د. حسان سعد عبدالمغني ٭ - يحتفل المؤتمريون في 24 أغسطس من كل عام بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام ويصادف 24 أغسطس 2012م الذكرى الثلاثين لتأسيسه والتي تمثل محطة مهمة بل فاصلة من محطات مسيرة المؤتمر، حيث تأتي هذه الذكرى بعد الاحداث التي عصفت بالوطن وبالمؤتمر الشعبي العام وإذا كان المؤتمر قد فقد توازنه عند الصدمة الأولى فإنه سرعان ما استطاع النهوض والثبات أمام كل المؤامرات والدسائس التي حيكت من الداخل والخارج فاثبت للجميع أنه رقم صعب ولا يمكن لأحزاب المشترك او لغيرها تجاوزه في المرحلة الراهنة او القادمة.. ولعل من أهم أسباب ثبات المؤتمر ارتباطه بجذوره الوطنية والجماهيرية فلولا صمود المؤتمر والمؤتمريين وصلابتهم خلال الأزمة لدخل البلد برمته في نفق مظلم أو في أتون حرب أهلية لا يعلم نهايتها إلا الله سبحانه وتعالى ولكن اللطف الإلهي وحكمة وحنكة قيادة المؤتمر استطاعت تجنيب البلاد ويلات الحرب والتمزق .
ولعل الولوج للمرحلة القادمة يتطلب من المؤتمر وقيادته إعادة تقييم للمرحلة السابقة بكل سلبياتها وإخفاقاتها من اجل تشخيص مكامن الخلل التي أوصلت المؤتمر إلى ما وصل إليه وكان ذلك بسبب عدم انتهاج المؤتمر لمبدأ الشفافية ولا تطبيق مبدأ الثواب والعقاب مع أعضائه وقياداته ولم يقم بمحاسبة بعض قياداته السابقة التي فسدت وأفسدت وأكلت الأخضر واليابس ثم تحمل المؤتمر وزر كل ذلك.. وإعادة التقييم للمرحلة السابقة سيجعل المؤتمر يؤسس بنيانه الجديد على أساس صلب مقاوم لكل الصدمات وسيمكنه ذلك من الانطلاق للمستقبل بخطى ثابتة وفق رؤى مدروسة مما يحتم عليه التعامل بمسئولية مع كوادره التنظيمية من مختلف التكوينات القاعدية والقيادية والعمل على أساس حزب سياسي لا تجمع شعبي ومظلة لمختلف التيارات.. كما إن إعادة هيكلة المؤتمر الشعبي العام وفق أسلوب علمي مدروس سيعمل على رفد المؤتمر بدماء شابة جديدة متسمة بالتحديث والتطوير تعمل على التكامل مع خبرات المؤسسين من اجل بث روح النشاط والحيوية في أوساط المؤتمر فالتجديد والتغيير سمة من سمات العصر وعلينا في المؤتمر مواكبة ذلك إن أردنا أن ننتقل بالمؤتمر إلى حزب سياسي برامجي متجدد ومواكب لكل المتغيرات.. وبالنسبة لبعض القيادات القديمة التي أدت واجبها خلال الفترة الماضية ولم تجد لها مكاناً خلال الهيكلة الجديدة فإن المؤمل من المؤتمر تبني إنشاء هيئة شوروية ضمن تكويناته يكون قوامها كل تلك القيادات السابقة التي تمثل الشخصيات الاجتماعية والقبلية والقيادات التنفيذية.
ولعل من راجح القول أن المؤتمر الآن أفضل حالاً كثيراً من السابق فالأزمة التي عصفت بالوطن لم تضعف المؤتمر بل على العكس من ذلك فقد خرج المؤتمر وهو أكثر قوة وصلابة خصوصاً بعد تساقط الفاسدين والمفسدين وهروبهم للأمام فتلك العناصر كانت تمثل نتوءات بل تشوهات في جسم المؤتمر والحمد لله فقد أزيل معظمها خلال الأزمة فالمؤتمر الآن يستطيع السير بخطى ثابتة نحو البناء التنظيمي على أساس حزبي نظراً لكل ما يتمتع به من كفاءات وقدرات لم تستنهض حتى الآن وقد حان استنهاضها فعلى المؤتمر الشعبي العام الاستفادة من كل الأخطاء السابقة وتجاوز آثارها حتى تأتي أي استحقاقات انتخابية قادمة مثل 2014م وهو بكامل جاهزيته كي يثبت للجميع أنه حزب الأغلبية وانه الحزب الذي تعول عليه الجماهير بعملية البناء والتنمية والانتقال بالبلد إلى الأفضل، حيث انه يملك ارثاً تاريخياً وحضارياً ويملك مخزوناً جماهيرياً كبيراً ولو استغل الطاقات التي يمتلكها وأعاد تنظيمها وتفعيلها فلن يقف امامه في الانتخابات القادمة لا حزب الإصلاح ولا أحزاب المشترك.. ويكفينا فخراً أن نقول ان المؤتمر هو الحزب اليمني الوحيد الذي ولد شرعياً من رحم الأرض اليمنية الطاهرة وليس مثل بقية الأحزاب الأخرى التي استمدت ايديولوجياتها من مرجعيات مستوردة من الخارج.
إن المؤتمر يواجه اليوم الكثير من التحديات والاستحقاقات ولعل أهمها ترسيخ ثقافة الانضباط الحزبي بين أعضائه لجميع التكوينات القاعدية والقيادية استعداداً لاستحقاقات قادمة ومنها الاستحقاقات التنظيمية المتمثلة بانتخاب قيادة للأمانة العامة من المؤتمريين المتفرغين للعمل التنظيمي.. كما ان على المؤتمر والمؤتمريين أن يعوا أن القادم يختلف كلياً عن السابق ففي الماضي كان المؤتمر حزباً حاكماً أما الآن فقد أصبح بالمعارضة وهذا يتطلب الكثير من العمل التنظيمي في المرحلة القادمة وبشكل مستمر لا الاكتفاء بالأعمال الموسمية او بالمناسبات فقط فالمرحلة تتطلب العمل المؤسسي الممنهج المتسم بالحيوية والنشاط وتفعيل آلية التواصل والاتصال من اجل إعادة ترتيب صفوف المؤتمريين على مستوى المديريات والمحافظات، وان لا يكون المؤتمري مثل الطالب المهمل الذي لا يذاكر إلا ليلة الامتحان.
يجب أن تكون الاحتفالية بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام تدشيناً للتوجه التطويري والتجديدي للمؤتمر على كافة الأصعدة والمستويات والإعلان بأنه قد آن الأوان للمؤتمر التحول إلى حزب سياسي برامجي حقيقي وليس مظلة أو حاضنة للتيارات الأخرى.. وعلى المؤتمر الولوج للمرحلة القادمة بروح جديدة هدفها الانتقال بالوطن نحو التغيير الحقيقي المنشود لا التغيير المزيف الذي قادته بعض القوى الظلامية والرجعية والقبلية.. ويجب التوجه نحو العمل المؤسسي المدروس بدلاً عن العمل الفردي.. والعمل على تبني سياسة إعلامية مواكبة لمتطلبات المرحلة المتسمة بسرعة التغيير فالمؤتمر هو الحزب القادر على قيادة مسيرة التغيير والبناء التي يتطلع إليها السواد الأعظم من أبناء الشعب اليمني بعيداً عن الشعارات الزائفة والأهداف المضللة.
٭ نائب رئيس جامعة صنعاء لشؤون الطلاب
|