حسين حازب -
يعيش الوطن في هذه الأيام الذكرى الثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام وانطلاقته في 24 أغسطس 1982م.
في خطوة جريئة ومتقدمة حينها في العمل السياسي العلني بعد أن كان يعمل تحت الطاولة ومحرماً في الشمال ومجرماً في الجنوب.. ومن خلال هذا التنظيم الرائد استمع الناس لبعضهم وشاركوا في الأمر بصور مختلفة وبدأ الناس يتدربون ويتعلمون طرق العمل السياسي والحوار والاستماع للآخر بغض النظر عن القبول من عدمه من هذا لذاك أو العكس.
وقاد هذا التنظيم الرائد التحولات في اليمن سياسياً واقتصادياً وفكرياً متوجاً تلك التحولات بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية - حلم كل الجماهير- وأحد أهم أهداف ثورة سبتمبر 62م وأكتوبر 1963م واقتران الوحدة بالتعددية السياسية والحزبية والرأي الآخر ليشترك الجميع في حكم اليمن وتنميته من خلال الديمقراطية والتسابق على تقديم الأفضل لخدمة هذا الوطن والشعب.
وكان المؤتمر بعد تحقيق الوحدة اليمنية صاحب الانجازات الكبيرة باعتباره التنظيم الذي نال ثقة الشعب الذي فوضه في ثلاث انتخابات برلمانية ورئاسية ومجالس محلية مشتركاً ومؤتلفاً مع القوى الأخرى في أكثر من فترة وحكومة حقق خلالها الكثير من الانجازات على كل المستويات.. وكون الحديث عن الانجازات التي حققها هذا التنظيم وقيادته الرائدة بزعامة المشير /علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام وفي فترة العقود الثلاثة الماضية ليس ما قصدته من هذا الموضوع فهي ماثلة للعيان وموجودة أينما يممت بصرك ولا ينكرها إلا جاحد حتى لو صاحبها أخطاء وقصور ومثالب - لكنها ماثلة للعيان، ويأتي على رأسها:
- تحقيق الوحدة اليمنية - والديمقراطية والتعددية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في كل المجالات الأخرى..
- الحفاظ على الوطن من الانزلاق في المهالك والتشرذم من خلال قبول المؤتمر وقيادته التنازل عن حق مشروع ودستوري و تفويض شعبي في إدارة البلاد إلى 2014م بقبول المؤتمر وقيادته بالمبادرة الخليجية وآليتها بل وصياغتها وتنفيذ ذلك مقدمين مصلحة الوطن على مصلحة التنظيم والأشخاص والامتيازات.. انجازات لو تحدثت عنها لما اتسع المجال لذكرها ولكني أريد الحديث في هذه المناسبة عن التحديات التي يواجهها المؤتمر الشعبي العام وتفرض عليه التعاطي معها بمسئولية وفقاً للتغيير الحاصل والتحولات التي حدثت عام 2011م ومازالت تجر نفسها إلى اليوم لأن الملاحظ لدى الكثيرين عدم وجود أي تحول في أداء المؤتمر وآلياته وقراراته وتوجهاته وفقاً لما هو مطلوب منه وما تقتضيه المتغيرات التي حصلت وكوني انتميت للمؤتمر كتنظيم وفكر ولم أنتمِ إليه لغرض خاص ولا لأجل زيد أو عمرو ولأن الحزبية شر لا بد منه لأجل ذلك فليسمح لي الإخوة في قيادة المؤتمر الشعبي العام أن أكون واضحاً وقاسياً إذا جاز التعبير فالمؤتمر كيان ينتمي إليه الغالبية العظمى من أبناء الشعب وقاد تحولات كبيرة ويمثل فكراً وسطياً بين القوى ذات الرؤى المتشددة في السياسة والدين وغير ذلك.. ولذلك فلا يصح أن يظل يراوح في مكانه ولا يرتب أموره وأولوياته وانتظام قياداته وهيئاته فالتحديات الواجب على المؤتمر وقيادته في المقدمة أن يواجهوها ويتعاملوا معها، من وجهة نظري هي التحديات التالية :
التحدي الأول:
أن يحشد المؤتمر كل إمكاناته وقواه ابتداء من رئيس المؤتمر الزعيم علي عبدالله صالح إلى آخر جماعة تنظيمية لدعم الشرعية الدستورية والشعبية التي تقود اليمن برئاسة المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية - الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام.. وتسخير كل الإمكانات الإعلامية والسياسية والتنظيمية للمؤتمر لدعم رئيس الجمهورية وقراراته ودعم تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة والقرارات ذات الصلة ومتابعة تنفيذ ذلك من كل موقع يوجد فيه مؤتمري أو إمكانية مؤتمرية، وأن يكون المؤتمر وقياداته عوناً لرئيس الجمهورية كون ذلك هو الطريق الذي اختاره المؤتمر وقيادته وكونه معنياً قبل غيره بذلك، لتضيف قيادة المؤتمر إنجازاً تاريخياً آخر يضاف إلى إنجازات المؤتمر وقيادته وهو التفاعل مع المتغيرات والقبول بها - وبتبادل المواقع والمهام والشراكة مع الغير - وتقديم الوطن ومصالحه على مصالح الحزب، وهذا ما تقوم به قيادة التنظيم حتى الآن، لكنني أقصد أن يتم ذلك على أساس عمل مؤسسي وجماعي وآليات منتظمة من اعلى الهرم القيادي مروراً بكل التكوينات القيادية إلى أدنى تكوين وليس على أساس متناثر وفردي يتجاوز الهيئات القيادية والنظام الداخلي .
التحدي الثاني :
اقتناع قيادة المؤتمر (رئيس المؤتمر - الأمين العام رئيس الجمهورية -الأمناء المساعدون) بان الطريقة التي كان يدار بها المؤتمر قبل 2011م لم تعد صالحة ولا مجدية لإدارة المؤتمر في الحاضر والمستقبل وانه من الضرورة تغيير تلك العادة والآلية..
وهذا يعتمد أولاً وأخيراً على رئيس المؤتمر والأمين العام، وقناعتهم بضرورة تغيير تلك الآلية والطريقة التي كانت احد عوامل القصور والتعثر هنا أو هناك ومازالت تلك الطريقة تتحمل سبب الإرباك الذي يعيشه المؤتمر والتي قد تتسبب إذا استمرت في تشظي المؤتمر وانقسامه لا سمح الله أو ظهور خلافات لا مبرر لها..
التحدي الثالث:
على المؤتمر الشعبي العام إن يقر من خلال قيادته التنظيمية (اللجنة العامة) رؤية للمستقبل في الآجل والعاجل تتحدد فيها رؤيته للمستقبل في كل القضايا التي تهم الوطن والتي أصبحت محل الحوار والنقاش بين إطراف العملية السياسية وتنص عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والقرارات الدولية ذات الصلة، والعالم كله على المستويين الاقليمي والدولي يراقب ويتابع ما تم انجازه وفي مقدمة ذلك قضية الجنوب - وصعده - وقضية نظام الحكم ورؤيته للحوار الوطني وكيف يجب أن يسير وآلياته ومواضيعه وأن يقدم رؤيته لمعالجة مشكلة التعليم - المياه - محو الأمية - البطالة.. وغيرها من القضايا التي لم أجد أو ألاحظ أن المؤتمر وقيادته وضعوا رؤية متفقاً عليها وواضحة لمواجهة هذه القضايا.. والتعامل مع هذه الأمور مازال من باب (ما بدا بدينا عليه) وهذا لا يليق بالمؤتمر ولا بقيادته ولم يعد مقبولاً من المنتسبين إليه .
التحدي الرابع:
من أهم التحديات الماثلة أمام المؤتمر وقيادته تتمثل بضرورة تحوله إلى حزب في قراراته وبرامجه وإدارته اليومية والتنظيمية وأن يلتزم الجميع بالنظام الداخلي واللوائح وفي المقدمة القيادة العليا وأن تكون فيه القرارات جماعية ومسؤولية التنفيذ فردية على كل المستويات والأطر وان يكون للرقابة التنظيمية دورها في سير عمل التنظيم .
التحدي الخامس:
الاستفادة من تجارب المؤتمر السابقة ونجاحاته وإخفاقاته في كل مناحي العمل فمن لا يستفيد من تجاربه وتجارب الآخرين سلباً وإيجاباً يظل عمله ناقصاً ويشوبه القصور والأخطاء إن لم يقم بإصلاح الاختلالات التنظيمية على مستوى الأمانة العامة والمحافظات والجامعات بعيداً عن المجاملة والمحاباة ووفقاً لدراسة محايدة ومسئولة لكل حالة وقرارات تتخذها اللجنة العامة .
التحدي السادس:
وضع سياسة إعلامية للمؤتمر واضحة وثابتة يلتزم الجميع بها وعدم تركها للاجتهادات الفردية أو الشللية والمحسوبية أو للفعل ورد الفعل أو تسخيرها لتصفية حسابات هنا أو هناك، سياسة تتناسب وحجم المؤتمر ومكانته ودوره وريادته ومع المتغيرات السياسية والإعلامية والفضاء المفتوح ودور الإعلام الخطير بمهنية واقتدار .
سياسة تحصن كوادر المؤتمر وأنصاره وقوى الشعب الصادقة معه واستطيع القول إن الجميع مازال فريسة سهلة للإعلام المعادي المضلل وغير الوطني في بعض جوانبه.
التحدي السابع:
البحث عن موارد واستثمارات تحفظ للمؤتمر بقاءه وقدرته على الفعل التنظيمي والسياسي والإعلامي بما يتناسب مع حجم المؤتمر ومكانته لدى جماهير الشعب وأن تدار موارده وإمكاناته بصورة رشيدة ومنظمة ومن خلال الآليات التي تضمن أن يذهب كل شيء في طريقه وموقعه .
وتفعيل الرقابة التنظيمية المصاحبة واللاحقة لجمع الموارد وإنفاقها.
فالاعتماد على الدعم الحكومي أو الهبات والتبرعات أو بيع الأصول لا يمكن أن يكون هو الحل الأمثل لمستقبل المؤتمر ومكانته .
والضرورة تقتضي أن تطلع قيادة المؤتمر (اللجنة العامة - الأمانة العامة) وبشفافية على الوضع المالي للمؤتمر الآن وتقييم الأمر وصولاً إلى قرار بمواجهة هذا التحدي الكبير والمهم .
ذلك ما رأيت الإسهام به ونحن نحتفل بالذكرى الثلاثين لقيام هذا التنظيم الرائد.. آملاً أن يفهم الجميع أن حبي للمؤتمر وقيادته والقيادة السياسية هو الدافع لذلك.. وأن من احبك أصدقك ..
في الأخير التهنئة الحارة والمخلصة لقيادتنا السياسية بزعامة المشير عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية ولقيادتنا التنظيمية برئاسة الزعيم المشير علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام بهذه الذكرى العطرة .
والرحمة والخلود لشهيد المحراب والوطن الأستاذ المناضل/ عبدالعزيز عبدالغني
ولكل شهدا الوطن ..
عضو اللجنة العامة
|