
وهنا لابد من توجيه الشكر لمجلس النواب الذي استوعب الملاحظات التي تضمنتها الدراسة التي أعدها الجهاز حول قانون مكافحة الفساد، وقام بإزالة اللبس والتشابه في عمل الهيئة والجهاز، وأعطى الجهاز مكانة معينة، وعلى نحو خاص، أضاف في المادة ٢٤ بنداً ينص على عدم تعارض اختصاصات الهيئة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والعمل بشكل متكامل، بحيث تكون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رديفاً للجهاز الذي سيمدها بالبيانات والمعلومات، والتقارير التي تحتاجها وسيكون مصدراً أساسياً للمعلومات.
العلاقة مع القضاء
> هل لدى الجهاز صلاحيات في متابعة قضايا المال العام التي يقوم بإحالتها الى الجهات القضائية؟
- بالتأكيد الجهاز يضمن تقاريره ومخرجاته العديد من الوقائع الجنائية التي تلحق ضرراً بالمال العام ويحيلها الى السلطات القضائية وفقاً للإجراءات المحددة بقانون الجهاز، ولا ينتهي دوره هنا، فيظل يتابع النيابات ومحاكم الأموال العامة، وهناك ادارة خاصة بالمتابعة تقوم بالتنسيق والتواصل مع الجهات المختصة، والرد على استفساراتها وتزويدها بالبيانات والوثائق والأدلة ونحو ذلك، بما يمكن هذه الجهات من اتخاذ قراراتها الصحيحة والعادلة، وقد نجحت هذه التجربة بشكل كبير خصوصاً مع نيابات الأموال العامة.
> لماذا تعامل جريمة الفساد كجريمة مجهولة على الرغم أن الفساد أصبح ظاهرة معترف بها رسمياً وتشكل لمواجهته أجهزة وهيئات خاصة؟
- لو رجعنا الى التقارير والاحصاءات التي يصدرها الجهاز لوجدنا أنه يقوم بعمله على أكمل وجه ويكتشف العديد من المخالفات المالية والادارية وبعضها يرتقي الى مستوى الوقائع الجنائية، والتي يتم احالتها بحسب الاختصاص الى النيابات ومحاكم الاموال العامة التي أنشئت لهذا الغرض، أما دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فهو القيام بالفحص والمراجعة وابلاغ الجهات القضائية بالنتائج، وهنا يبدأ دورها.
من المسئول!!؟
> إذاً لماذا لا نرى محاكمات للفاسدين تتناسب مع حجم الحديث عن قضايا الفساد؟
- هذا السؤال يجب أن يوجه الى الجهات القضائية.
> هل تتهمها بالتقصير؟
- ليس اتهاماً، ولكن أؤكد على أن كل جهة يجب أن تقوم بمهامها على أكمل وجه.. الجهاز المركزي ليس سلطة وليس محكمة.
> ولكنكم تقومون بجهود كبيرة كما قلت لاكتشاف هذه الجرائم ولا يجوز أن تضيع.. فهل تتهم جهات أخرى بالتقصير؟
- أنا لا أتهم أية جهة أخرى بالتقصير بل على العكس، نحن نقوم بعمل لقاءات تشاورية مع السلطات القضائية لكي يصبح بيننا لغة مشتركة، ونتفق على كيفية تفعيل هذه القضايا، وكيف يجب أن تكون هذه العلاقة، وما حدود المهام التي يقوم بها الجهاز، وكذا مهام السلطات القضائية.. نحن في الجهاز قمنا بعملنا وبلغنا الجهات المختصة بهذه القضايا، وعلى كل جهة أن تباشر مهامها وصلاحياتها.
ونحن دائماً نؤكد ألا قيمة لتقارير الجهاز اذا لم تترجم الى واقع من قبل الجهات المختصة، وهي كذلك لا تستطيع أن تعمل بدون تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فالكل شركاء في تحمل المسئولية، والكل معني بمكافحة الفساد ويجب علينا العمل كفريق واحد.
وأود التوضيح هنا أن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو جهاز فني مهني ومتخصص، والرقابة والمحاسبة لا تعني المساءلة.
> كيف تتوقع مستوى عمل الجهاز مستقبلاً في ظل وجود الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد؟
- نتمنى ونتطلع لأن تكون الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد القادمة رديفاً وسنداً حقيقياً للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ونحن على أتم الاستعداد للعمل سوياً مع هذه الهيئة ومع كل الجهات المعنية من أجل مكافحة الفساد.
> هل سيكون هناك علاقة ارتباط مباشرة؟
- بالتأكيد، سيكون هناك علاقة مع الهيئة كما هي علاقتنا بالقضاء، لأن عملنا مرتبط بشكل رئيسي.
|