الخميس, 09-أغسطس-2012
الميثاق نت -       علي ناجي الرعوي -
بدا واضحاً ان تنظيم القاعدة الارهابي الذي ينشط في اليمن قد غير من استراتيجيته بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها في جعار وزنجبار ابين وعزان شبوة وحوطة لحج والضالع وعدن وحضرموت والجوف ومأرب حيث لجأ هذا التنظيم الى العمليات الانتحارية والتفجيرات بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة مستهدفاً بدرجة اساسية رجال الامن والشرطة والاستخبارات وقادة القوات المسلحة وكانت اشد هذه العمليات عنفاً ودموية التفجير الانتحاري الذى طال كتيبة من جنود الامن المركزي في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء اثناء مشاركة افراد هذه الكتيبة في بروفة العرض العسكري عشية الاحتفال بالعيد الوطني ال 22 للجمهورية اليمنية في مايو الماضي وكذا التفخيخ الاجرامي الذي باغت مجموعة من طلبة كلية الشرطة اثناء خروجهم لقضاء اجازتهم الاسبوعية.. فضلا عن حوادث اخرى مشابهة نفذت بنفس هذا الاسلوب ضد قادة امنيين وعسكريين في مناطق يمنية مختلفة.
ومع ان مثل هذا التحول الارهابي كان متوقعاً بعد الخسائر الكبيرة التى مني بها تنظيم القاعدة في الشهرين الماضيين فان الذي كشف في ذات الوقت عن ان الجيل الجديد من عناصر القاعدة لم يعد يلتزم بنهج من سبقوه في هذا التنظيم الذين كان تركيزهم ينصب على استهداف الاجانب سياحاً كانوا او دبلوماسيين او خبراء او عاملين في الشركات النفطية والتجارية باعتبار هؤلاء الاجانب حسب تصنيف قادة القاعدة من الرعيل الاول اما دعاة للنصرانية او دعاة للإباحية ونشر الفجور واما جواسيس على المسلمين.
وعلى العكس من هذه الايديولوجية نجد ان جيلاً جديداً من المتطرفين المتشددين قد نشأ على روحية تكفيرية موغلة في الجهالة والعنف لا تميز بين مسلم ومعاهد وبين مؤمن بالله وكافر فالكل اعداء يستحقون القتل والحرق والإبادة طالما كانوا في الجبهة المناوئة لفكر القاعدة ومشروعها لإقامة دولة (الخلافة) ولا ندري أي (خلافة) هذه التي يمكن ان تقوم على صيغة جاهلية في الفهم والسلوك والأهداف تتصادم كلياً مع الاسلام السمح الذي عرفنا منه ان من قتل نفساً فانما قتل الناس جميعاً ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعاً وأي (خلافة) او دين او ملة تجيز هذا الجنوح الاهوج الذي تنساق اليه تلك الفئات الضالة التي اعلنت الجهاد على المسلمين في ارض الحكمة والإيمان لتسفك دماء المئات من الابرياء وكأن هذه الشرذمة الباغية لم يكفها ما تسببت به من الماسي والآلام والفوضى المنتشرة اليوم من قندهار الى الصومال ومن العراق الى اليمن ومنه الى ساحات كثيرة من ديار الاسلام.

لقد تمكنت القوات اليمنية في الاونة الاخيرة وبالتعاون مع المواطنين من دك اوكار القاعدة وحلفائها من انصار الشريعة وتحجيم تواجدها في المناطق التى كانت قد سيطرت عليها منذ اكثر من عام في محافظتي ابين وشبوة .. ومع ذلك فان هذا الانجاز سيبقى ناقصاً او منقوصاً ما لم تعمل الاجهزة الامنية وفق خطة مدروسة على ملاحقة وتعقب العناصر الارهابية التي فرت من تلك المناطق الى مناطق اخرى وإحكام السيطرة عليها وشل حركتها وإرغامها على الاستسلام لسلطة القانون والعدالة.

وهذه المهمة وان بدت اكثر صعوبة من تحرير جعار وزنجبار وعزان من قبضة جلاوزة التشدد والتطرف فانها تشكل عصب المعركة مع تنظيم القاعدة الذي اثبتت كل الوقائع انه وحين ننصرف عنه ولو للحظة واحدة فاننا بذلك نقدم له وسائل وأدوات التمكين والتجذر والتمدد واستغلال الظروف الاقتصادية وعوامل الفقر والبطالة التي تطحن قطاعا واسعا من اليمنيين لاستقطاب العشرات من الشباب العاطلين عن العمل وجذبهم الى صفوفه والقيام بغسل ادمغتهم بالأفكار الظلامية والضلالية وتحويلهم الى اجساد مفخخة تنتحر على قارعة الطريق لا هدف لها سوى قتل المزيد من الابرياء وزعزعة الامن والاستقرار وإقلاق السكينة العامة واشاعة الخوف في وطنها ومجتمعها. والحال انه ومهما كانت تكاليف المعركة الحالية التي يخوضها اليمن ضد الارهاب باهظة فان من مصلحته ان تكتمل هذه المعركة حتى مراحلها الاخيرة باجتثاث آفة الارهاب من جذورها وتخليص البلاد والعباد من شرورها وأفعالها الاجرامية إلا انه ولكي يتمكن اليمن من خوض هذا التحدي فلا بد وان يحظى بدعم ومساندة اشقائه في مجلس التعاون الخليجي الذين ولاشك انهم يدركون جيداً ان الخطر المتنامي لتنظيم القاعدة لا يتهدد اليمن وحسب وانما جميع دول المنطقة سواءً بسواءً مما يحتم عليهم الوقوف الى جانب اليمن والعمل معه سوياً من اجل القضاء على ذلك السرطان وتجفيف منابعه واستئصال منابته وتطهير المنطقة كلياً من فكر التطرف والغلو والتشدد والإرهاب.

عن جريدة الرياض
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:46 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-27871.htm