د./ عبدالقادر مغلس - بمناسبة الذكرى الـ30 لتأسيسه:
حقائق في مسيرة المؤتمر
تأتي الذكرى الثلاثون لتأسيس المؤتمر الشعبي العام في ظل تحولات كبيرة شهدتها اليمن وخاصة بعد ان نفّذ مؤخرا اللقاء المشترك انقلاباً سياسياً وعسكرياً ودموياً للوصول الى السلطة، وبهذه الخطوة غير المألوفة وغير المتوقعة في ديمقراطيات العالم وميزان العمل السياسي والحزبي اجهض اللقاء المشترك المشروع الديمقراطي السلمي الناشئ في المنطقة وأعاد تجربتنا الى نقطة الصفر ومربع البدايات الاولى، وقد حقق المؤتمر خلال السنوات الثلاثين التي مضت على تأسيسه منجزات وطنية كبيرة, ولعل المنجز الابرز الذي تحقق في عهده الزاهر هو الوحدة اليمنية والحفاظ عليها من خلال مواجهته للمخطط الانفصالي في عام 1994م.
وفي هذه المناسبة اتوقف امام تجربة المؤتمر ومسيرته من خلال تسليط الضوء على الحقائق التالية:-
1- ظهر المؤتمر قبل ثلاثين عاماً في الساحة السياسية في ظل حاجة شديدة لوجود كيان تنظيمي يستمد شرعيته من خصوصيات اليمن واليمنيين, ويجمع ابناء الشعب ولا يفرقهم ويحفظ دماءهم ولا يسفكها. وكان ميلاد المؤتمر حاجة ايضا لملء الفراغ الفكري الذي كان يهيمن على الوطن وليسد منافذ الافكار الدخيلة الهدامة التي كانت عاملا كبيرا للاقتتال وتصدع البناء الداخلي للوطن.
2- جمع المؤتمر تحت مظلته قامات وطنية سامقة وهامات كبيرة من مختلف المدارس الفكرية والسياسية والتي امتلكت تجارب انسانية ثرية وناضجة وأهلتها للتعاطي مع الواقع اليمني الجديد بكل تجلياته.
3- سارت سفينة المؤتمر بالاتجاه الصحيح والآمن وانطلق جميع من فيها في عملية البناء والتنمية دون استثناء، وفي ظل سنوات قلائل شهد الوطن تنمية ملحوظة على مختلف المستويات مقارنة بما كان الوضع عليه سابقاً.
4- لم ينكفئ او ينغلق المؤتمر على ذاته بل فتح نوافذه لإقامة علاقات واسعة وجادة مع العديد من التنظيمات والأحزاب في المنطقة العربية والعالم.
5- استطاع المؤتمر ان يتكيف مع البيئة المحلية التي تحيط به وعمل على التعايش معها والارتقاء بها الى آفاق اكثر تقدما وتمدنا ولم يصطدم مع تقاليد وأعراف المجتمع، ولم يفرض ايضا الوصاية عليها.
6- كان المؤتمر دائما يقف الى جانب قضايا الوطن الاستراتيجية ولم يتزحزح عن تلك المواقف قيد انملة كإيمانه المطلق بالنظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية كوسيلة للتداول السلمي للسلطة.
7- ظل المؤتمر خلال مسيرته مدمنا على تقديم التنازلات عن حقوقه الدستورية وحقوق أعضائه حفاظا على اليمن ووحدته وأمنه. وقد كان موقف المؤتمر اثناء الازمة التي عصفت بالوطن مؤخرا واضحا حين تنازل راضيا مختارا عن حقه الدستوري في الحكم وسلم السلطة في الرئاسة والحكومة سلميا حفاظا على دماء اليمنيين.
8- قام المؤتمر ببناء دولة وطنية متكاملة الاركان والمؤسسات وذات حكم محلي على مستوى كل قرية من خلال تواجد ممثلين انتخبهم المواطنون في كل مركز انتخابي. واصبح للمواطن الحق في اختيار من يمثله نيابيا ورئاسيا.
9- لم يخض المؤتمر باعتباره تنظيما حاكما دورات عنف بين تجنحاته وتكويناته الداخلية ولم يتورط في سفك الدماء كما كانت عليه حال الاحزاب الحاكمة في العديد من الدول العربية. بل ظل دائما حزبا مدنيا يحل مشاكله الداخلية بوسائل حضارية وديمقراطية دون الحاجة للجوء الى العنف والسلاح.
10- تميز المؤتمر عن غيره من التنظيمات والأحزاب المحلية بوسطيته واعتداله وتبنيه للحوار في حل الخلافات التي تبرز من حين الى آخر على مستوى الساحة الوطنية او الاقليمية. وظل دائما يرفع راية الحوار حتى هذه اللحظة رغم الطعنات الغادرة التي وجهها اليه والى قياداته مؤخرا خصومه التقليديون والسياسيون وأودت بحياة حكيم اليمن الشهيد/ عبدالعزيز عبدالغني.
ومع ذلك سيظل المؤتمر رائد الحوار لحل كل القضايا الوطنية لأنه كان المخاض الشرعي والطبيعي للحوار الوطني الذي اعلن ميلاد المؤتمر الشعبي العام في 24 اغسطس 1982م.
|