السبت, 21-أبريل-2007
الميثاق نت - لايزال سقوط بغداد في التاسع من ابريل/نيسان 2003م يثير الكثير من الأحزان والشجون، ويطرح السؤال تلو السؤال. وعندما تسترجع الذاكرة صورة ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم تشعر بأنه حدث قبل دقائق أو ساعات فقط، ولم تمضى عليه  كما هو في الواقع  أربعة أعوام شداد غلاظ. وربما كان للذهول الذي تلبس الناس يومئذ دور في أن يخفف من هول الصدمة ومن أثرها الفاجع فقد ظل الناس وقتاً طويلاً يغالطون أنفسهم بأن ما شاهدوه واستقرت عليه أعينهم لم يكن سوى كابوس مريع أو واحد من الأفلام التي تجيد هوليوود الأمريكية إخراجها د. عبدالعزيز المقالح -
لايزال سقوط بغداد في التاسع من ابريل/نيسان 2003م يثير الكثير من الأحزان والشجون، ويطرح السؤال تلو السؤال. وعندما تسترجع الذاكرة صورة ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم تشعر بأنه حدث قبل دقائق أو ساعات فقط، ولم تمضى عليه كما هو في الواقع أربعة أعوام شداد غلاظ. وربما كان للذهول الذي تلبس الناس يومئذ دور في أن يخفف من هول الصدمة ومن أثرها الفاجع فقد ظل الناس وقتاً طويلاً يغالطون أنفسهم بأن ما شاهدوه واستقرت عليه أعينهم لم يكن سوى كابوس مريع أو واحد من الأفلام التي تجيد هوليوود الأمريكية إخراجها.

لم أزر بغداد سوى مرة واحدة، وكان ذلك في منتصف الستينات، وفي عهد الرئيس عبد السلام عارف رحمه الله، وقد مضى على تلك الزيارة الوحيدة أكثر من أربعين عاماً، سمعت في أثناء هذا الزمن الطويل عن التغييرات التي طرأت على المدينة العربية التاريخية وعن التطور المعماري والشوارع الجديدة والتحسينات الكثيرة التي دخلت عليها، لكنها ظلت بالنسبة لي تحتفظ بصورتها القديمة بساتين كثيرة ومنازل قليلة. كان فندق بغداد الكبير هكذا كان اسمه في حين أنه لم يكن كبيراً بالقياس إلى الفنادق في بعض العواصم العربية آنذاك وقد نزل الوفد الرسمي الذي كنت واحداً من أعضائه في هذا الفندق القريب من النهر ومن مطاعم السمك المسقوف، وخلال سبعة أيام هي مدة الزيارة تجولت مع بقية أعضاء الوفد في كثير من انحاء بغداد التي يقال عنها الآن قديمة، ولم أكن في الماضي ولا في الحاضر أنظر الى بغداد بوصفها مدينة قديمة أو حديثة أو أنها تنافس باريس أو روما أو نيويورك، بقدر ما كنت ومازلت أنظر إليها من منظور تاريخي عربي يجعل منها أهم وأعظم مدينة في العالم بل في التاريخ.

ولذلك فقد كان سقوطها في أيدي الغزاة بالنسبة لي ولكل أبناء الأمة العربية سقوطاً مخيفاً للتاريخ وسقوطاً للمعنى الكبير الذي تمثله عاصمة الخلافة العربية الاسلامية. ولم أتوقع أن يكون بين الغزاة حيوان واحد ينتسب الى العراق فضلاً عن إنسان كما لم أتوقع أن عربياً واحداً يمكن أن يقف مهللاً للغزاة وهم يقتحمون عاصمة الرشيد أو يعلن بوقاحة بأنه يوزع الشربات والحلوى احتفالاً بالنصر الذي حققته الدبابات الامريكية وهي تعبر الجسور وتمضي الى قلب بغداد وترابط جوار المساجد والمعاهد وتحتل الجامعات والوزارات. وهو الأمر الذي دفع عدداً من العقلاء العرب لحظتها إلى أن يطلقوا تنبؤاتهم الحزينة عبر وسائل الاتصال العربية والاجنبية ومن تلك التنبؤات أن الذين يهللون لسقوط بغداد سيكونون أول من يبكي دماً، ولم يمض وقت قصير حتى كان بعض تلك التنبؤات قد تحقق وصار الذين هللوا للاحتلال وحملوا راياته يتوارون خجلاً ويودون لو تبتلعهم الأرض جزاء ما ارتكبوه ليس في حق العراق فحسب، بل وفي حق الأمة العربية بأكملها.

نقلاً عن الخليج
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 27-نوفمبر-2024 الساعة: 06:52 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-2793.htm