الإثنين, 30-يوليو-2012
الميثاق نت -   مطهر الأشموري -

< كانت مظاهر ومظاهرات في إطار ما تعرف بمحطة الثورات السلمية بدأت في الجزائر قبل سوريا ولكنها سرعان ما هدأت أو توارت واختفت فلماذا؟
النظام أو الحكومة سيكون بلاشك بذل أقصى الجهود لأقصى معالجات، لتجنّب التثوير والثورة والصراع في واقع الجزائر وما عرفه من عنف استثنائي ربطاً بالإرهاب.
العرب والأنظمة والمعارضات لم تهتم بالمعرفة الأدق لسقف التهويل الامريكي للإرهاب في محطة 2001م «أحداث سبتمبر» كما لم تهتم بسقف التهويل في محطة 2011م «ثورات سلمية».
الغرب في محطة الثورات السلمية يقدم نفسه غير المعترض على مشاركة أطراف سياسية إسلامية في الديمقراطية بل يساندها للوصول الى الحكم ديمقراطياً وهو مع رحيل الحكام الذي وصلتها أو حدثت فيها ثورات ومع وصول أطراف الأسلمة للحكم ديمقراطياً، وهذه هي المسألة أو المشكلة التي تركت معالجتها أو التعامل معها حسب واقع وظروف كل بلد بما تمثله مفارقات البديل الانتقالي في تونس ومصر واليمن حتى الآن.
فأمريكا والغرب هي مع رحيل الحكام، ولكنها ليست مع الاستيلاء على الحكم بالقوة من طرف سياسي إسلامي أو غيره الا في حالة تشدد حاكم في رفض الرحيل كما الحالة الليبية.
واقع الجزائر الأكثر والأوسع عنفاً خلال العقدين الأخيرين فوق قدرة النظام على الحد منه أو تخفيض ضحاياه يجعله واقع استجابات أعلى وسريعة للعنف بأسرع من استجابات الديمقراطية أو التغيير، والضغط لرحيل النظام في هذا الوضع والظروف يعني ثورة ولكنها ثورة فوضى وعنف، بما لم يشهد أو يعرف في حالات أخرى، ولذلك فالأرضية الخارجية لم تكن متحمسة لتثوير أو ثورة في الجزائر بمستوى البلدان الأخرى التي طالتها الثورات.
الغرب ينكر على النظام في سوريا طرح عصابات القتل المسلحة في ظل تفعيل محطة 2011م، فيما الجزائر عاشت أشنع وأفزع حقائق القتل الجماعي الى مستوى من الإبادة قبل أن تأتي محطة 2011م بسنوات.
اليمن تفرق عن مصر بتقديم أرضية النظام الداخلية كشعبية أو اصطفاف مع النظام وعن سوريا في السماح وعدم المنع أو القمع لأرضية أو اصطفاف المعارضة أو الثورة فقدمت ذاتها.
النظام تعامل مع الارضية الخارجية بتلقائية حقائق ووقائع الواقع كصراع سياسي على الحكم ثم من خلال حقائق ووقائع ثابتة وموثقة كعنف من قبل الطرف أو الأطراف الاخرى.
غير الحرب مع القاعدة وحروب القاعدة في ذروة معمعة محطة 2011م، فحروب مسلحة شنت على المعسكرات الى وديان بعيدة ومرتفعات عالية.
هذه الحروب وراؤها طرف سياسي وأثقال سياسية اجتماعية، وهذا الطرف أو هذه الأثقال هي من يقود ويدعم ويمول ويوجه الثورة السلمية في التحام واضح أو ملحمة يصعب تجزئتها.
إذا طرف واحد أو ذات الاثقال هي من تقود وتمول وتوجه ثورة سلمية وأخرى عنيفة أو عسكرية، فعنوان المحطة «سلمية» يصبح ضعيفاً وركيكاً لا يقنع وفاقد التأثير في ظل أفعال وتفعيل العنف حيث تصادر ثورة العنف أفعال وفاعلية ما تسمى ثورة سلمية.
حقائق ووقائع واقع مثبتة وثابتة هي أقوى إقناعاً من استحقاقات وسيناريو محطة مهما كان هدير الفضائيات.
حين نقلد أو نمارس التقليد فإننا لا نخطئ في فكرة التقليد بل في فكره أو تفكيره من اختلاف الأوضاع والصراعات، فالمعارضة في اليمن كصراع لا تقلد المعارضة في مصر التي حاورت مبارك خلال الأزمة وهو الذي لم يحاورها طوال فترة حكمه قرابة الثلاثة العقود.
المعارضة في جانب آخر اندفعت لتقليد مصر في مسألة أخرى متوقعة من الشارع المصري في إطار ترتيبات الوصول للحل الذي تم في مصر.
حتى مجيء محطة 2011م فالثورة الأقوى التي كانت تعتمل في الشارع المصري هي ضد الداخلية وكل أجهزتها بما في ذلك اقسام الشرطة.
ولذلك فالحل في مصر جاء أساساً من شل فاعلية وقدرات الأجهزة الأمنية في اسبوع وجر القوات المسلحة الى موقف هو أقرب للمعارض وإن سمي بالمحايد وإذا الأجهزة الأمنية شُـلت وانتهت فاعليتها والشارع في تثوير والقوات المسلحة تصعد ضغطها الى إعلان بيان تنحية مبارك وعبر التلفزيون المصري الرسمي، فالأفضل لمبارك بات في إرسال نائبه لإعلان أنه تنحى وذلك هو الحل.
الهجوم على أقسام الشرطة والسجون والأجهزة الأمنية غلبت عليه العشوائية وعدم ظهور ما يربطه بتوجيه أو قيادة أطراف سياسية.
المعارضة في اليمن وهي تريد التقليد احتارت تجاه الاختلاف في الموقف من الأجهزة الامنية شعبياً عنه في مصر واحتارت تجاه أن تكون أولويتها ضرب الأجهزة الأمنية وشل فاعليتها كما مصر، أو أن الأولوية باتت معاقبة القوات المسلحة التي لم تسر في موقف كما في الحالة المصرية أو مع الانشقاق بقيادة اللواء علي محسن وتلك حالة وحكاية أخرى في الأهم كتفصيل أو مفاصل مداولات مجلس الامن الدولي تجاه الحالتين السورية واليمنية وبغض النظر عما حدث من تطور في الموقفين الروسي والصيني فهو يقدم موقف الارضية الخارجية لهذه المحطة بسقوفه ورفوفه بما يجعل كل طرف نظاماً أو معارضة يريد الارتكاز على أرضية هذا الموقف قادراً على قياسه الأدق وحتى لا يرتكز على أوهام أو إيهام.
عندما يسمع المرء في إعلام الداخل والخارج بأنه في أرحب أو نهم تم منع لواء من الدخول الى صنعاء لأنه كان سيقوم بقتل المعتصمين والمتظاهرين السلميين فإنه يتمنى لو استطاع أو يستطيع عزل أو إبعاد نفسه من هذا الغثاء والغثيان؟
إننا لم نعد نطلب من مصوغي ومروجي هذا الاعلام احترام عقولنا ولكننا نظل في إطار التعايش وتفاعل الحياة نحتاج الى احترام عقولهم وعليهم مراعاة هذه الحاجية لنا حتى لو استغنوا عن حاجية احترام ذاتهم واحترام عقولهم من طرفهم.
إذاً الجزائر هي ثقل العنف في المغرب العربي وأفريقيا العربية وربما الارهاب- ربطاً بذلك- أقوى في الجزائر، فاليمن هي ثقل العنف في الجزيرة والخليج العربي وتطور الصراعات على الحكم بعد الوحدة أتاح للإرهاب ربما مداخل ومخارج تقدم أو تقرأ من تخريجات الربط أو الارتباط بقضايا أو اصطفاف صراعات.
لقد تحولت الخيارات الأساسية السياسية للصراعات كأطراف سياسية الى قيود على العقل أو تقييد للعقلانية وإلى تجاوزات ذات استمرارية لما تعيه هذه الاطراف في تفعيلها للصراعات غير ما يفقد النهم والاندفاع الصراعي من وعي.
الطرف الذي لا يستطيع مراجعة صراعاته لإرجاعه الى مستوى السيطرة العقلانية وتحت سقف الوعي الواقعي سيكون الطرف الخاسر في الفترة القادمة وإن بدا في المشهد أو الصورة ما هو غير ذلك!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:26 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-27729.htm